أفاد تقرير دولي أن 19% أي ما يقرب من خمس مساحة الشعاب المرجانية علي مستوي العالم فقدت بالكامل نتيجة الضغوط البشرية والطبيعية المتزايدة محذرا من إمكانية اختفاء 35% أخري خلال السنوات الأربعين المقبلة إذا استمرت هذه الضغوط بالطريقة نفسها.
أشار التقرير إلي أن أهم الأخطار التي تتعرض لها الشعاب المرجانية تتمثل في تغير المناخ وما يرافقه من أبيضاض وأمراض وازدياد حموضة المحيطات, وكذلك التلوث وردم السواحل والصيد الجائر, فضلا عن قصور الإرادة السياسية والإمكانات لحماية هذه الثروة.
أصدر تقرير الشبكة العالمية لرصد الشعاب المرجانية بمشاركة أكثر من 372 عالما ومتخصصا للتعرف علي وضع الشعاب ونوعية المخاطر المحيطة بها في نحو 17 منطقة بحرية إقليمية تضم ما يقرب من 100 دولة من بينها 13 دولة عربية تقع شواطئها علي البحر الأحمروخليج عدن والخليج العربي وخليج عمان.
أوضح التقرير أن الشعاب المرجانية كائنات رقيقة وحساسة للغاية, وتتطلب بيئة معيشية محددة ومواصفات أيكولوجية مستقرة وثابتة نوعا ما, خاصة بالنسبة إلي درجة حرارة الوسط المائي والإضاءة, لذا فإن أي تغير في ظروف تلك البيئة يمكن أن يؤدي إلي تعريض قطاعات كبيرة من هذا الموئل للتدمير الكامل.
ويتوقع أن تكون الشعاب المرجانية من أول الأنظمة البيئية البحرية تعرضا للتدمير وأكثرها تأثرا بتداعيات الاحتباس الحراري المسبب للتغير المناخي.
ذكر التقرير الصادر عن الشبكة العالمية لرصد الشعاب المرجانية أن الابيضاض ظاهرة مدمرة للشعاب المرجانية الصلبة, تنتج غالبا من ارتفاع درجة حرارة الوسط المائي فوق المعدلات المحتملة, وهو ما يؤدي إلي هجرة الكائنات الطحلبية المتكافلة مع المرجانيات, والتي تضفي عليها ألوانا زاهية وتمدها بالطاقة والغذاء, من الهياكل المرجانية الصلبة, فتتحول المرجانيات إلي مجرد حجارة مصمتة, لا حياة فيها ولا جمال.
أشار إلي أن العالم شهد تنامي هذه الظاهرة خلال العقد الماضي, حيث ضربت البحار والمحيطات موجات من الابيضاض, أبرزها عام 1998 أدت إلي فناء ما يقرب من 16% من مساحة الشعاب الضحلة علي مستوي العالم, وموجة أخري عام 2002, لكن هذه الظاهرة مرشحة لمعاودة الظهور بشكل أكثر توحشا وبمعدلات أكثر تسارعا في المستقبل بسبب الاحتباس الحراري.
أضاف التقرير أن زيادة حموضة البحار والمحيطات تشكل تهديدا حقيقيا آخر للشعاب, فازدياد نسبة ثاني أكسيد الكربون في الجو يؤدي إلي ذوبان كميات إضافية منه في مياه البحار والمحيطات, فترتفع حموضتها نتيجة تكون حمض الكربونيك, كما سيؤدي في المقابل إلي نقصان نسبة أيونات الكربونات في تلك المياه, ما يعني ضعف نمو المرجانيات الصلبة وعدم قدرتها علي بناء هياكلها الجيرية المكونة أساسا من كربونات الكلسيوم, وهو أمر من شأنه تقلص مساحة الشعاب المرجانية الممتدة عبر سواحل العالم وبالتالي تقلص حجم الخدمات والموارد.
