طرح الإخوان لمبادرة للحوار مع الشباب القبطي أثار العديد من علامات الاستفهام حول أسباب طرح الإخوان لهذه المبادرة في هذا التوقيت؟ ولماذا يريد الإخوان الحوار مع الأقباط من خلال الكنيسة؟ وهل يتحاور الإخوان كفصيل سياسي أم ديني؟ وما جدوي الحوار في ظل عدم كشف الجماعة من موقفها في بعض القضايا الخاصة بقضايا المواطنة.. وطني حاولت كشف حقيقة ما وراء هذه المبادرة من خلال هذا التحقيق..
شباب أقباط
في أول رد فعل من جانب الشباب القبطي علي مبادرة الإخوان أعلن مجموعة من الشباب المسيحي رفضهم للمبادرة لعدة أسباب حملها بيان لهم قالوا فيه: مع تقديرنا الكامل واحترامنا لجماعة الإخوان المسلمين كأخوة لنا وشركاء معنا في الوطن الواحد, فإننا نتحفظ علي هذه الدعوة بناء علي ما يلي:
- نحن شباب – في الوطن والحياة السياسية – مصريون فقط, ومتمسكون بأن تكون قاعدة الحوار بيننا وبين أي طرف آخر, مبنية علي مواطنتنا وليس ديننا.
- نحن شباب مؤمن بمدنية الدولة ونحترم جميع الأديان ونجلها, ونترفع بالدين عن أن يختلط بالسياسة.
- ليس لدينا أي مخاوف, فجميع شركاء الوطن هم إخوتنا.. نحن نخاف الله وحده.
نحن في حاتنا المدنية ننتمي إلي اتجاهات وتيارات كثيرة وسط إخوتنا المصريين في مختلف الأحزاب والقطاعات والجهات.
نعتذر مرة أخري عن عدم قبول دعوتكم هذه المرة علي أساس أنها من منطلق ديني, علي أن نلتقي جميعا كمصريين وطنيين, كمثال لقائنا واتحادنا معا بميدان التحرير في ثورة 25 يناير العظيمة.
الواي ينفي الحوار
نفي سامي إرميا رئيس جمعية الشبان المسيحيين الواي ما روج له جماعة الإخوان المسلمين عن عقد جلسات للحوار مع شباب الواي, وقال: عقب الإعلان عن مبادرة الحوار جاء الدكتور سمير عليش مدير دعم المنظمات غير الحكومية وقال نريد إجراء الحوار تحت مظلة الواي وطالبنا أن يكون هناك حوار علي أساس العدالة لكل المصريين.
لعبة النظام السابق
الدكتور عماد جاد الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية قال: مبادرة الحوار هي محاولة للإخوان للتعامل باعتبارهم القوي الرئيسية التي تحكم المجتمع والتوجه للكنيسة هي محاولة لتأكيد أن الأقباط أقلية دينية وأن الكنيسة تمثلهم وهي مخادعة صريحة ولا يمكن أن يكون الحوار مع الشباب الأقباط لأنهم لا ينحصروا في الكنيسة, فالشباب القبطي لهم توجهات مختلفة داخل الأحزاب والمنظمات المدنية والحركات السياسية ولذا كان يجب توجيه هذا الحوار إلي القوي الوطنية السياسية التي بها ممثلين أقباط وليس حوار مع الكنيسة.
أضاف جاد: الإخوان يلعبون لعبة النظام السابق في محاولة لإضفاء الدور السياسي علي الكنيسة وهذا الأمر ترفضه الكنيسة نفسها التي تدفع بشبابها إلي المجتمع المدني.
الحدود والتعازير
رفض الصحفي والكاتب صلاح عيسي رئيس تحرير جريدة القاهرة الأسبوعية فكرة مسمي مبادرة الحوار قال: الإخوان المسلمين ليسوا ممثلين للإسلام أو المسلمين حتي يتحاوروا مع الكنيسة التي لا تمثل الأقباط أيضا وإذا كان الإخوان فصيلا سياسيا يسعون للحوار فهناك منظمات مصرية وأحزاب وحركات سياسية واجتماعية وشخصيات لها روية تتعلق بمدنية الدولة, والأقباط هم فصيل سياسي أعضاء في هذه المؤسسات والأحزاب, فالحوار يجب أن يشمل المسيحيين والمسلمين علي أرضية الدولة المدنية.
