غول القسوة ينهش أحشائي- لا يترك في كياني أنفاسا حية… يستهلك عمري… يحملني حيث الرغبة المتقدة في خلاص لا أعلم هل هو شبه خلاص أم أنه جحيما آخر ينتظر المتبقي من أيامي… غول القسوة يتجسد في قبضة أمل… وخشونة كل أشقائي… والعنف الجاسم علي صدري… منبعه من جئت إلي الدنيا من عصبه… إنه أبي.
ربما لم تكن تلك هي الكلمات التي عبرت بها فتاتنا ذات الثمانية عشر ربيعا عندما لجأت إلي باب افتح قلبكلكنها أحسيسها ومشاعر قلبها التي سكبتها أمامي… إنها فتاة في مقتبل العمر… من جوف الصعيد… تشكو قسوة أبيها وسلبية أمها الممزوجة بقسوة الترك… نعم فالترك واللامبالاة بآلام الأبناء أعلي درجات القسوة… وهذه الأم تركت ابنتها لأخويها ووالدها يفعلون بها ما يشادون… ويحولون أجمل سنوات عمرها إلي آلام ما بعدها آلام… سألتها: هل هذا الأمر جديد عليك؟ فأجابت:لا…
قلت لها ولماذا الآن تحديدا تطلقين صرخاتك وتعانين هكذا؟؟… أجابت راوية: عشت عمري الماضي أعاني من القسوة والضرب المبرح اللذين يعتبر هما أبي وأخوايا مثال التربية القويمة لأية فتاة… وهذا بمنطق أهل الصعيد اكسر للبنت ضلع يطلع لها 24.
لم يفكر أحدهم يوما ما أنني إنسانة قبل أن أكون أنثي… خلقني الله بكرامة يسحقونها في كل لحظة تحت أقدام التخلف… لم أفعل قط ما يغضبهم… لم أكن عنيدة ولا سليطة اللسان… لم أكن منفلتة ولا سيئة الخلق… لم أعرف شابا يوما ما… قسوتهم غير مبررة… ذات يوم تشاجرت مع أخي مثلما يحدث في كل البيوت… ولأول مرة استبحت الرد عليه وقلت له: لماذا تفعل هكذا معي ألست أختك؟ لماذا تضربني… أبي فقط هو الذي من حقه هذا… ما كان منه إلا أن ثار علي وطار خلفي وأنا أهرب من وجهه إلي أن احتميت بأقرب حائط خلفي وانزويت كما لطير الكسير… فهوي علي بالصفعات ثم صار يرطم رأس في الحائط عدة مرات حتي وقعت مغشيا علي… ومنذ ذلك الحين أصابتني حالة… تم تشخيصها أنها زيادة في كهرباء المخ سببها قوة الارتطام… كانت تنتابني بين الحين والآخر… فلا أشعر ماذا أفعل… وتعرضت لها ذات يوم وأنا في المدرسة… بعدها قرر أبي أن أترك التعليم وأنا في السنة الثالثة من التعليم الثانوي… وبدأت حالتي في التحسن تدريجيا… لكن لم تتحسن حالة القسوة المزمنة التي أعاني منها معهم…
تقدم لي رجل عمره 38 عاما… يشغل منصبا مرموقا… حنون لدرجة لم أكن أتصور أنني سأصادفها في حياتي… ترددت في الموافقة ثم وافقت علي الخطبة… أب اعترافي وصديقتي قالا لي: فارق السن مخيف لم أعرهما اهتماما… لم يكن لدي اختيار للهروب إلا هو… وتمت الخطبة… أحببته حبا جما… استمرت خطبتا ستة أشهر بعدها بدأت أري صديقاتي وأخواتي ترتبطن بأشخاص في مثل أعمارهن… وأنا الوحيدة المختلفة… ثم تقدم أحد الأقرباء لخطبتي وهو علي علم بأنني مرتبطة وعلي وشك إتمام محاضر الخطوبة تمهيدا للإكليل لكنه لا يعلم شيئا عن حالتي المرضية وعمره 23 سنة… (مع العلم أن خطيبي يعلم بحالتي ويقبلها) تملكتني الحيرة… وشعرت بالفارق المخيف الذي حدثني عنه أب اعترافي سابقا…
الحيرة تقتلني رغم أن كل مشاعري معه لكن خوفي أيضا بدأ منه إذا تمت فهل الحنان وحده يكفي لخلق زيجة سعيدة؟ هل يعوض عن التكافؤ العمري؟هل أخطأت الاختيار؟ هل إذا أكملت معه سوف أظلمه أم سأظلم كلانا؟ ولو تركته أي منا سيصبح المظلوم وأي منا الظالم؟ وهل سيتركني والدي أنفذ ما أفكر فيه من حل للارتباط؟ أسئلة حائرة تدمر راحة البال وتتركني بلا نتيجة.
