خمسة أسابيع تضع المواطنة في مأزق وتعجل بسرعة القانون الموحد لدور العبادة !
وحقوقي يكشف:رئيس الجمهورية له الحق في إصدار القانون الموحد دون انتظار مجلس الشعب !
لماذا يستهدف الأقباط يوم الجمعة ؟..ولماذا المنيا ؟ ..وأين العقاب القانوني للجناة؟..وماذا عن الصلح العرفي؟!
تحقيق:
خمسة أسابيع متصلة أثبتت خطورة ما يهدد المواطنة والسلام الاجتماعي فقد وقعت ستة أحداث طائفية تتعلق فقط بشأن حق الأقباط في ممارسة الشعائر الدينية,وتعرضوا خلالها لهجوم مفاجئ جاء من جيرانهم المسلمين في غياب هيبة الدولة ووفق سيناريو واحد متبع وهو القبض علي مجموعة من الطرفين والإفراج عنهم عقب جلسات الصلح العرفية والنتيجة إغلاق دور العبادة التي يمارس فيها الأقباط شعائرهم لأجل غير مسمي مع تقديم الوعود التي تتبخر بعد مرور دقائق من انتهاء جلسات العرف التي أثبتت فشلها علي مدار السنوات الماضية في وقف أعمال العنف الطائفي وأصبحت مخرجا للجناة ومرتكبي الجرائم في حق المجتمع والقانون …..
##وطني ## تفتح هذا الملف الشائك بعد تكرار حوادث العنف الطائفي المرتبطة بإقامة دور العبادة وممارسة الشعائر الدينية دون حصر للحوادث الي وقعت في عزبتي بشري وجرجس بالفشن وعزبة باسيليوس ببني مزار وقرية الفقاعي والحواصلية وريدة علي مدي خمسة أسابيع متصلة في شهري يونية ويوليو الماضيين يكشف فيه مجموعة من الخبراء والمفكرين والحقوقيين خطورة الوضع المصري ويجيبون عن أسباب ارتفاع حدة العنف الطائفي والمعالجات الأمنية وواقع الجلسات العرفية في هذه الأحداث ومستقبل القانون الموحد لدور العبادة ..وكيفية الخروج من مأزق الطائفية ودعم المساواة وحرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية
رسائل المسلم البسيط!
*##الدولة ليس لها سياسة جادة في التعامل مع هذه الأحداث الخطيرة,ولاسيما علي المستوي الأمني منذ أحداث الخانكة عام 1972## هذا ما أكده بهي الدين حسن رئيس مركز القاهرة للدراسات قال: في غياب وجود إرادة سياسية علي المستوي التشريعي أو التعليمي أو الأمني تفاقمت الأوضاع وتزايدت الأحداث الطائفية كحصاد لسنوات ماضية يرفرف فيها الخطر دون التصدي له,وتجاهلت الدولة هذا الملف الخطير منذ إهمال تقرير لجنة بعثة تقصي الحقائق المعروفة بلجنة ## العطيفي ## عقب أحداث حرق كنيسة الخانكة علي الرغم إنه إذا نظرنا لهذا التقرير وهذه التوصيات سنجدها وكأنها صدرت في عام 2009 نظرا لعدم تغير الأوضاع , وهو ما يدعونا للتساؤل لماذا لم تتعامل الدولة مع هذه التوصيات بجدية رغم أهميتها في حماية المواطنة ؟
وأشار حسن: هذه الأحداث هي تراكم سنوات طويلة وعقود لا تعترف بالحق والمساواة بين المواطنين وبناء علي هذه السياسة يتلقي المسلمون البسطاء رسائل سواء من الإعلام أو التعليم بأن المواطنين المسيحيين لا يتمتعون بنفس الحقوق وبالتالي تأتي سلوكياتهم العدوانية بموجب هذه الرسائل التي تعطي للمسلم حق بناء مسجد في أي مكان وأي وقت دون ترخيص بينما يعاني المسيحي من الإجراءات المعقدة واللوائح التعسفية التي تصعب من حقه في بناء كنيسة وبالتالي فهذه الرسائل التي يتلقاها المسلم البسيط بصورة مستمرة تجعله ينظر إلي أن المصريين درجات يأتي المسيحي فيها في الدرجه الثانية والبهائي ربما في الثالثة أو الرابعة ثم الشيعة وهكذا يتعامل المواطنون البسطاء المسلمون.