أضاف عيسي: إذا كان الإخوان يقولون إن الأقباط لهم ما لنا وعليهم ما علينا, فهذا شعار غامض لأنه تكمن في تفاصيله أشياء كثيرة يجب أن توضحه جماعة الإخوان مثل إذا كان الأقباط لهم ما لنا فهل لهم الحق في بناء الكنائس بشكل حر مثل بناء المساجد؟ وهل يتمسك الإخوان بتطبيق الشريعة علي الأقباط والمسلمين حتي لو يتناقض ذلك مع حقوقهم وهل تصون الشريعة حقوق الأقباط أو البهائيين أو غيرهما..
تساءل عيسي عن موقف الإخوان من مسألة التعزير في الشريعة الإسلامية التي تتيح لولي الأمر تحديدها واستبدال الحدود بما يستبدل بالقانون الوضعي المدني, في عام 1883 قال محمد عبده إن من حق ولي الأمر استبدال الحدود بالتعزير أي استبداله بالعقوبات المدنية.
أشار عيسي: إذا كانت الشريعة فتحت باب الاجتهاد في هذه المسألة من واقع الزمان والمكان فلماذا يصر الإسلاميون علي غلق الاجتهاد والسير علي الماضي وعدم فتح العقول للتجديد والاجتهاد بما يحفظ حقوق الإنسان والأقليات وأصحاب الديانات المختلفة وماذا عن موقف الإخوان من قضية الجزية التي يتم إثارتها من حين لآخر وهنا نقف أمام اتجاهين إسلاميين اتجاه يرفض الجزية علي اعتبار أنه مع عصر الفتح الإسلامي تحولت الجزية إلي دفع ضرائب مثل المسلمون والاتجاه الآخر يطالب باستمرار الجزية فهذا وذاك تيار إسلامي فما موقف الإخوان وما موقفه من المادة الثانية.
أكد عيسي: الحوار لا يجب أن يكون بين فصيلين دينيين أي الإخوان والكنيسة بل علي مستوي الأحزاب ويجب أن يكون علي قاعدة الدولة المدنية فمن غير المقبول الحديث عن تطبيق الحدود في القرن الواحد والعشرين مع تعزيز حقوق الإنسان وكرامته, كما أن موقف الإسلاميين من رئاسة القبطي والمرأة مازال محل جدل وهذاأيضا راجع إلي عدم الاجتهاد لأن رئيس الدولة قديما مسلم لأنه والي كان يقيم الصلاة ويأخذ قرار حرب بمفرده أما الآن فرئاسة الدولة لم تصبح ولاية بل وظيفة وقرار الحرب لا يصدر إلا بناء علي موافقة المجلس الأعلي للدفاع ومجلس الشعب أي أن أحكام الشريعة لا تطبق في ذلك الوقت وتحول الأمر إلي وظيفة يجوز إلي أي شخص غير مسلم توليها, ولذا يجب أن ندفع بالفصائل الإسلامية إلي هذه الاجتهادات لإزالة إشكاليات الدولة الحديثة والوصول إلي قاعدة بناء الدولة المدنية.
تكريس للدولة الدينية
قال المفكر السياسي كمال زاخر: هذه مناورة سياسية الهدف منها اختراق الجدار القبطي وإضفاء شرعية للإخوان من خلال الكنيسة والانتقاص من مواطنة الأقباط باعتبار أنهم ذميين تمثلهم الكنيسة ويسعي الإخوان إلي معالجة ما ظهر في الاستفتاء من حجم الأقباط والمستنيرين وذلك بقربهم للكنيسة وهو ما يصل برسالة للبسطاء أنه بمقابلة البابا يتم تحييد الأقباط وهذا ما أدركه قداسة البابا شنودة.
أكد زاخر: مبادرة الحوار الإخوانية لها دلالات خطيرة وكأن الإخوان يمثلون المسلمين والكنيسة تمثل الأقباط وهذا يعني تكريس للدولة الدينية الذي يسعي الإخوان لتكريسها.
أرضية مدنية
أما أحمد بهاء شعبان عضو حركة كفاية فأكد بالقول: أنا مع كل حوار ولكن بشرط أن يتم علي أرضية مدنية بين مصريين لا يفصل بينهم أو يميز بينهم أي شيء وليس علي أساس ديني لأن الحوار علي أساس ديني يؤدي لمخاطر كبيرة ويطيح بمبادئ المواطنة, فالدولة الحقيقية القوية يجب أن تقوم علي ديموقراطية ومدنية تقبل التنوع الفكري والديني والإنساني وقيم التسامح والقبول ونبذ العنف والخروج من نطاق العقيدة الدينية إلي نطاق أوسع للقبول الإنساني وفصل الدين عن السياسة.