يبلغ عدد مزودي خدمة الإنترنت في مصر 220 شركة تقدم خدماتها إلي 6 ملايين و990 ألف مشترك العام الماضي, وقد مثل انقطاع الإنترنت مشكلة كبيرة لكثير من الشركات والأعمال التي تعتمد علي الإنترنت. ويدور تساؤل مهم ماذا لو انقطع الإنترنت مرة أخري أو بشكل كامل عن مصر وما سيكون الحل؟ وما الطرق البديلة التي يمكن من خلالها الاطمئنان والتقليل من خسائر المؤسسات الاقتصادية التي تعتمد علي هذه التكنولوجيا؟ فخسائر شركات الإنترنت وحدها من وراء الشهر التعويض الذي أقرته وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات يتجاوز 60 مليون جنيه تقريبا.
قال الخبراء في تكنولوجيا المعلومات إن البورصة المصرية لم تتأثر بما حدث في خط الإنترنت بشكل كبير وذلك لأن البورصة تعمل من خلال خط ربط منفصل وخاص بها وليس له علاقة بشبكة الإنترنت لذلك تمت التعاملات داخل البورصة دون أية مشاكل لأن هناك اتصالا بين البورصة وشركات السمسرة هذا الخط كان يعمل بشكل طبيعي وكذلك خط الاتصال بين شركات السمسرة وشركة مصر للمقاصة كان يعمل دون أية مشاكل وبالتالي حركة التداول تمت بشكل عاد.
أشاروا إلي أن ما ينطبق علي البورصة المصرية ينطبق أيضا علي البنوك التي تعتمد في جزء كبير منها علي شبكة منفصلة تستطيع إدارتها بشكل جيد وبما يساعد علي تلافي أي عطل مفاجئ, وبما لا يشعر عملاء البنك بوجود أي تأثير لانقطاع الإنترنت عليها وهذا ما حدث تحديدا حينما انقطعت الكابلات البحرية.
وذهبت آراء كثيرة لتفسير سبب انقطاع الكابلات البحرية بين نظرية المؤامرة والقول بإنها بروفة لضرب إيران, وذهب البعض ليفسر انقطاع الكابلات بتهالكها وعدم صلاحيتها, ففي حين رجح المهندس ناجي أنيس مدير مشروع الكابل البحري بشركة أوراسكوم تيلكوم, أنه إحدي السفن تسببت في قطع الكابلات البحرية الثلاثة, موضحا أن السفن تلقي بالهلب قطعة تساعد السفينة في التوقف عن الحركة, والبعض يعتقد أنها تلقيه في الماء عند توقفها تماما, وهذا غير صحيح. وأضاف: الهلب الخاص بأية سفينة يلقي في البحر بزاوية 45 درجة, وتسير السفينة مسافة تصل إلي خمسة كيلومترات لحين توقفها نهائيا, ويقوم الهلب بكسح أي شئ أمامه في قاع البحر علي مدي تلك المسافة, كما أن بعض السفن يقوم بإلقاء الهلب للحفاظ علي توازنها عند سوء الأحوال الجوية, وهو ما يرجح قيام إحدي السفن المخالفة للممرات المائية المتبعة بالتسبب في قطع الكابلات الثلاثة.
ذهبت آراء أخري عملية القطع كانت بفعل فاعل أو ربما بسبب نشاط عسكري من دول أجنبية في المنطقة التي حدث بها القطع وهي منطقة مياه دولية, ناجمة عن مرور غواصات بها أو استخدام قذائف الأعماق في مناورات سرية.
ولم تستبعد تلك الآراء أن يكون الهدف من وراء ذلك إحداث هزة اقتصادية لدول المنطقة أو لأهداف أخري, حيث تدرس جهات التحقيق المصرية حاليا كافة الاحتمالات مستعينة بصور الأقمار الصناعية لحركة السفن والأحوال الجوية والنشاط الزلزالي في المنطقة التي حدث بها قطع الكابلين. وعلي الرغم من أن قيادات وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات في مصر استبعدت نظرية المؤامرة في قطع الكابلين, إلا أن الدكتور طارق كامل, وزير الاتصالات عاد ليكون أكثر ميلا لوجود شبهة تعمد فيما حدث بعد قطع الكابل الثالث.
وهذا أيضا ما أشارت إليه أحد التقارير الأمريكية بالقول إن أزمة قطع ثلاثة كابلات بحرية لشبكة الإنترنت في منطقة الشرق الأوسط وتأثرت به مصر كثيرا لم يكن مصادفة, وأنه كان يستهدف إيران, وأن الدولتين الوحيدتين اللتين لم تتأثرا بهذا القطع هما إسرائيل والعراق, حيث المصالح الأمريكية الأقوي في المنطقة, مؤكدة أنه ليس مصادفة أن يتم قطع الكابلين البحريين علي بعد 8 كيلو مترات من الإسكندرية, وبعد يومين يتم قطع كابل ثالث علي مسافة 56 كيلو مترا من دبي في الخليج العربي.
