سكر الحمل من الأمراض التي تسبب القلق لحواء أثناء الحمل…فهل سكر الحمل يختلف عن داء السكري,وما أسبابه وكيفيه اكتشافه,وهل يمكن تفادي الإصابة به…وما الأعراض والمضاعفات التي تتعرض لها الحامل والجنين بسبب سكر الحمل؟.
هذا هو محور حديثنا مع د.ملاك محارب عبد الملك استشاري أمراض النساء والولادة الذي قال:
يجب التفرقة بين سكر الحمل,وداء السكري…مرض السكر قبل الحمل…سكر الحمل يعني أن الحامل لم تكن مصابة أصلا بمرض السكر قبل الحمل, وتم اكتشاف المرض لأول مرة أثناء الحمل.
داء السكري مجموعة من الأمراض الأيضية…وهي مجموعة من التفاعلات الكيميائية داخل الجسم,والتي تتميز بارتفاع نسبة السكر الجلوكوز في الدم,ففي الأحوال العادية يتحول الغذاء الذي يتناوله الإنسان إلي جلوكوز خلال عملية الهضم,ثم ينتقل الجلوكوز إلي الدم,ثم إلي خلايا الجسم بواسطة هرمون الأنسولين,حيث يعمل كمفتاح لدخول الجلوكوز إلي داخل الخلايا,وبدون هرمون الأنسولين لا يمكن للخلايا الاستفادة من الجلوكوز كمصدر للطاقة.
الأنسولين هو هرمون تفرزه غدة البنكرياس,وهي غدة تقع خلف الأمعاء,ويحدث داء السكري نتيجة فشل البنكرياس في إفراز الأنسولين وهو ما يعرف بالنوع الأول من السكري…أو بسبب مقاومة الجسم للأنسولين…أو إنتاج الأنسولين بكميات قليلة وغير فعالة وهو ما يعرف بالنوع الثاني من السكري…وفي كلتا الحالتين يكون هناك ارتفاعا في نسبة الجلوكوز في الدم مما يؤدي إلي ظهوره في البول أيضا.
يحدث النوع الأول عادة بسبب خلل في خلايا البنكرياس المنتجة لهرمون الأنسولين لخلل في الجهاز المناعي بالجسم,الذي يقوم بتدمير هذه الخلايا للأنسولين,ويحدث النوع الأول لأي شخص,ولكنه يظهر غالبا في الأشخاص تحت سن الثلاثين,والذين يحملون تاريخا عائليا لنفس النوع.
أما النوع الثاني فيحدث بسبب نقص في إفراز الأنسولين مع مقاومة الجسم لهذا الهرمون,ويشكل هذا النوع حوالي 90 في المائة من مرضي السكري…والسبب الرئيسي للإصابة بهذا النوع غير معروف…لكن هناك عوامل تؤدي إلي حدوثه مثل البدانة ونقص النشاط البدني,لأن الخلايا الدهنية مقاومة لهذا الهرمون…كما أن المرحلة السنية لها دور مهم في الإصابة…لأن النوع الثاني يظهر في الفئة العمرية المتوسطة وكبار السن…بعكس النوع الأول الذي يصيب الأطفال والشباب تحت سن الثلاثين…ورغم ذلك يلاحظ أن هذا النوع يتزايد حاليا بين المراهقين بسبب البدانة وقلة النشاط البدني والعادات الغذائية الخاطئة…كما أثبتت الإحصائيات أن المدخنين أكثر عرضة للإصابة بالنوع الثاني…وأيضا أمراض الكبد المزمنة والكبد الوبائي وتليف الكبد لها علاقة وثيقة بمرض السكر.
سكر الحمل
سكر الحمل يعني عدم مقدرة الجسم علي تحمل أية زيادة في مستوي السكر بالدم,نتيجة عدم القدرة علي إنتاج الكمية المطلوبة من الأنسولين أثناء الحمل,ويبدأ عادة في الشهر الخامس,وغالبا ما يختفي بعد الولادة.
يظهر سكر الحمل لدي حوالي 30 في المائة من السيدات الحوامل,وأية سيدة معرضة للإصابة ولكن هناك فئات أكثر تعرضا للإصابة,فتزداد الإصابة بسكر الحمل إذا تجاوزت حواء سن الثلاثين,أو إذا كان لها تاريخ مرضي سابق لولادة طفل كبير الحجم والوزن أي يزن أكثر من أربعة كيلو جرامات,أو إصابتها بسكر الحمل في مرات سابقة.
