لاتزال الساحة المصرية تؤثر علي الأوضاع الإقليمية والدولية, وإصرار الشباب المتظاهرين بميدان التحرير علي تحقيق مطالب الإصلاح الدستوري والسياسي والاقتصادي الفوري, وألا يتم إغلاق الملفات بالإعلان عن الحوار الوطني بين عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية وبين الأحزاب السياسية وقوي المعارضة المختلفة, وحتي مثول الجريدة للطبع كانت هناك العديد من الأطراف تحاول التوسط لإنهاء الاحتقان السياسي الراهن وإعادة الاستقرار للمجتمع وعودة الأمور لطبيعتها.
ومن أبرز الوسطاء مجموعة الحكماء التي قدمت مجموعة من المقترحات لنائب الرئيس وشباب المتظاهرين لتكون محورا للحوار بينهم وبين الحكومة, لتهدئة المتظاهرين أهمها أن يتم تكليف عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية بإدارة المرحلة الانتقالية, وأن يكون للشباب مكان واضح في الحوار الوطني ويتم تحديد مهامه وأهدافه والمشاركين فيه بصورة واضحة ومحددة, وأن يتم تطوير الإصلاحات السياسية وعدم قصر الحوار علي الأحزاب التقليدية ويتم توفير الضمانات الكافية لانتقال سلمي للسلطة, مع تقدير الدور الذي تقوم به المؤسسة العسكرية في هذه المرحلة, وحصلت مجموعة الحكماء علي تطمينات بقرب انفراج الأزمة بشكل يرضي جميع الأطراف.
وتضم مجموعة الحكماء عددا من الشخصيات التي تتمتع بقبول كبير في المجتمع منهم: الدكتور أحمد كمال أبوالمجد ورجل الأعمال نجيب ساويرس والدكتور أحمد زويل والدكتور عمرو حمزاوي والدكتور عمرو الشوبكي.
كما تم استئناف الحوار الوطني بين أحزاب المعارضة ونائب الرئيس عمر سليمان حيث شارك ممثلون من أحزاب الوفد والتجمع والبرلمان الشعبي وشخصيات مستقلة في الحوار الوطني لبحث كيفية الخروج من الأزمة السياسية والتوافق حول المواد الدستورية المطلوب تعديلها علي الفور وكيفية توفير مناخ سياسي مناسب يسمح بتداول سلمي للسلطة وتلبية مطالب المحتجين, ومنح أولوية لإعادة الانضباط للشارع المصري وأن يشعر المواطن بأن الأمور تسير في نصابها الطبيعي علي أن يتم منح الشباب فرصة التعبير عن الرأي والتظاهر السلمي في أي وقت بشكل لا يهدد استقرار الأوضاع في مصر, إلا أن الأحزاب والقوي السياسية أعلنوا مقاطعتهم للحوار في حال الاعتداء علي المتظاهرين وعدم توفير المناخ المناسب لهم.
كما شدد المجلس القومي لحقوق الإنسان علي أهمية تعديل الدستور بما يسمح بإنهاء الاحتقان السياسي الراهن مطالبا بتعديل المادة 88 من الدستور والخاصة بالإشراف القضائي مع المادتين 76 و77 التي طالب الرئيس مبارك بتعديلهما, كما دعا المجلس إلي الإسراع بإنهاء حالة الطوارئ وأن أحكام قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجنائية وتعديلاتها المتعلقة بجرائم الإرهاب والبلطجة تكفي لمواجهة تلك المخاطر في إطار إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية, بالإضافة إلي ضرورة احترام كافة مؤسسات الدولة لحقوق المواطنين في حرية الرأي والتعبير والتظاهر.
ومن ناحية أخري سيطرت الأزمة في مصر علي اجتماع الاتحاد الأوربي الأخير ودعا قادة دول الاتحاد الأوربي الـ27 إلي البدء بمرحلة الانتقال الديموقراطي في مصر مطالبين السلطات المصرية بتلبية تطلعات الشعب المصري عن طريق تطبيق الإصلاحات السياسية وليس عن طريق القمع, وأدان قادة دول الاتحاد الأوربي أعمال العنف التي شهدتها مصر, كما دعوا جميع الأطراف إلي ضبط النفس وتجنب مزيد من العنف وبدء البلاد في الانتقال المنظم إلي حكومة ذات قاعدة عريضة, كما حذر القادة الأوربيون من تعليق مساعدات الاتحاد الأوربي إلي مصر والبالغة نحو نصف مليار دولار خلال فترة الثلاثة أعوام الحالية, والتأكيد علي أن علاقات الاتحاد الأوربي مع مصر يجب أن تكون قائمة علي أساس المبادئ التي تنص عليها اتفاقية الارتباط والالتزامات التي قطعت.
من جانبه قال سيلفيو برلسكوني رئيس الحكومة الإيطالية إنه حين تهب رياح الحرية والديموقراطية تكون معدية والاستياء لا يقتصر علي مصر, فالأكثر فقرا هم الذين يتحركون, موضحا أن الأمل في الانتقال الآمن للسلطة في مصر يأتي بالديموقرطية دون قطيعة مع الرئيس مبارك الذي كان يعتبر حكيما ومرجعية في العديد من القضايا بالشرق الأوسط.
كما تتابع الولايات المتحدة الوضع في مصر بشكل كبير ويتم عقد مزيد من الاجتماعات تضم مسئولي الأمن القومي الأمريكي لبحث السيناريوهات الخاصة بمستقبل مصر, وتبحث إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما مع مسئولين مصريين اقتراحا يقضي باستقالة الرئيس مبارك وأن يسلم السلطة إلي حكومة مؤقتة برئاسة نائبه عمر سليمان بدعم من القوات المسلحة.
وأكد الرئيس الأمريكي أن الشعب المصري هو وحده القادر علي اختيار مصيره ومستقبله, وأن عملية تداول السلطة في مصر بدأت فعليا, وأكد أن الرئيس مبارك يعتز بنفسه ورجل وطني أيضا.
وكشفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية عن فكرة تبحثها الإدارة الأمريكية للخروج من المأزق الراهن عبر تشكيل حكومة انتقالية تدعي للمشاركة فيها مجموعات معارضة بمن فيها الإخوان المسلمون من أجل البدء بعملية تؤدي إلي انتخابات حرة وشفافة في سبتمبر المقبل.
يأتي ذلك بعد أن تبني مجلس الشيوخ الأمريكي قرارا يحث الرئيس مبارك علي تشكيل حكومة انتقالية, ويحث القرار الرئيس مبارك علي أن يقيم من الآن مرحلة انتقالية منظمة وسلمية نحو نظام سياسي ديموقراطي من خلال نقل صلاحياته إلي حكومة انتقالية بالتشاور مع قادة المعارضة والمجتمع المدني والجيش في مصر, والقرار يشير إلي أن هذه الحكومة ستكون مهمتها إجراء الإصلاحات الضرورية وإجراء انتخابات حرة وشفافة هذا العام.