كانت بيت لحم مدينة صغيرة.ولم تزل.ويذكر الكتاب المقدس أنه لم يرد اسم بيت لحم في جدول أملاك يهوذا.أحد أسباط بني إسرائيل الاثني عشر.نظرا لصغرها وعدم أهميتها(يشوع15).ولكن الكتاب المقدس يذكر أن بيت لحم كانت مدفن راحيل زوجة يعقوب ابن إسحق(تكوين35:19).كما أنها كانت مسكننعميزوجة اليمالك وراعوث وزوجها بوعز أسلاف ملوك يهوذا(راعوث1:19).وكانت أيضا مسقط رأس داود الملكالمعروف بداود النبي(1صموئيل17:12)ومدفن آل يوأب(2صموئيل2:32).وقد استولي عليها الفلسطينيون في القديم (2صموئيل2:32),(2صموئيل 23:14-15).ثم حصنها الملك رحبعام(2أخبار11:5).وأعظم ممن ذلك كله أن المسيح,المعروف عند البعض باسم عيسي عليه السلام,ولد فيها حسب النبوات.وفوق سهول بيت لحم سمعت أصوات أجواق الملائكة ترنم عند ميلاد المسيحالمجد لله في الأعالي وعلي الأرض السلام وبالناس المسرة(لوقا2:14) وعند وصولهم إلي بيت لحم حاول يوسف أن يجد مكانا يأويان إليه,فلم يستطع,لأن مدينة لحم الصغيرة ازدحمت بكثرة الوافدين إليها من مختلف نواحي مملكة هيرودس بقصد الاكتتاب.ولما لم يجدوا مكانا,اضطرا للمبيت في مكان حقير مخصص لمبيت الماشية وعندئذ تمت أيام العذراء لتلد,فولدت يسوع,وقمطته وأضجعته في المذود إذ لم يكن لهما موضع في المنزل(لوقا2:7).لقد كان ميلاد المسيح في بيت لحم تتميما لنبوة ميخا النبي القائلة:وأنت يا بيت لحم أرض يهوذا لست الصغري بين رؤساء يهوذا,لأن منك يخرج مدبر يرعي شعبي(مت6:2).وهكذا وبكلمات في غاية البساطة,سجل البشير لوقا أعظم ولادة في التاريخ البشري,لأن تاريخ العالم يتمركز حول هذه الولادة. كل طفل يجئ من أب وأم بشريين.أما المسيح فهو الوحيد في تاريخ العالم كله الذي جاء من غير أب بل من الروح القدس.وفي اللغة العبرية والعربية وأيضا اليونانية نلاحظ أن الاهتمام الأول لسرد حدث معين هو الكيفية وليس التوقيت,وهذا ما نلاحظة في قراءتنا للكتاب المقدس بجميع لغاته,والمسيحيون علي مر العصور تأملوا في قصة الميلاد,وهي قصة محببة للصغار وللكبار,وامتلأت منابرنا بوعاظ أبدعوا في سرد قصة الميلاد,البعض وجد في القصة قصصا,وفي الحكاية حكايات,وفي الحدث أحداثا,وفي الخبر أخبار,وهذا سر كلمة الله نبع يفيض ويفيض دون أن يجف.فما أروعه حدث أن نحتفل جميعا في كل مكان بذكري ميلاد الفادي يسوع,ولكن إن كان المسيح لم يجد مكانا لائقا به وأن يولد فيه فهل تدعوه اليوم أن يولد في قلبك. بيت لحم كانت منشغلة بزوارها الذين جاءوا من كل صوب,وللأسف الكبير أن الكثيرين منا انشغلوا بالزوار,ونسوا طفل المذود وها ما نراه في احتفالنا بذكري عيد الميلاد,فإننا نستقبل الأصدقاء,وبيوتنا تمتلئ بالناس,وننسي صاحب الحفل نفسه!توقف قليلا عزيزي القارئ,أين صاحب المناسبة في حياتك؟هل احتفالك مجرد زيارات وزوار وهدايا وطعام؟هل مجرد أنوار نعلقها علي منافذنا؟ياليتنا يكون احتفالنا من الآن فصاعدا احتفالا مع صاحب المناسبة يسوع!إن لم تستطع أن تنظر أمامك لأن المستقبل لك مجهول,أو إلي خلفك لأن ماضيك مؤلم,فارفع إذا عينيك إلي فوق فتجد الراحة والسكينة,وإن كنت تتعجب من أحداث الحياة من حولك سيأتيك الصوت قائلالست تفهم فيما أنا صانع الآن ولكنك ستفهم فيما بعدفما أكثرهم السنوات التي تضاف إلي حياتنا,ونحن علي أعتاب سنة جديدة بكل توقعاتها من مفاجآت وأحداث,فلا يسعنا إلا وأن نرفع الشكر للرب الذي وعد بأنه لا يتركنا ولا يهملنا.وأخيرا أقول فلا تضطرب قلوبنا ولا تجزع لأن عين الرب علينا من أول السنة إلي آخرها.