بقلم: ألوف بن
قضية الأسطول فرصة مناسبة لإتمام الانفصال عن قطاع غزة, حان الوقت لأن نقطع مع بقايا الاحتلال وأن ندع دولة حماس لنفسها, إن محاولة السيطرة علي غزة من الخارج, عن طريق قائمة الطعام وقوائم البقالات لسكانها, تفرض علي إسرائيل وصمة أخلاقية قاتمة وتزيد في عزلتها الدولية. يجب علي كل إسرائيلي أن يخجل من قائمة سلع وزارة الدفاع, التي تسمح بإدخال غزة القرفة لكنها لا تسمح بإدخال الكسبرة. حان الوقت لأن نجد للضباط والموظفين المشغولين بتحديث هذه القائمة مهمات أشد حيوية.
كيف يتم هذا؟ أن تبلغ إسرائيل الجماعة الدولية أنها تطرح عن نفسها كل مسئولية عن سكان غزة ورفاهيتهم, وأن تغلق المعابر تماما, تهتم غزة بالحصول علي مدد وخدمات طبية عن طريقا لحدود المصرية أو عن طريق البحر, أن تخرج غزة من غلاف الجمارك وأن يكف الشيكل علي أن يستعمل نقدا قانونيا هناك, وأن يصدروا أوراقا مالية فلسطينية تحمل صورة الشيخ ياسين.
تبين إسرائيل أنها ستستعمل حقها في الدفاع عن النفس, وأنها ستفحص عن حمولات مريبة في عرض البحر لإحباط تهريب السلاح, فهكذا تسلك أيضا القوي الغربية التي تجري تفتيشات عن عناصر سلاح ذري وصواريخ في سفن حمولة تجارية, وإذا أطلقوا علينا الصواريخ من غزة فسنطلق عليهم لإصابتهم, وقد تبين لنا أن ذلك ممكن يوجد لهذا الواقع سابقة علي نحو معكوس, حتي توقيع اتفاق السلام مع مصر, كانت جميع حدود إسرائيل مغلقة مسدودة, تمت تجارة إسرائيل الخارجية عن طريق الموانئ والمطارات, والحركة اليوم أيضا في الحدود البرية غير ذات شأن, ليس هذا مريحا لكنه قانوني, يحل لدولة ذات سيادة أن تغلق حدودها لاسيما إذا كان الجيران أعداء كارهين, ليس الوضع الذي تكون فيه الحدود مفتوحة علي التناوب بحسب تقدير تعسفي مقبولا اليوم في العالم ويري قسوة لا تحتمل علي السكان المدنيين في الجانب المحاصر.
استقر رأي آرييل شارون علي الخروج من القطاع إلي الخط الأخضر, وأمل بذلك أن يحصل علي اعتراف دولي بنهاية الاحتلال, لكن إسرائيل لم تنجح في الانفصال حقا, فقبل أن تسيطر حماس علي غزة, أصرت إسرائيل علي السيطرة علي الدخول فيها والخروج منها, وبعد أن فازت حماس في الانتخابات الفلسطينية, واختطف جلعاد شاليط إلي غزة, قوي الحصار والرقابة. وكأن إسرائيل ندمت في آخر لحظة علي الانصال وأرادت أن تحتفظ بشيء صغير آخر شيء صغير من غزة الكريهة.
يوجد اليوم للحصار علي غزة غاية استراتيجية مربعة: أن يفرض علي الفلسطينيين التوحيد من جديد بين لاضفة والقطاع تحت قيادة صديقة لإسرائيل, وأن تستعمل أدوات ضغط علي حماس لمضاءلة إطلاق الصواريخ ومحاولات إحداث عمليات علي إسرائيل, والحفاظ علي وهم أن سلطة محمود عباس وسلام فياض الفلسطينية ماتزال صاحبة السيادة القانونية في غزة, ومنع الاحتكاك مع مصر.
تحصل هذه السياسة في امتحان النتيجة درجة غير كاف, لكن التعارف الاستراتيجي مع مصر قوي, وأصبحت حماس مقيدة منذ الرصاص المصبوب, لكن سلطانها لم يضعف, إن عباس وفياض لا يستعملان سلطتهما في غزة يقولون للجمهور الإسرائيلي إن حظر الكسبرة وما أشبهها يرمي إلي مساعدة الجعاد شاليط. إن ذكر اسم الأسير, الذي يتعذب في سجن حماس, يمنع أي نقاش جدي للسياسة المطلوبة نحو غزة, لكن هذا تعبير عن عدم القيادة وعن الغوغائية, فالحكومة تختبئ وراء شاليط وأبناء عائلته الذين يتمتعون وبحق بحب الجمهور, بدل البحث عن بديل من الوضع القائم.
إن من يعارضون وجود إسرائيل سيستمرون علي نضالها ومطاردتها حتي لو طرحت عن نفسها بقايا مسئوليتها عن غزة, ولم يقنعهم أي انفصال أن يتغيروا, لكن ليسوا هم المستهدفين للسياسة الإسرائيلية, بل حكومات الغرب التي تحتاج إسرائيل إلي تأييدها وإلي العلاقات السياسية والاقتصادية بها, وحكومات الغرب تقول لها, أزيلي الحصار وحرري غزة, إن العملية الفتاكة التي وجهت إلي أسطول المساعدة زادت في قوة هذه الدعوات فقط. هذه فرصة إسرائيل. فبدل مشاجرة الجماعة الدولية يجب أن تقول لها: أتريدون غزة؟.. خذوها من فضلكم.
عن هاآرتس