فجرت أزمة المحامين والقضاة أزمة كبيرة بين أجنحة العدالة تهدد بتوتر المجتمع, وذلك علي خلفية قانون استقلال السلطة القضائية والمادة 18 من القانون المقترح من نادي القضاة ومقترح آخر من لجنة برئاسة المستشار أحمد مكي نائب رئيس محكمة النقض, وما ترتب علي ذلك من إغلاق المحاكم من المحامين اعتراضا علي تغليظ العقوبة للمحامي إذا مس هيبة المحكمة أو عارض إدارة الجلسة بشكل ما, وهو الأمر الذي قوبل بانتقادات كبيرة من مختلف الأطياف لتهديد مجري سير العدالة, بالإضافة إلي منح امتيازات لأبناء القضاة.
قال المستشار محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة الأسبق إن المأزق الأخير سببه وجود اقتراحين لمشروع السلطة القضائية يتعلق بالضمانات الخاصة بالمحامين في جلسات المحاكم, وأن حق الدفاع دستوري والمحامين يقومون بهذا الحق نيابة عن الأفراد, ولن تتم العدالة إلا بوجود جناحين لها, ولا يجوز علي الإطلاق تعطيل حق الدفاع أو إعاقة عمل المحامين.
وحول المشكلة الأخيرة قال المستشار الجمل إن سببها محاولة تمرير قانون دون عرضه علي مجلس الشعب ودون أن يتم مناقشته بشكل كامل مثل مشروعات القوانين الأخري, وتم وضع عقوبة للمحامين أو أي شخص يسعي لعرقلة سير العدالة داخل جلسات المحاكم وهذا حق أصيل للقاضي, ولكن العقوبة تصل للحبس خمس سنوات وغرامة تصل إلي 10 آلاف جنيه, وهو الأمر الذي لا يتماشي مع ما يقوم به الشخص المذنب, بل تصل إلي الجناية, وبالتالي لا تتناسب مع مواد بقانون العقوبات في جرائم مشابهة, وهو ما اعتبره المحامون تربصا بهم.
دعا المستشار الجمل إلي الاحتكام لمجلس الشعب وانتظار مناقشته وعدم التسرع في إصداره حاليا لمنع حدوث مشكلات تؤثر علي مجري سير العدالة وتعقد وتوتر المجتمع.
ونوه المستشار الجمل إلي ضرورة معاقبة كل من حاول تعطيل سير العدالة وعمل علي إغلاق المحاكم ومنع القضاة من مزاولة عملهم وتعطيل مصالح المواطنين, وألا يمر هذا الموقف دون مساءلة أو حساب.
جمعية عمومية للرد
من جانبه قال المستشار أحمد الزند رئيس نادي القضاة إنه تم سحب مشروع القانون لإنهاء المشكلة وتأجيل إقراره حتي الانتخابات البرلمانية, ولكن خطوات الاعتداء علي القضاة وغلق المحاكم وتعدي بعض المحامين علي القضاة هو الأمر الذي لا يمكن السكوت عليه وسيتم العمل علي إنهائه ومواجهته بشكل حاسم, ووضع خطوات عاجلة وحاسمة لمنع تفاقم الأمور.
شدد علي أن الجمعية العمومية غير العادية هي التي ستحسم هذا الأمر لمنع اختلال العدالة, خاصة وأنه لا حصانة لأي شخص يسمي هيبة العدالة, ولابد من الاحترام في التعامل بين جميع أطراف العدالة.
وقال هاني محمد عبد الصادق المحامي بالاستئناف العالي: مشروع السلطة القضائية باطل لعدة أسباب منها أن يخرج القضاة في هذه الآونة في ظل غياب ممثلين عن الأمة يعد هذا خروجا علي الشرعية ومقتضيات الديموقراطية وإهدار لها, خاصة أن ثورة مصر من أسبابها رفض فكرة التوريث والآن يخرج علينا بمشروع يكون من بين نصوصه توريث القضاة لأبنائهم بصرف النظر عن كفاءتهم ضاربين بعرض الحائط أوائل الخريجين فهذا التفاف علي إرادة الشعب.
تساءل عبد الصادق ما الذي يخيف القاضي من مجلس الشعب في أنه ينتظر لكي يصدر من برلمان حقيقي, لماذا الإصرار علي تمرير القانون خلسة والآن تحديدا, وإصرار بعض القضاة علي تشويه صورة المحامين أمام الشعب المصري. منوها أن أزمة القضاة مع المحامين نشبت في ظل رئيس نادي القضاة الحالي المستشار أحمد الزند الذي ساعد علي قتل الحوار بين المحامين والقضاة, وكان عليه أن يحفظ ماء القضاة, لأن حصانة القاضي من عدالته, وليس من تصرفات تطيح به كدخول المحامين السجون.
وأشار مسلم علي المحامي بالاستئناف العالي بقوله رفضنا لهذا المشروع لأنه يعفي بعض القضاة من الأخطاء الجسيمة والتي تقع منهم بسبب عملهم وهذا مخالف للقانون حيث إن القانون يعفي القاضي مما يقع منه من أخطاء غير جسيمة ولكن لا يعفيه من الأخطاء الجسيمة كالرشوة والتدليس علي سبيل المثال, متساءلا كيف يخرج علينا مشروع بمثل هذا المبدأ!
لا لإصدار قانون في الظلام
كما قال السيد علي محمد المحامي: هذا المشروع باطل لأنه يصدر في الظلام فضلا عن أنه قانون قمعي الغرض منه التنكيل بمهنة رفيعة وهي مهنة المحاماة نظرا إلي تحجيم دور المحامي, قائلا: ليس من المقبول أن يمارس الإنسان عملا تحت ضغوط وتحت قوانين قمعية كالمادة 18 المنصوص عليها في مشروع القانون والتي تشير إلي أي فعل أو إشارة أو قول تصدر من أي محام أثناء الجلسة وأمام القاضي يعاقب بحد أدني 5 سنوات سجن مشدد, متساءلا: هل من المعقول أن يدافع المحامي عن شخص وهو خائف, مشيرا إلي خشية الصدام بين القضاة والمحامين حفاظا علي هيبة القضاء المصري.
إجراءات تصعيدية
فيما أكد عبد الجواد أحمد المحامي منسق جبهة استقلال بنقابة المحامين أن هناك العديد من الإجراءات التصعيدية سوف تشهدها الجمعية العمومية المنعقدة الآن لبحث كيفية الحفاظ علي كرامة ومهنة المحاماة, مشيرا إلي رفض الجمعية العمومية الطارئة بنقابة المحامين لتعديلات قانون السلطة القضائية جملة وتفصيلا, خاصة المواد 18, و 18 مكرر, 132, 133, 134, وطالبت الجمعية العمومية في توصياتها إرجاء البت في التعديلات الخاصة بقانون السلطة القضائية, وخصوصا أنه من القوانين المكملة للدستور لحين انتخاب مجلسي الشعب والشوري, وكتابة الدستور وتمثيل المحامين من خلال مجلس منتخب في مناقشات القانون.
أكد عبد الجواد أن الجمعية العمومية شددت علي ضرورة تطهير القضاء من القضاة الذين شاركوا في تزوير الانتخابات في 2005 و 2010, وكذلك إجراء الانتخابات بالنقابة في 20 نوفمبر المقبل, وعدم تأجيل الموعد مره أخري, مؤكدا أن المحامين قالوا إن مشروعي الزند ومكي فيهما انتفاص كبير من كرامة ومهنة المحاماة والحصانة الممنوحة لهم طبقا للقانون.