وفي الوقت نفسه يأتي تراجع الخطاب الديني وقد يكون من أسباب تحول يوم الجمعة في أغلب الأحيان لظاهرة عنف ضد الأقباط لأنه يوم خاص لدي المسلمين تتصادف فيه خطبة من نوع سيء الذي يشيع في بعض المساجد خاصة التي لا تقع تحت إشراف الأوقاف وتحرك من مشاعر المسلمين ضد إخوانهم الأقباط علي اعتبار أنهم لا يتمتعون بنفس الحقوق والمساواة.
أضاف بهي: تزايد الأحداث وتكرار المطالب يؤدي إلي ضعف في إرادة المثقفين والحقوقيين من جهة الاستمرار في دورهم لتعزيز المواطنة وربما يصيبهم الإحباط لعدم تحريك المياه الراكدة ولكن هناك ضرورة الاستمرار في الدفاع والمطالبة بالمساواة حتي لو استغرق الأمر سنوات طويلة.
هناك متعصبون
أنتقد الكاتب والمفكر صلاح عيسي رئيس تحرير جريدة القاهرة الاستمرار في إقامة جلسات الصلح العرفية دون وجود حل جذري لأسباب المشكلة قال:هي مجرد تسكين مؤقت ولم تأت بثمارها في إنهاء الاحتقان الطائفي الذي يتراكم يوما وراء الآخر ويهدد بانفجار قد يصعب إخماده , والحل السريع يكمن في إصدار القانون الموحد للعبادة لوقف الأحداث التي تؤكد خطورة الوضع في مصر علي أن يتم تفعيل هذا القانون بشكل إيجابي والتصدي لأي متعصب يسعي إلي إيقافه أو تعجيزه لاسيما أن هناك متعصبين ليس علي مستوي الإدارة العليا في مؤسسة الرئاسة أو الوزارة ولكن في بعض أفراد الإدارة الوسطي والمحليات والجهاز الأمني وهي المحرك الأساسي لمثل هذه الأحداث وهذه الإدارة هي ذاتها التي تعمل علي إضعاف تفعيل قرار الرئيس بتفويض ترميم الكنائس وصدور القانون سينهي سنوات من التوتر وسوف يتقبله الجميع مثل ما حدث عند إقرار يوم 7 يناير إجازة رسمية وكان البعض يتخوف من هذا القرار ولكن في النهاية رحب به المسلمون قبل الأقباط .
الخطاب الديني
أكد د عماد جاد الخبير الاستراتيجي بمؤسسة الأهرام:تلك الأحداث اعتدنا عليها في القري المحرومة في صعيد مصر من الكنائس ,خاصة التي تبعد أقرب كنيسة عنها بالكيلومترات مما يضطر الأقباط للصلاة في جمعية أو منزل ,وكان المسلمون يعتادون علي صلاة الأقباط بهذه الطريقة ولكن في الفترة الأخيرة بدأت الأزمة تنفجر في ظل حالة الاحتقان الموجود حاليا واستغلال بعض أئمة المساجد والجماعات الإسلامية المتطرفة لتهييج الناس ضد الصلاة في الكنائس وأغلب الأحداث تقع يوم الجمعة لوجود خطاب ديني متطرف يحث علي الكراهية ويستغل تزايد الأعداد في المساجد ويوافق نفس اليوم صلاة للأقباط ولذلك تكررت تلك الأحداث في يوم الجمعة فبعض الأئمة يعتبر ذلك نوعا من الجهاد .
النظام يماطل
أشار د عماد :محافظتا بني سويف والمنيا ازدادت فيهما الأحداث الطائفية ,فالمنيا بسبب موقعها الجغرافي بها تداخل من البدو والأعراب مع المجتمع الريفي وهما من أشعل قضية دير أبو فانا بالإضافة لوجود بعض الجماعات الإسلامية مع وجود عدم انضباط أمني كما تسبب محافظ المنيا في العديد من الأحداث فضلا عن أن الريف وقري الصعيد تتعرض لتلك الموجات بداية من السبعينيات وما تلاها في أحداث 1981 .
وعن الحلول أكد جاد: القانون الموحد لبناء دور العبادة هو الحل الوحيد لكل المشاكل ففيه حساب لنسب الأقباط والمسلمين والقرب المكاني,والدولة تستطيع أن تقر القانون وسيتقبله الشعب المصري لكن النظام يماطل مع الأقباط ,وانتقد محافظ بني سويف الذي أعتبر انه محافظ لمسلمي المحافظة فقط فيتحدث عنهم وكأن الأقباط فئة أخري من المواطنين.
