تبدأ رحلة مياه نهر النيل داخل النظام المائي لمصر عندما تنطلق من خلف السد العالي بناء علي الاحتياجات المطلوبة للقطاعات المختلفة, وبعدها يتم استخدامها إما عن طريق محطات طلمبات علي طول مجري النيل أو عن طريق توزيعها إلي الرياحات والترع الرئيسية أمام القناطر.
85% من مياه النيل التي تحصل عليها مصر والسودان تأتي من المرتفعات الإثيوبية, ويكتسب نهر النيل أهمية رئيسية بالنسبة لمصر حيث يعتبر المورد الرئيسي للمياه في مصر إذ تبلغ حصة مصر من مياهه 55.5 مليار متر مكعب تمثل 79.3% من الموارد المائية وتغطي95% من الاحتياجات المائية الراهنة, كما تعتمد الزراعة عليه بشكل أساسي بالإضافة إلي كونه من أهم طرق النقل الداخلي. حيث يوجد به أكثر من 2000 كيلو متر صالحة للملاحة النهرية مقسمة بين النيل وروافده, ويتم الاستفادة من تدفق مياهه في مشروعات توليد الكهرباء اللازمة لإقامة بعض الصناعات مثل الأسمدة والألومنيوم.
تعرضت مصر للعديد من الفيضانات العالية التي كانت تتسبب في خسائر كبيرة في الأرواح والمحاصيل. حيث كانت مياه النيل تنساب من حدود مصر الجنوبية حتي البحر المتوسط دون إعاقة بل كانت علي طبيعتها ترتفع وتنخفض مناسيبها تبعا للإيراد المائي الطبيعي, وكان من أعلي هذه الفيضانات عام 1878 والذي سجل رقما قياسيا. حيث حدث قطع في فرع دمياط شمال زفتي تسبب في زحف الفيضان شمالا حتي بلغ البحر, وفيضان عام 1863 والذي تسبب في غرق كثير من البشر والماشية, وفيضان عام 1946 والذي مر إلي البحر دون حدوث قطع بجسور النيل, وكان لخزان أسوان دورا مهما في تخفيض المياه التي اجتازت مصر إلي البحر إبان ذروة الفيضان.
بعد إنشاء السد العالي طرأت فيضانات عالية أعوام 1964- 1975- 1988 فساعدت إمكانيات حجز السد في توفير كميات كبيرة من المياه.
فيما يتعلق بخزان أسوان تم بناؤه عام 1899 وانتهي العمل فيه 1906, وتمت تعليته مرتين آخرها عام 1926 ليحجز المياه الزائدة في موسم الفيضان ليتم استخدامها لاحقا, إلا أن كمية المياه التي كان يحتجزها كانت بالكاد تكفي احتياجات عام واحد فقط, ولذا فقد بني السد العالي أو ما يطلق عليه سد أسوان العالي خارج حدود مدينة أسوان نظرا لاختلاف إيراد نهر النيل من عام لآخر, إذ يصل إلي نحو 150 مليار متر مكعب أو يهبط إلي 42 متر مكعب سنويا, وهذا التفاوت الكبير من عام لآخر يجعل الاعتماد علي التخزين السنوي أمرا بالغ الأهمية حيث يمكن أن تتعرض الأراضي الزراعية للبوار وذلك في السنوات ذات الإيراد المنخفض.
بدأ العمل في بناء السد العالي في 9 يناير عام 1960 وتم الانتهاء من تنفيذ المرحلة الأولي في 16 مايو عام 1964 وفيها تم تحويل مجري نهر النيل, وتم الانتهاء من تنفيذ المرحلة الثانية في 15 يناير عام 1971, وكان لإنشاء السد العالي العديد من الفوائد الاقتصادية نذكر منها ما يلي:
* الحفاظ علي حصة مصر من مياه النيل 55.5 مليار متر مكعب سنويا.
* زيادة مساحة الرقعة الزراعية في مصر بحوالي 1.2 مليون فدان وتحويل 970 ألف فدان من نظام الري الحوضي إلي نظام الري الدائم مما زاد من إنتاجية الفدان.
* التوسع في زراعة الأرز إلي 700 ألف فدان سنويا.
* تحسين الملاحة النهرية علي مدار السنة.
