يقول القديس أمبروسيوس أسقف ميلان في عظته الميلادية: من أحب الإله, فليزين نفسه بحفظ وصاياه, ليري إيماننا الحقيقي به, فيسر بنا كثيرا, إذ يري طهارتنا الروحية, فلنصن قلوبنا بالعفاف قبل كل شئ, ولنقدس أرواحنا, ولنستقبل مجيئ السيد القدوس المولود من العذراء الفائقة الطهارة, ولنكن نحن عبيدا أنقياء, لأن من يظهر دنسا في ذلك اليوم فهو لا يحترم ميلاد المسيح بل يحضر إلي حفلة السيد بالجسد, وأما روحه فتبقي بعيدة عن المخلص, لأن الرجس لا يشترك مع القديسين, ولا البخيل مع الكريم الرحيم, ولا الفاسد مع البتولي….
يعود إلينا الميلاد في كل عام فيعيد الشعور بأن يد الحنان الإلهي تمتد من جديد وتمسح ما اقترفنا من شرور, وتضمد جراح ما عانينا من آلام, فلا تلبث أن تتفتح في أعماقنا حياة جديدة مملوءة بالرجاء يدرك معها الإنسان أنه عزيز علي قلب الله الذي بسط عليه جناح رحمته, وتناهي في حبه حتي إنه ارتضي أن يتكون من أجله ويصير جنينا في أحشاء العذراء مريم, فولد منها يسوع الطفل مشتهي الأجيال… ففي ذكري ميلاد ذلك الطفل العجيب الله يريدك أيها الإنسان في بهاء مجده, في حضرته… لكنك لا تستطيع أن تكون هناك إن لم تفرغ مكانا للرب في قلبك تفرغ ذاتك من أنانيتك وكبريائك عندئذ ترتفع حيث الله ساكن, فيوم الميلاد هو يوم المصالحة مع الله والقريب والذات وبهذه المصالحة يتمجد الله ويفرح ويسر الإنسان… كما تظهر إرادة الله كما هي, وبالميلاد أيضا يبرهن أن الله معنا وأتي ليحمل أثقالنا ويشفي أمراضنا. فالكلمة صار جسدا وحل بيننا, ورأينا مجده مجدا كما لوحيد من الآب مملوءا نعمة وحقا (يوحنا1:14)…
هذه هي بشرانا في الميلاد, فرح عظيم لأن الله محب ولأنه يريدنا أن نحيا, ولقد جاء ليكون معنا وليعمل معنا ولنتمجد معه أي يكون في مجده معنا, ونكون نحن حيث هو فالمجد لله في الأعالي وعلي الأرض السلام وفي الناس المسرة.