رد المحررة:
يا عزيزتي الحنان وحده لا يكفي… فعندنا ما يحاصرنا جحيم الليالي القاسية نجد النهار بعيدا بعيدا… وعندما نقع في بئر اليأس لا نري النجاة إلا فيمن يمد يديه ليخرجنا منه حتي وإن كان سيقبض بعد ذلك علي يدينا ليلقينا في بئر أكثر عمقا وأحلك ظلمة… ما تشعرين به للأسف هو الإفراز الطبيعي لقسوة ذويك فاندفاعك نحو الارتباط بشخص يكبرك بعشرين عاما مجرد هروب.. لكنه هروب لجحيم أكثر اشتعالا وأحمد الله أنك أفقتي قبل فوات الأوان.
فها هي مشاعر الغيرة والمقارنة بدأت مبكرا جدا رغم حنانه عليك وحبك له .. وها هي مشاعر الشباب تسللت إلي قلبك تطلب شابا في مثل عمرك حتي وأنت في قدسية الارتباط مع ذاك الحنون.. الذي بعد بضع سنوات سوف يكون ذاك العجوز .. وستكونين أنت تلك الشابة.
فالحنان ذاهبا والقسوة أيضا ذاهبة. وما من أمر دام.. الحياة دائرة تجعلنا دائما نتبادل الأدوار فيوم لنا ويوم علينا.. وسوف تدور الدائرة فما من ظلم استمر ما من حلاوة دامت في حلوقنا…
ولولا التألم ما كان التعلم.. أفيقي من غفوتك فلن تظلميه بتركك له الآن لكن الظلم الحقيقي سوف يقع علي كليكما حينما يمضي العمر ويلح عليك نداء الشباب في حيويتك وأنوثتك وعفويتك بينما تخطفه غيرة الشيب وانكسار العجز أمامك وأشياء كثيرة..
ياعزيزتي الحنان لا يعوض التكافؤ في العمر فاختلاف الأجيال كفيل بنسف كل تفاهم مع ظهور الاختلاف.
أما عن والدك وأخويك فلا تعيرهم اهتماما مهما حدث… فهم في كل الأحوال قساة… ولن يستطيعوا إجبارك علي زيجة سوف تدمر حياتك القادمة… كوني قوية… كوني ذات إرادة تمليها علي الجميع ولن يملي أحد عليك شكل الحياة مع شريك لن يختاره ولن يجني نتيجة هذا الاختيار سواك… واجهي الأمر بشجاعة ولا تضيعي الفرصة… ابحثي عن مستقبل عاقل مع شخص مناسب ولا تتعجلي… مازلت صغيرة… لأن البديل خطير وعواقبه وخيمة.
============
إيد الحب
امتدت أيادي الحب بالمبالغ التالية:
501.5 جنيه علي روح المرحومة أميليه فهيم جريس
1000 جنيه كنيسة العذراء ومارمينا
250 جنيها من يدك وأعطيناك
500 جنيه علي روح المرحوم ماجد فريد سعيد
2000 جنيه فاعل خير مدينة نصر