لم يكن أحد يتوقع عودة الإرهاب في أبشع صوره, والدور الأكبر لرأب الصدع يقع علي عاتق المثقفين والمستنيرين.. أدرك الصحفيون هذا المنطق فسارعوا بتنظيم وفد عن الجمعية العمومية قوامه 29 صحفيا من مختلف الصحف والتوجهات معظمهم من المسلمين في مقدمتهم صلاح عبدالمقصود, جمال عبدالرحيم, عبير السعدي, أعضاء مجلس النقابة, وأحمد طه النقر ومحمد محمود ونور الهدي زكي, ود. عمار علي حسن, وصباح قطب, وسامية صادق وبهيجة حسين وغيرهم ممن استجابوا للمبادرة وزيارة مصابي الإسكندرية وتقديم العزاء للكنيسة ومواساة أسر الشهداء.
التقينا في البداية مع الدكتور كميل صديق سكرتير المجلس الملي قال: تعددت العوامل المزيدة لعوامل الاحتقان في العقود الأخيرة حتي وصلنا للفصل النهائي الذي كان يعد المسرح المصري له, وما حدث في كنيسة القديسين هو العرض الأول الذي سبقته تحذيرات ونداءات عديدة لم ينتبه لها المعنيون, وأعتقد أنه لن يكون العرض الأخير إذا تم ترك الجناة يفلتون دون عقاب كما حدث في أحداث محرم بك التي تم تكوين لجنة تقصي حقائق لها ولم تجتمع ولا مرة حتي الآن.
تركنا البطريركية وذهبنا إلي كنيسة القديسين بصحبة الزميلين جوزيف ملاك وكريم كمال حيث يحيط الأمن بالشارع من كل جهة والسيارات تمنع المرور تماما ودخلنا بالتصاريح الأمنية, لنري الكنيسة في مواجهة الجامع وواجهتاهما ملطختان بالدماء تتناثر عليهما بعض من بقايا أشلاء الضحايا.
تركنا شرق المدينة متوجهين لمستشفي فاروق خلف كنيسة القديسين وجدنا إحدي الطبيبات تتناقش عع شخص في هيستريا شديدة إنها نجلاء جميل فسألناها عن السبب قالت: تركت المستشفي وذهبت للكنيسة ليلة رأس السنة كنت أمام الكنيسة الساعة 12.15 لم أجد أي عسكري هناك وشاهدت الضابط المسئول عن الحراسة جالسا في سيارته علي ناصية شارع العيسوي علي بعد أكثر من 100 متر من الكنيسة.
اصطحبتنا د. نجلاء إلي المصابين هناك لنزورهم معظمهم مصابون بحروق شديدة واحتراق الشظايا لأجسادهم أما ما أصاب قلوبنا بالوجع عندما دخلنا إلي العناية المركزة لنشاهد كارين الطفلة المحترقة.. أربع سنوات.. وجه ملائكي محترق تماما ترقد بلاسند فأسرتها بالكامل مصابة بإصابات بالغة.. كارين أوجعت قلوبنا فتركنا المستشفي راحلين غير محتملين ما نراه.