وحول حالة الشعاب المرجانية بالمنطقة العربية, أوضح التقرير أن الشعاب في منطقة البحر الأحمر وخليج عدن تتمتع عموما بحالة صحية جيدة وبكثافة مرتفعة, حيث تصل نسبة الغطاء المرجاني, سواء من المرجانيات الرخوة أو الصلبة, إلي أكثر من 50 في المائة, علي رغم تعرض بعض المناطق لموجات محدودة من الابيضاض, وهجمات نجم البحر ذي التاج الشوكي.
ومن الجوانب المضيئة التي ذكرها التقرير تعافي مناطق كثيرة, خصوصا في السعودية والسودان واليمن, من آثار موجات الابيضاض التي حصلت عام 1998, كما أشار إلي زيادة الجهود والمبادرات الإقليمية والمحلية الهادفة إلي حماية الشعاب المرجانية وإدارة السواحل والثروات البحرية بشكل واضح خلال الفترة الأخيرة.
ومن أبرز النقاط السلبية بشأن شعاب البحر الأحمر التي ذكرها التقرير وجود بعض الدلائل علي مسئولية التغير المناخي عن تدهورها في بعض المناطق. كما تتعرض مساحات كبيرة من الشعاب بالقرب من المدن والمراكز الصناعية الساحلية, خصوصا في مصر والسعودية واليمن, للتدهور والتدمير بسبب أعمال التجريف والردم والتلوث البحري الناتج عن صرف المخلفات الصناعية ومياه المجارير وغيرها بالقرب من السواحل.
في الخليج العربي وخليج عمان أشار التقرير أيضا إلي نقاط إيجابية وأخري سلبية, فقد تعافت نسبة من الشعاب التي تعرضت لإعصار جونو في صيف 2007, وتحسن بعضها بدرجة كبيرة, كما ازدادت المبادرات والجهود الرامية لحماية شعاب المنطقة بشكل كبير خلال السنوات الخمس الماضية, ولا سيما في الإمارات وقطر وإيران, وازدادت درجة التنوع الإحيائي والغطاء المرجاني, خصوصا قرب جزر هلول في قطر وياسات ودلما في الإمارات.
أوضح التقرير بشكل واضح إلي التأثير السلبي لعمليات التنمية الساحلية والمشاريع السياحية والعمرانية الجارية علي امتداد سواحل الإمارات وقطر والبحرين, بما تتضمن من ردم وحفر للسواحل, ومسئولية ذلك عن تدهور مساحات شاسعة من الشعاب المرجانية القريبة منها, كما لفت النظر إلي الدمار الواسع الذي أحدثه إعصار جونو في صيف 2007, وتسببه في اختفاء قطاعات كبيرة من الشعاب المرجانية, خصوصا في خليج عدن.
طالب التقرير باتخاذ السبل العاجلة من أجل وقف آثار التغير المناخي وبالتالي إنقاذ الشعاب المرجانية من أخطار تداعياته المحتملة وتحسين مستوي الإدارة الساحلية, والعمل علي تضمين شعاب مرجانية جديدة داخل حدود المحميات البحرية القائمة, ودعا إلي وضع خطة عمل تنفيذية خاصة بحماية الشعاب المرجانية في كل دولة أو إقليم, مع إدخال خطط العمل القائمة إلي حيز التنفيذ, وتدبير الدعم المادي والعلمي اللازمين لتفعيلها وتشديد الجهود المشتركة والبيئة من أجل تحقيق إدارة ساحلية رشيدة, علما أن هناك عددا كبيرا من الدول العربية التي تشرف سواحلها وحدودها البحرية علي مساحات ممتدة من الشعاب المرجانية والموائل الأخري.
كما دعا إلي العمل علي زيادة الوعي البيئي بين العامة, عن طريق المنشورات والتعاون مع وسائل الإعلام, وتنظيم ندوات وورش عمل دورية للتوعية والإعلام العلمي.