للخروج من المأزق
قال الدكتور مصطفي الفقي رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب: أؤيد سرعة إصدار القانون الموحد لبناء دور العبادة للخروج من مأزق الاحتقانات الطائفية وتدعيم مبدأ المواطنة علي أساس المساواة بين الجميع دون أي تمييز .
ممارسة الشعائر…أبسط الحقوق
مجدي ملك رجل الأعمال القبطي بالمنيا وصف تكرار الأحداث بالمنيا قائلا :الأحداث ناتجة عن سيادة الجهل والفقر وفي نفس الوقت ارتفاع نسبة الأقباط بالمنيا ,وهي أعلي نسبة علي مستوي الجمهورية لذا نجد أن الأمور تكون شديدة الحساسية لاسيما عند شروع الأقباط للممارسة الشعائر الدينية في ظل عرقلة الإجراءات الإدارية للسماح لهم ببناء مبني رسمي لإقامة الشعائر والذي يستغرق سنوات طويلة ونظرا لأن الأحداث الأخيرة بالمنيا وخلال السنوات الأخيرة جاءت نتيجة صلوات الأقباط أو نشر شائعة عن بناء قبطي لكنيسة فالحل يكمن في القانون الموحد لدور العبادة للسماح للأقباط بممارسة شعائرهم دون قيد وهي أبسط الحقوق التي يكفلها الدستور .
أين معاقبة الجاني؟!
إيهاب رمزي المحامي قال:منذ تولي اللواء أحمد ضياء الدين محافظا للمنيا تعددت الأحداث والوقائع الخاصة بالاحتقان الديني بصورة ملفتة للنظر, ويرجع هذا لسوء إدارة الأزمات,بالإضافة لذلك فإن مجالس الصلح التي تعقد بين الطرفين المسيحي والمسلم تحدث تحت ضغط أمني وتكون غير عادلة ويكون هم المسئولين هو إظهار الصلح للرأي العام في حين أن نفوس المواطنين في بؤرة الحدث تكون مازالت تحمل الضغينة مما يجعلها بمثابة النار تحت الرماد, فتتكرر هذه الأحداث.
أشار رمزي: الظلم الحقيقي يظهر في إلصاق التهم بالأقباط مثل أحداث دفش بسمالوط بإظهار المجني عليه بشكل الجاني والضغط علي الأقباط بتقديم كفن لوالد قتيل الطيبة لإظهار أن الجاني مسيحي من بينهم وفي أحداث أبوفانا تم ممارسة الضغوط علي الدير لدفع دية لأسرة القتيل فالأمن يتحمل الجانب الأكبر لغياب دور القانون في معاقبة الجاني وتحقيق الردع طبقا لقانون العقوبات لأن الصلح العرفي لا يعني أبدا التنازل عن حق المجتمع والقانون.
لرئيس الجمهورية الحق
##لرئيس الجمهورية الحق في استخدام نص المادة 147 لإصدار القانون الموحد لدور العبادة دون اللجوء لمجلس الشعب## هذا ما فجره المستشار فهمي ناشد عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان قال: تأخير إصدار القانون الموحد لدور العبادة رغم مرور أكثر من خمس دورات برلمانية يؤكد سوء النوايا في عدم إصداره ولذا علي رئيس الجمهورية التدخل لإنقاذ السلام الاجتماعي بإصدار القانون طبقا لحقوقه الدستورية التي ينص عليها الدستور في المادة 147 التي تنص ## إذا حدث في غيبة مجلس الشعب ما يوجب الإسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير جاز لرئيس الجمهورية أن يصدر في شأنها قرارات تكون لها قوة القانون ## .
أشار ناشد :الوضع الآن أصبح خطيرا ولا يمكن السكوت عليه بعد تكرار الاعتداءات المستمرة علي مواطنين مصريين في ظل حالة الاستهتار بخطورة الوضع والتأخير في إصدار القانون الذي قدم منذ سنوات ولو صدر لقدم حلا أساسيا لجذور الفتنة المشتعلة الآن لكن الوضع تحول لمسرحية متكررة فهناك أصوات كثيرة تطالب بإصدار القانون واستعجاله شريطة إلا ينفذ,وهذا هو التناقض حتي وصلنا الي مرحلة الدماء والتدمير الذي ضرب كل قرية ونجع في أنحاء مصر نتيجة تأخير هذا القانون .