* توليد طاقة كهربائية جديدة تصل إلي 10 مليارات كيلو وات سنويا تم استغلالها في إنارة القري والمدن وأغراض التوسع الزراعي والصناعي.
وقاية البلاد من أخطار الجفاف في السنوات الشحيحة الإيراد مثلما حدث في الفترة من عام 1979 إلي عام 1987.
* وقاية البلاد من أخطار الفيضانات العالية مثل الفيضان المدمر الذي حدث عام 1964 والفيضان الأكثر خطورة الذي حدث عام 1975.
ويرتبط النيل في أذهان المصريين بالعديد من المشروعات العملاقة التي تعتمد عليه نذكر منها علي سبيل التذكرة:
* مشروع تنمية جنوب مصر: والذي يعتبر من أهم أهدافه إضافة مساحات جديدة من الأراضي الزراعية والتي يمكن أن تصل مستقبلا إلي حوالي مليون فدان, إقامة مجتمعات زراعية وصناعية متكاملة, إنشاء مجتمعات عمرانية جديدة جاذبة للأيدي العاملة, إنشاء وتطوير شبكة من الطرق الرئيسية والفرعية وإنشاء مطارات بالمنطقة, تشجيع النشاط السياحي في مناطق المشروع, ويعتبر مشروع توشكي من أهم مشروعات تنمية جنوب مصروالذي بدأ عام 1997 في التاسع من يناير, وتقوم فلسفة المشروع علي فتح مجالات الاستثمار في المشروع للجميع سواء علي المستوي القومي والمحلي والمشتركين وإعطاء الفرصة لكافة المستثمرين للإسهام في إقامة وتشغيل البنية الأساسية التحتية أو الوحدات الإنتاجية والخدمية التي تتطلبها المجتمعات الجديدة ومن ناحية أخري يتم تنفيذ خطة التنمية المنشودة لجنوب الوادي في إطار خطة قومية تحقق المصالح الوطنية بمفهومها الواسع الذي يستهدف خلق فرص عمل مناسبة وكافية تحقق رفاهية المجتمع ونموه ليصبح استغلال مفيض ومنطقة توشكي العنصر الفعال والحاكم في تنمية جنوب الوادي اقتصاديا واجتماعيا ولزيادة المساحة المأهولة للأجيال القادمة أملأ في مستقبل أفضل.
* مشروع تنمية شمال سيناء: والذي يعد أحد المشروعات القومية العملاقة التي تنفذها وزارة الموارد المائية ويهدف المشروع أساسا إلي تقوية وتدعيم سياسة مصر الزراعية بزيادة الرقعة الزراعية والإنتاج الزراعي, إعادة توزيع وتوطين السكان بصحراء مصر, ربط سيناء بمنطقة شرق الدلتا وجعلها امتدادا طبيعيا للوادي, واستغلال الطاقات البشرية للشباب في أغراض التنمية الشاملة, وتقدر الاحتياجات المائية السنوية اللازمة لاستصلاح واستزراع 620 ألف فدان علي مياه ترعة السلام وترعة الشيخ جابر الصباح بنحو 4.45 مليار متر مكعب من المياه المخلوطة بين مياه النيل العذبة ومياه الصرف الزراعي بنسبة 1:1 بحيث لا تزيد نسبة الملوحة علي 1000 جزء في المليون مع اختبار التراكيب المحصولية المناسبة.
بحيرة ناصر: هي إحدي أكبر البحيرات في العالم, وثاني أكبر بحيرة صناعية في أفريقيا بعد بحيرة الفولتا العليا في غانا, وتتميز بحيرة ناصر بأنها في منطقة صحراوية شبه جرداء علي عكس البحيرات الصناعية الأفريقية الأخري التي تنتشر الغابات من حولها, وتكونت بحيرة ناصر في أقصي الجنوب نتيجة لتخزين المياه أمام السد العالي ويبلغ طولها 500 كليو متر, منها 350 كيلو متر داخل مصر بحيرة ناصر و150 كيلو متر داخل السودان بحيرة النوبة كما تبلغ مساحتها حوالي 6 آلاف كيلو متر مربع, وسجلت الدراسات الخاصة بالثروة السمكية نحو 57 نوعا من الأسماك تنتشر في البحيرة وتنتمي إلي فصائل مختلفة, وأهم الأصناف: البلطي, النيلي, البلطي الجليلي, الساموس, كلب السمك, اللبس, البني.