يلاحظ أن المصابة بالسكر أثناء الحمل,سواء كانت الإصابة بداء السكري قبل الحمل,أو ظهور السكر أثناء الحمل…فإذا اتبعت نظاما غذائيا صحيا وعلاجيا عن طريق المحافظة علي جرعات الأنسولين المناسبة للمحافظة علي نسبة الجلوكوز في الدم بمعدلها الطبيعي فإنها تحقق حملا آمنا بدون مضاعفات,وبالتالي تتمتع الأم والطفل بصحة جيدة بالإضافة إلي ولادة سهلة خالية من المشاكل…أما الإهمال في العلاج والنظام الغذائي فيؤدي إلي ارتفاع نسبة الجلوكوز عن المعدل الطبيعي,وتعرض الأم أو الجنين لمشاكل خطيرة أبرزها:
* تضخم حجم الجنين وولادة عسرة قد تقتضي إجراء عملية قيصرية أو ولادة مبكرة تسبب مشاكل بالتنفس للأطفال.
* تتعرض الأم للإصابة بتسمم الحمل,ويتلخص في ارتفاع ضغط الدم,وتورم بالجسم يسبب مضاعفات شديدة للأم والجنين.
* قد تستمر الإصابة بالسكري بعد الولادة في حالة سكر الحمل,بالإضافة إلي زيادة احتمال التعرض للإصابة بالسكر الدائم,النوع الثاني من السكري.
* حدوث مشاكل للأطفال حديثي الولادة منها انخفاض نسبة الجلوكوز في الدم بعد الولادة,والتعرض للإصابة بالبدانة والسكر في الشباب…لذلك يجب وضع الأطفال حديثي الولادة تحت الملاحظة لمدة 24ساعة بعد الولادة.
إذا كانت حواء مصابة بالسكري قبل الحمل فعليها المتابعة الجيدة لنسبة الجلوكوز في الدم بصورة منتظمة,بالإضافة إلي تناول جرعات الأنسولين حسب تعليمات الطبيب,لأن نقص نسبة الجلوكوز في الدم له مضاعفات خطيرة أثناء الحمل.
أما بالنسبة لسكر الحمل فلا توجد غالبا أية أعراض واضحة,وقد تختلط أحيانا أعراض الحمل بأعراض سكر الحمل مثل زيادة التبول والإجهاد والإحساس بالإرهاق,ولذلك يجب علي الحامل القيام بالفحص الدوري لمستوي السكر في الدم…لأن فحص الدم هو الوسيلة الوحيدة التي تكشف الإصابة.
نظرا لأن سكر الحمل يعرض الأم والجنين لكثير من المخاطر أثناء الحمل وبعد الولادة,لذلك يجب علي الحامل المصابة بمرض السكري أو سكر الحمل اتباع عدة نصائح مهمة للمحافظة علي صحتها وصحة الجنين أبرزها:
* اتباع نظام غذائي سليم.بحيث يتم تقسيم الوجبات إلي ثلاث وجبات رئيسية تتخللها ثلاث وجبات خفيفة,مع تفادي تناول أطعمة أو مشروبات تحتوي علي كميات عالية من السكريات…مع الإقلال من نسبة الدهون في الطعام…والإكثار من تناول الخضروات والفواكه التي تتميز بسعرات حرارية قليلة مثل البرتقال والجوافة مع الإكثار من تناول الماء,وتجنب زيادة الوزن أثناء الحمل,بحيث لا يزيد الوزن أثناء الحمل علي أكثر من عشرة كيلو جرام…ولذلك يجب الإقلال من تناول النشويات والحرص علي المشي يوميا…ويفضل الولادة في الأسبوع الثامن والثلاثين,أو قبل ذلك لتفادي تضخم حجم الجنين أو وفاة الجنين داخل الرحم نتيجة تأثير السكر علي الأوعية الدموية بالمشيمة…مع ضرورة استمرار حواء علي النظام الغذائي الصحي وإجراءات الوقاية بعد الولادة,وذلك بتفادي البدانة والأغذية الدسمة والغنية بالدهون والنشويات والمشروبات السكرية.والإكثار من تناول الخضروات والخبز الأسمر وممارسة الرياضة بصورة منتظمة وإجراء تحليل للسكر بصورة دورية.
وللوقاية من مخاطر سكر الحمل يجب علي حواء الالتزام بجرعات الأنسولين في الأوقات المحددة حسب تعليمات الطبيب.
أحمد حياتي