أضاف ناشد:تصريحات د. فتحي سرور رئيس مجلس الشعب بنفي وصول القانون للمجلس غير صحيحة لأن مشروع القانون مر بعدة مراحل داخل المجلس في عدة دورات ودخل إلي لجنة الشكاوي والاقتراحات وتبناه الدكتور محمد جويلي رئيس اللجنة ولكن لم تتوفر النوايا لتمريره وانتهت أكثر من دورة دون النظر فيه وأحيل إلي لجنة الإسكان ولكن انتهت الدورة دون النظر فيه لعدم الرغبة في إصداره وأصبحت سمعة مصر أمام العالم سيئة بعد رصد الانتهاكات ضد مواطنين بسبب منعهم من ممارسة الشعائر الدينية .
بنبرة يسودها التشاؤم من خطورة الأوضاع قال نبيل عبد الفتاح الخبير الاستراتيجي بمركز الأهرام:تحدثنا كثيرا ومل المثقفون والمستنيرون من الحديث عن خطورة هذه الأحداث وضرورة خروج القانون الموحد من جانب الإدارة السياسية لحل هذه المشكلات المتعلقة بدور العبادة المسيحية الناتجة عن الخط الهمايوني وشروط العزبي باشا العشرة وها قد حان الوقت لإصدار قانون يقبل جميع الأديان والمذاهب بالتكافؤ بين الجميع دون تمييز بترسيخ المواطنة الحقيقية وحرية الاعتقاد وهو ما يستدعي سرعة استعجال الحكومة لصدور هذا القانون .
بيوت الله يصلي بها
أشار بالقول د .عبد المعطي بيومي عميد كلية أصول الدين الأسبق:الخلافات الطائفية مفتعلة من قلة من الطرفين ولابد من وجود لجنة من الحكماء لدراسة تلك الظواهر الغريبة عن المجتمع المصري فالعلاقة جيدة منذ 1400 عام ورفض اتهام رجال الدين بإثارة الفتنة لأن أغلبهم يدعو للمحبة والتسامح وأطالب بتسهيل إجراءات بناء الكنائس أو المساجد وعدم وضع العراقيل أمامهما لانها بيوت لله ويصلي بها .
دعني أتساءل….
وحول أسباب تزايد هذه الأحداث يقول الكاتب الصحفي والناشط الحقوقي الدكتور ولــيم ويــصا:هناك عدة أسباب تتمثل في تحريض من بعض رجال الدين, وتواطؤ أمني, وإعلامي وغياب العدالة, وصمت رسمي علي أعلي مستوي.حيث لم يعد يكتفي بعض رجال الدين بتكفير الأقباط, بل يدفعون الآن المصلين للذهاب للتدمير والاعتداء, وقد تم إرسال أسطوانة مضغوطة إلي رئيس الجمهورية بعد أحداث بني ولمس والتي تم فيها إحراق لكنيسة مرخصة بعد تجديدها, وبدا فيها واضحا قيادة أحد رجال الدين للمعتدين. أما فيما يتعلق بالتواطؤ الأمني, يتهم الكثير من شهود العيان وضحايا هذه الاعتداءات الأمن ليس فقط بالتواطؤ ولكن بالتحريض, وبأن هذه الاعتداءات تتم في وجوده كما حدث في عزبة بشري بالفشن والتي تم فيها تدمير سيارة الأب الكاهن وتكرار الاعتداءات أثناء تواجد الشرطة.
أكد ويصا:يضاف إلي ذلك غياب كامل من جهاز العدالة, بعد شيوع جلسات الصلح العرفية فقط في حوادث الاعتداءات علي الأقباط والتي تضيع فيها حقوقهم, ويهرب الجاني من العقاب. ودعني أتساءل هنا أين النائب العام الذي يمثل ضمير الشعب في مواجهة هذه الاعتداءات؟
ويصاحب كل ذلك غياب الأمانة والصدق في التغطية الإخبارية من قبل أجهزة الإعلام في عرض حقائق هذه الاعتداءات, وصمت من قبل مجلس الشعب, الذي تجاسر أحد أعضائه عن المطرية وعين شمس عندما سئل في برنامج 90 دقيقة عن هذه الاعتداءات بالقول إنه فوجئ بأن الأقباط يصلون؟ أي إنه ينحاز لصالح الذين هاجموا المسيحيين الذين أرادوا الصلاة باعتراف علني منه.
ما الذي يمنع إذا هذه الاعتداءات التي تتكرر كل أسبوع, من تكرارها غدا وكل يوم؟ إنني أضع يدي علي قلبي من غد مظلم بسبب تواطؤ كافة أجهزة الدولة في هذه الاعتداءات.
.