قالت مندوبة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة سوزان رايس إن حكومة الرئيس أوباما تدرك أن رخاء وأمن أمريكا ##مرتبطان ارتباطا وثيقا## برخاء وأمن الناس في كل مكان في العالم, وأنها تقوم بـ ##تغييرات بارزة ملموسة## باتجاه العمل المتعدد الأطراف في تعاطيها مع الأمم المتحدة.
وقالت رايس في خطاب ألقته في جامعة نيويورك بولاية نيويورك يوم 12 أغسطس الجاري: ##لقد عادت الولايات المتحدة. إننا نعمل بحماس وتصميم لأننا نعرف أن التغيير الذي حدث في أميركا يمكنه أيضا تغيير العالم. ووقت العمل هو الآن. إن التحديات التي نواجهها هائلة, ولكن الفرص أكبر بكثير وسوف نغتنمها##.
وقالت المندوبة الأمريكية إن تحديات عالمية استثنائية, مثل أخطار انتشار الأسلحة النووية والتغير المناخي والأوبئة والأزمة المالية العالمية تهدد أمن الولايات المتحدة في القرن الحادي والعشرين.
وقالت رايس: ##لو كان هناك وقت للتعاون المتعدد الأطراف الفعال بهدف تحقيق المصالح الأمريكية ومستقبل مشترك يتميز بقدر أكبر من السلام والرخاء, فهذا الوقت هو الآن.## وأضافت أن التعاون يتطلب وجود عدد أكبر من ##الدول الديموقراطية المقتدرة## المتمتعة بالإرادة السياسية لمواجهة التحديات التي تتجاوز حدود الدول.
ولكن رايس, التي عملت مستشارة للشئون السياسية الخارجية في حملة أوباما الرئاسية في العام 2008, قالت إن حكومة الرئيس أوباما تعترف ##بالحقيقة البسيطة## المتمثلة في أنه إذا أرادت الولايات المتحدة من دول أخري أن تتعاون معها بشأن التهديدات التي تعتبرها الأكثر إثارة للقلق, فإن علي الولايات المتحدة أن تتعاون كذلك مع هذه الدول بشأن التحديات الأشد إثارة للقلق بالنسبة إلي هذه الدول.
وأعلنت رايس في خطابها: ##بالنسبة للكثير من الدول, فإن هذه التهديدات هي أولا وأخيرا الأمور التي تؤذي البشر في حياتهم اليومية: الفساد, النزاع, الفقر, المرض وانعدام التعليم والفرص.##
وأضافت: ##حين نظهر التزامنا بمجابهة التهديدات التي تهدد الكثير من الدول الأخري; وحين نستثمر في حماية حياة الآخرين; وحين نعترف بأن الأمن القومي لم يعد مجرد عملية تعتبر فيها مكاسب طرف خسارة للآخرين; فإننا حينئذ نعضد من إرادة الدول الأخري ورغبتها في التعاون معنا في القضايا الأكثر حيوية بالنسبة إلينا.##
وقالت رايس إن الأمم المتحدة, في وضعها المثالي, تقوم بمساعدة المجتمعات علي إعادة بناء نفسها بعد تعرضها للدمار بسبب النزاعات والكوارث الطبيعية, وترسي الأسس لإقامة أنظمة الحكم الديمقراطية والتنمية, وتوجد الظروف التي يستطيع فيها الناس العيش بكرامة واحترام متبادل.
وقالت إنه في الوقت نفسه, فإن حكومة الرئيس أوباما تدرك أن الأمم المتحدة ليست كاملة, فهي تعاني من انقسامات في مجلس أمنها, الأمر الذي أدي إلي التأثير في ردودها علي اندلاع أزمات في أماكن مثل دارفور وزمبابوي وبورما; كما تعاني من النقاشات التي تمثل نوعا من ##المسرح السياسي## الذي يؤدي إلي الانحراف عن السبيل السوي في جمعيتها العامة التي تستهدف إسرائيل ##بصورة غير عادلة##; وهي تعاني أيضا من نظام يتسم ##بالهدر وإساءة استعمال الموارد## مما ينبغي مجابهته ولكن, في الوقت نفسه, يفي ##بمسؤوليات جسيمة جديدة.##
وحددت رايس عدة نهوج تميز طريقة التعاطي الجديدة للولايات المتحدة مع الأمم المتحدة في عهد إدارة الرئيس أوباما.