وحول الخسائر الناتجة عن انقطاع الإنترنت وكيفية تعويض أصحابها قال الدكتور عادل دانش رئيس إحدي الشركات التي تعد أكبر مراكز للاتصالات في مصر إنه لا يمكن تقدير أو حصر حجم الخسائر الاقتصادية في الوقت الحالي وأن هذا قد يحتاج لمزيد من الوقت ولكن بشكل عام سوف تتعدي تلك الخسائر ربما المليار, وأن تعويض تلك الخسائر سيكون من خلال شركة الكابلات العالمية.
أشارت أزمة انقطاع الإنترنت في مصر إلي أن تغلغل الإنترنت وتكنولوجيا المعلومات في المجتمع يبدو أكثر عمقا وأكبر اتساعا واختلافا عما تشير إليه أو تصوره التقديرات المعلنة أو المتوافرة حاليا لدي الجهات المعنية سواء في وزارة الاتصالات أو مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار أو الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أو الشركات والقطاع الخاصة أو غيرها, فهناك فجوة إحصائية ومعرفة واضحة فيما يتعلق برصد التأثيرين الاجتماعي والاقتصادي الذي أحدثته جهود نشر الإنترنت وتكنولوجيا المعلومات بمجتمعنا خلال السنوات السبع الأخيرة, ولذلك فالأزمة تكشف عن الحاجة الملحة لوجود نظام وطني متكامل للإحصاءات ومؤشرات القياس في مجال تكنولوجيا المعلومات, يوفر إجابات حية ومتجددة عن الأسئلة التي تشكل هذه الفجوة ومنها: ما معدلات الانتشار الحالية لهذه التكنولوجيا بالمجتمع وأشكالها, وما مدي الاستفادة منها فعليا؟
عن أسلوب إدارة الأزمة, فقد كشف أداء وزارة الاتصالات جيدا بشكل عام حيث كان الفارق الزمني بين الشلل شبه التام الذي حدث بالخدمة وبدء عودتها تدريجيا كان ساعات حيث إن وزارة الاتصالات صممت استراتيجيتها للاتصال الخارجي بالإنترنت استنادا إلي التحليلات الواقعية المعتادة عالميا والتي تفترض أنه في الأغلب سيتعطل كابل واحد وليس كابلين من الكوابل البحرية الرئيسية, ولذلك قامت وزارة الاتصالات بتوزيع المسارات الاحتياطية والإضافية للربط الدولي علي الكابلين معا, كما اختارت عروضا سعرية وفنية تركز علي الأسعار المعقولة مقابل التخفف نسبيا من الحصول علي مزايا أخري مكلفة في الاتصال, من بينها تحمل الجهة المالكة للكابل مسئولية توفير مسارات بديلة لمصر وفي وقت مناسب عند حدوث عطل بالكوابل, وقد اختارت الوزارة هذا البديل باعتبار أنه في حالة تعطل كابل فإن الآخر يستطيع تحمل عبء الخدمة لحين إصلاح الآخر دون مشكلات.
قال م. عادل رمضان مدير إدارة تكنولوجيا المعلومات بشركة التنمية العمرانية. وهي شركة مسئولة عن بيع وشراء الأراضي عن طريق الإنترنت: انقطاع الإنترنت كان له تأثيره السلبي علي المعلومات التي نتلقاها من العملاء من الخارج بالتوقف تماما, وهذا ما جعلنا نلجأ لاستخدام وسائل أخري مثل الفاكس والتي تعتبر تكلفته أعلي من الإنترنت والسرعة أقل, بالإضافة إلي وجود جهات أخري يتم التعامل معها بالإنترنت فقط مما أثر علي سير العمل وواجهت الشركة بالإضافة إلي الخسائر المادية العديد من الخسائر بسبب ضياع الوقت..
أوضح أحمد عبدالمعطي مدير قطاع المعلومات بشركة لتداول الأوراق المالية أن الشركة تأثرت بتوصيل المعلومات من البورصة إلي الشركة وللمستخدم والمضارب ولتفادي هذه المرحلة في الشركة كان يوجد خط احتياطي للأسعار من شركة إلي شركة وهذا ساعد علي التغلب علي هذه المشكلة, حيث قامت شركة فلاج وهي الشركة المسئولة عن الإنترنت علي مستوي الشرق الأوسط بالتغلب علي المشكلة في أول يوم وبدأت تتحسن, وهذا التحسن كان له أثره الإيجابي البسيط علي معظم شركات بث المعلومات.