لا أعلم لماذا غاب السياسيون ورجال الأحزاب عن المشهد المشتعل في إمبابة والذي لن ينطفئ بين عشية وضحاها؟ولماذا غاب أيضا الدعاة الذين كان لهم تواجد قوي في أحداث صول وغيرها أمثال صفوت حجازي أو محمد حسان بما لهم من رصيد لدي أتباعهم من الجماعات السلفية؟؟ أين جماعة الإخوان المسلمين الذي باتوا جزءا من الحركة السياسية في مصر…لا أطالب بأن يتصدر أحد المشهد ويقدم حلولا للأزمة فالجهات القانونية هي المنوط بها معاقبة كل المتورطين في هذه الأزمة وبسرعة حتي يكون ذلك العقاب رادعا لكل من يحاول زعزعة أمن مصر في تلك المرحلة الحرجة التي يجب الخروج منها بأمان.
أتساءل عن دور النخب السياسية التي أطلت علينا منذ ثورة 25يناير والتي تعرض برامجها كأحزاب أو كمرشحين محتملين للرئاسة ويملأون سماء الفضائيات بالأحاديث والتصريحات أمثال حمدين صباحي أو هشام البسطويسي أو عمرو موسي أو السيد البدوي وغيرهم. لماذا لا ينزلون للشارع في إمبابة فهذه فرصة ثمينة لهم لمعرفة كيف تسببت سياسات من سبقوهم في صنع القنابل الموقوتة المسماة بالعشوائيات..ولا أتحدث فقط عن إمبابة بل وأمثالها من المناطق التي تعتبر بيئة مثالية مفرخة للإرهاب والعنف والتطرف وكل أشكال الإجرام وأصبحت ملجأ لأبناء محافظات الصعيد الذين ضاق بهم العيش وهجروه زاحفين علي القاهرة ولإمبابة نصيب كبير من هؤلاء.
إمبابة يقطنها مايتجاوز المليون مواطن بدون أي خدمات تذكر, كأنهم مواطنون من الدرجة العاشرة ومن الطبيعي أن يكون الفقر وانعدام الخدمات تربة خصبة للتيارات الدينية المتشددة والتي تظهر وتختفي حسب الحالة الاقتصادية والسياسية التي يمر بها الوطن واليوم الوطن في أشد حالات الانفلات الأمني الذي أن استمر علي هذا النحو سيجر مصر إلي كارثة محققة.
علينا أن نعي الدرس والتجربة المريرة بالنظر إلي تلك المناطق التي سقطت من قطار التنمية ونحن في مرحلة إعادة بناء الدولة…وإذا كانت قوات الجيش ومدرعاته تقف اليوم في شوارع إمبابة مدججة بالسلاح لحماية الكنائس فهذا أمر من غير المقبول استمراره…نريد تجلي روح25 يناير في حماية شباب إمبابة مسلمين ومسيحيين منازلهم وكنائسهم وأن نفتخر بذلك, أن تعود روح المحبة والأخوة بين أبناء إمبابة, ففي عراك الإخوة الكل خاسر, ولا من مستفيد ولينزل الحكام القادمون ورجال أحزابهم, لتنزل وفود الدبلوماسية الشعبية فهنا أيضا دورها كما في منابع النيل ليقوموا بدور مطلوب وضروري, دور المصالحة وتضميد الجراح التي لن تلتئم إلا بعودة الوئام فتلك المنطقة إن اشتعلت لن يسمح ضيق شوارعها وحواريها بمرور سيارات الإطفاء…لكن تلك الشوارع والحواري تتسع لمرور القلوب المحبة لهذا الوطن.