حال الأقباط بعد ثورة 25يناير2011 وبعد اجتياح الإخوان المسلمين وأتباعهم من أعضاء معسكر الإسلام السياسي للثورة تردي بشدة ليصبح أسوأ كثيرا من حالهم قبل الثورة…لم يكن حال الأقباط في ظل حكم مبارك طيبا
حال الأقباط بعد ثورة 25يناير2011 وبعد اجتياح الإخوان المسلمين وأتباعهم من أعضاء معسكر الإسلام السياسي للثورة تردي بشدة ليصبح أسوأ كثيرا من حالهم قبل الثورة…لم يكن حال الأقباط في ظل حكم مبارك طيبا, بل كانوا يعانون من العديد من أوجه التفرقة بينهم وبين المسلمين في المساواة في حقوق المواطنة علاوة علي تعرضهم لشتي أوجه التعصب ضدهم ورفضهم وتهميشهم بسبب الدين ووقوعهم ضحايا للاعتداءات والتهديدات بين الحين والآخر…لكن قبل ثورة25يناير لم يكن يشعر الأقباط وسط متاعبهم ومعاناتهم بأن مستقبلهم وأمنهم وسلامهم في بلدهم أصبح في خطر…هذا هو ما يشعر به الأقباط الآن بعد مضي عامين ونصف علي الثورة وبعد وصول جماعة الإخوان المسلمين إلي السلطة وفي ظل سيل الاعتداءات والتهديدات التي يتعرضون لها بصفة شبه يومية من سائر أقطاب ورموز معسكر الإسلام السياسي الجهادي الإرهابي,وما يؤجج شعورهم بالقلق والخوف أن كل ذلك يحدث وسط صمت رسمي وغياب أمني وتواطؤ قضائي…صحيح أني سبق وكتبت أن قضاء مصر سيظل شامخا عادلا بالرغم من الضربات التي يتعرض لها,لكني ومن واقع ماعرضت من أحكام وحيثيات أحكام كنت أشير إلي الدرجات العليا المرموقة من الهرم القضائي مثل المحكمة الدستورية العليا والمحكمة الإدارية العليا ومحكمة النقض ومجلس الدولة…أما إذا انتقلنا إلي الدرجات الأدني من درجات التقاضي فسوف نصطدم بسلوكيات منسوبة إلي منصات تلك الدرجات وأحكام صادرة عنها تثير استنكار واحتجاج وطعن العاملين في حقل العدالة…وليس أدل علي ذلك من رضوخ المنصة لمطلب الدفاع المسلم في إحدي القضايا استبعاد عضو اليمين لأنه قبطي(!!!),علاوة علي سلسلة أحكام الإدانة الصادرة ضد أقباط في قضايا اتهامهم بازدراء الإسلام(!!!).
ألا يحق للأقباط في ظل هذا المناخ المريض بالتعصب والمتربص بهم أن يشعروا بعدم الأمان؟…ألا يحق للقلة منهم-والحمد لله أنها قلة- إذا شعرت بعدم الاطمئنان علي مستقبلها ومستقبل أولادها أن تسعي لمغادرة مصر؟…ألا يحق لمن يشعر بالغربة في بلده ومن يفقد إحساس الأمان والانتماء أن يبحث عن ذلك الذي يفتقده في مكان آخر؟…ويجب أن نعترف أن هناك شريحة-مهما كانت صغيرة- من الأقباط تشعر بالغربة والرفض والعزلة في وطنها,كما تشعر بأنها تقف وحيدة عارية عن حماية الدولة أو الأمن أو القانون,وهذه الشريحة مستعدة أن تفعل أي شئ في سبيل الهرب من ذلك المصير البائس الذي تجد نفسها فيه…لذلك نسمع بين الحين والآخر عمن سافر إلي خارج مصر قاصدا دولة من دول العالم الغربي الحر حيث تقدم بطلب الحصول علي حق الإقامة مؤسسا علي اللجوء الديني هربا من الاضطهاد في بلده.
هذا الواقع المؤسف الذي لانتمناه لبلدنا أن تتهم في المحافل الدولية باضطهاد بعض مواطنيها,أصبح حقيقية مريرة تتداولها كافة الدوائر المعنية بحقوق الإنسان,وبعد أن كان قبل ثورة25يناير من العسير جدا لقبطي أن يحصل علي حق اللجوء الديني أصبح الأمر بعد الثورة أقل عسرا وأعلنت أكثر من دولة أنها وهي ترصد بكل قلق ما يحدث لأقباط مصر ستعيد فتح الأبواب لبحث حالات طلب اللجوء الديني وستدرس بجدية الموافقة علي الطلبات التي تثبت صحتها وأحقيتها في الحصول علي ذلك الحق.
أولي ثمار هذا الواقع المريض ظهرت هذا الشهر عندما أصدرت المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان في 6يونيو حكمها القاضي بإيقاف ترحيل قبطي من فرنسا ومنحه حق الإقامة لاستشعار المحكمة أن هذا المواطن إذا عاد إلي مصر سوف يتعرض للتهديد والخطورة علي حياته وأمنه وسيكون ضحية للاضطهاد والتعذيب والمعاملة غير الإنسانية التي تحط من شأنه.
إنني إذ أسطر هذا الحكم أشعر بالخجل والألم أن ينسب ذلك إلي بلدي, لكني كما ذكرت أتفهم الأسباب التي تدعو دوائر العدالة وحقوق الإنسان في العالم الخارجي الحر لأن تنظر إلي مصر بعد الثورة تلك النظر القلقة الرافضة لما يحدث فيها من شق الصف الوطني واستهداف الأقليات واستباحة الحقوق والممتلكات والأعراض لا لشئ سوي التمييز الديني البغيض…وإن كنت أسلط الضوء علي الحكم لأفضح الواقع البائس الذي نعيشه لست أروج للحالة موضوع الحكم علي أنها نموذج يحتذي,فلازلت أؤمن أن أقباط مصر لديهم مخزون هائل من الحب لبلدهم والارتباط بأرضها ونيلها والالتصاق بشعبها المسلم الطيب,كل هذا المخزون يجعلهم لا يقبلون عنها بديلا,إنما يصرون علي التشبث بها والدفاع عنها والعمل علي إنقاذها ممن اختطفوا ثورتها واغتصبوا وداعتها ووسطيتها…هذا هو واجب الجهاد الوطني لأقباط مصر متحدين مع إخوتهم المسلمين…هذا هو طريق الرفض والاحتجاج والتمرد الجاري الإعداد لنسلكه في30يونيو والذي أصلي أن نتسلح فيه بالبصيرة والحكمة وبعد النظر لأن يكون ذلك التاريخ بداية الجهاد من أجل التغيير وليس نهايته…فما لايتأتي إدراكه بالنزول إلي الشارع يمكن إدراكه بالحفاظ علي قوة الدفع ومخزون الحماس ورصيد الإصرار وصولا إلي صندوق الانتخاب.