هي مدينة مختلفة سمعت عنها كثيرا دون أن أشاهدها, وأتيحت لي الفرصة أن أرتادها وأعيش عدة أيام قليلة في أروقتها وشاليهاتها, ولا أبالغ إذا قلت إن كل ما في هذه المدينة مصنوع بدقة ونظام ورعاية واهتمام بداية بنظافتها, فلا تجد مهما سرت في طرقاتها أي شيء ملقي علي الأرض أو متروكا مهملا, مبانيها منسقة تجذبك لتقف أمامها وتتطلع إلي نواحي الجمال الذي يسر العين ويبهرها, عدة شاليهات متناسقة موحدة التصميم والمساحة, محاطة بالزرع الأخضر وأشجار النخيل الذي يتدلي من فروعها أنواع مختلفة من البلح الناضج, ولا توجد أسوار تفصل بين هذه الشاليهات سوي الأشجار التي تكون سورا يحمي من العيون التي لا تتطفل علي الآخرين وأمام كل شاليه بيسين خاص وآخر أصغر للأطفال وبعدها بحيرات صناعية, ومساحات واسعة يشعر معها الإنسان أنه في مكان مفتوح وسط مناظر جميلة تتيح له الفرصة للاستمتاع والاسترخاء فلا صوت مزعج ولا شيء يقتحم عليك وحدتك, فقط هدوء كامل, وهذا الهدوء سمة في كل مكان في المدينة.
المدينة بها كل ما يحقق السلامة.. بها مستشفي مجهز بكل شيء, بها دور عبادة من بينها كنيسة رائعة, بها فرع من الجامعة الأمريكية, بها فنادق متميزة, ومبان سكنية وفيلات, وأحياء مختلفة مثل الحي الريفي والحي الراقي ومحال الطعام والساحات الواسعة والمولات وأماكن للسيارات ومجموعة رائعة من اليخوت ومكتب للبريد وبنوك ومدرسة ومنطقة تسوق ومقاه وملاعب عامة وملاعب جولف, ومارينا اليخوت, وأربعة بلاجات.
والجميل أن هناك منطقة نوبية, ومنطقة إيطالية, وإلي جوار كل هذا مكتبة تشمل العديد من الكتب والمجلدات فالقراءة والاطلاع جزء لا يتجزأ من حياة المقيمين في هذه المدينة الراقية, والمرور داخل المدينة يتم في سلاسة وهدوء بلا مشكلات, وعلي ناصية كل ملف يقف رجل يرشد السائر إلي المكان الذي يريد أن يصل إليه في هدوء وأدب جم, الإضاءة متوافرة في كل مكان بالمدينة طوال الليل, وقد لفت نظري وجود أشجار النخيل في كل مكان بالمدينة, تلتفت يمينا أو شمالا أو ترفع عينك إلي أعلي فتجد شجرة نخيل والبلح يملأ فروعها والناس يتناولونه بحرية كاملة خاصة أنه توجد أشجار نخيل قصيرة في متناول اليد, وأمام انتشار النخيل بهذا الشكل أطلقت علي هذه المدينة الجميلة مدينة البلح. وإن كنت لم أعرف سر زراعة النخيل في كل مكان بالمدينة, بقي أن نعرف أن هذه المدينة الجميلة اسمها الجونة التي تقع قبل مدينة الغردقة بحوالي 20 كيلو وقبل أن تصل إليها يواجهك إشارات علي لوحات علي الجانبين ترشدك إليها ولها سيارات أجرة خاصة بها وتستخدم التوك توك كقطع من الزينة في ممراتها ولا تستخدمه للركوب أو السير.