وقالت إن حكومة أوباما تلجأ إلي الأمم المتحدة للترويج للمصالح القومية الأساسية للولايات المتحدة في مجالات مثل انتشار الأسلحة النووية, الترويج للاستقرار والأمن في العراق وأفغانستان واستعمال قوات حفظ السلام في أرجاء العالم المختلفة لمنع تأجج النزاعات العنيفة ومظاهر انعدام الاستقرار المحيطة ببعض الدول.
ثانيا, إن الولايات المتحدة تشارك الآن في مجلس حقوق الإنسان التابع للمنظمة الدولية بعد أن كانت رفضت في البداية احتلال مقعد في هذا المجلس. وإذ أقرت رايس بوجود نواقص في هذه الهيئة التي لا تتم فيها ##محاسبة الزعماء الديكتاتوريين علي سجلات قمعهم وحيث لا تسمع أصوات المواطنين المعرضين لانتهاكات حقوقهم, وحيث تتواصل مهاجمة إسرائيل المتسمة بصورة مفرطة وغير مثمرة.## ولكنها قالت إن رفض الولايات المتحدة المشاركة في المجلس لم تحقق أية نتيجة.
وقالت رايس: ##إن التغيير الحقيقي لا يتأتي من الجلوس علي الهوامش. بل إن التغيير الحقيقي يمكن أن يأتي فقط عبر الدبلوماسية الدؤوب والقائمة علي أساس المبادئ. وهكذا فإننا سنعمل بكد لتقليص الانقسامات المعتادة. وسوف نطالب بمعاملة عادلة لإسرائيل. وسنقوي أصوات أولئك الذين يقاسون في ظل أكثر أنواع الأنظمة وحشية. وسوف نقود عن طريق القدوة وذلك عبر ما نقوم به من أفعال في الوطن ودعمنا لأولئك الذين يخاطرون بحياتهم من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في الخارج.##
جدير بالذكر أن حكومة أوباما, رغم مرور سبعة أشهر فقط علي وصولها للسلطة, قامت بتغيير عدة سياسات أمريكية سابقة عن طريق تبنيها لأهداف التنمية للألفية التي وضعتها الأمم المتحدة, وهو ما يسمح للولايات المتحدة بتمويل برامج تدعم خدمات تنظيم الأسرة والصحة الإنجابية, والمساهمة في تمويل صندوق السكان التابع للأمم المتحدة, وتوقيع اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بحقوق الأفراد الذين يعانون من الإعاقات ودعم بيان أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة تعارض فيه العنف والتمييز القائمين علي التوجه الجنسي للفرد, ووقف الاعتراض علي أي بيانات تتضمن الإشارة إلي الصحة الإنجابية أو محكمة الجنايات الدولية.
وأعلنت رايس أن الولايات المتحدة ستفي بالتزاماتها تجاه الأمم المتحدة, مضيفة أن ##التزاماتنا المالية للأمم المتحدة هي التزامات قائمة علي معاهدة وقعناها ونحن ملتزمون بالعمل مع الكونجرس لدفعها بالكامل في الوقت المحدد للسداد.## يذكر أن الكونجرس سمح للحكومة الأمريكية بدفع المتأخرات عليها للفترة بين 2005 و2008 سواء لناحية الميزانية العادية للأمم المتحدة أو ميزانية قوات حفظ السلام الدولية, وقالت رايس إن التزامات واشنطن للمنظمة الدولية للعام 2009 ستدفع بالكامل أيضا.
وكشفت رايس النقاب عن أنه في طلب حكومة الرئيس أوباما الذي سيتم تقديمه للكونجرس قريبا, ضمنت الحكومة هذا الطلب بنودا تبقي علي دفعاتها للأمم المتحدة مستوفاة في موعدها وتسمح لنا بالسير قدما نحو إنهاء ممارسة دفع فواتيرنا للأمم المتحدة والعديد غيرها من المنظمات الدولية متأخرين سنة أو نحو ذلك, وهي ممارسة بدأت في ثمانينيات القرن الماضي.
وقالت رايس إنه عن طريق القيادة المسؤولة, ولهجة تنم عن الصدق والاحترام, ##والسياسات البراجماتية والمبدئية## وعن طريق التقيد بالقواعد التي تتوقع من الدول الأخري التقيد بها, ستقوم حكومة أوباما ببناء ##الإرادة السياسية لدي الدول الأخري للعمل معها في مجابهة التحديات
يو إس جورنال