ذكرنا في العدد الماضي أن من اهداف التجسد
أ- عرفنا الله ونستكمل في هذا العدد اهداف التجسد:
لم يهدف إلهنا العظيم بتجسده أن نتعرف عليه وحسب, بل قصد أن يفدينا من موت الخطية ويعتقنا من سلطانها الخطير. فكيف كان ذلك؟
سقط أبونا آدم, وكانت سقطته غير محدودة حيث أنها كانت موجهة إلي إلهنا غير المحدود. كما أنها أورثت الجنس البشري طبيعة فاسدة, فلم ينتج عنها سوي المزيد من الخطايا في الأجيال المتعاقبة, وهكذا صارت خطية الجنس البشري غير محدودة من حيث نوعها وكمها.
ما الحل إذن؟
هناك أكثر من احتمال:
1- ينفذ الله كلمته ويميت الإنسان, وينتهي كل شئ لكن هذا معناه هزيمة الله أمام الشيطان الذي أفسد له عمل يديه. ما الحكمة من خلق الإنسان إذن, مادام سيسقط في الموت منذ البداية؟
2- يسامح الله الإنسان, فهو محب ورحوم. ولكن هذا يعني أن تتجلي إحدي كمالات الله (المحبة) بينما تتضاءل صفة أخري (العدل).
وهذا بالإضافة إلي أن المشكلة لا تكمن فقط في مسامحة الإنسان الساقط, ولكن في مداواة آثار السقوط, أي فساد الطبيعية الإنسانية. ما قيمة أن يسامحني الله عما سلف, دون أن يجدد ويقدس طبيعتي حتي تنتصر علي الخطيئة ونصير شركاء طبيعته القدوسة؟
3- إذا, فليرسل الله فاديا لفداء الإنسان, فمن جهة ينفذ فيه حكم الموت, ومن جهة أخري تنال البشرية الغفران. ولكن ما المطلوب من هذا الفادي؟
مواصفات الفادي المطلوب
إن مهمة الفادي خطيرة, فهو لابد أن تتوافر فيه صفات معينة مثل:
1- يجب أن يكون الفادي إنسانا, فالإنسان هو الذي سقط, والفادي سيمثله في حمل القصاص.
2- ويجب أن يموت هذا الفادي: ##لأن أجرة الخطية هي موت## (رو 23:6), ولأن حكم الله علي آدم وحواء كان هو الموت ##موتا تموت## (تك 18:2).
3- ولكن هذا الفادي يجب أن يكون غير محدود, ليستطيع وفاء الدين غير المحدود علي الإنسان, وذلك – كما ذكرنا – لأن الخطية كانت موجهة ضد الله غير المحدود, ولأن البشرية كلها ساهمت بنصيب في هذا الدين فصار ضخما جدا.
4- كذلك يجب أن يكون الفادي بلا خطية, لأن فاقد الشئ, لا يعطيه, إذ كيف يفدينا وهو خاطئ يحتاج لمن يفديه؟!
5- ويجب أن يكون خالقا لأن المطلوب منه ليس فقط الغفران, ولكن تجديد خلقة الإنسان, بالروح القدس.
وأمام هذه المواصفات كان لابد من التجسد, لماذا؟
التجسد هو الحل
لأن أقنوم الكلمة, الحكمة الإلهية, حينما اتخذ له جسدا وحل بيننا, صار قادرا أن يفدي الإنسان, محققا كل المواصفات المطلوبة:
أ- فبناسوته: هو إنسان, يموت.
ب- وبلاهوته: هو غير محدود, بلا خطية, خالق.
وهكذا استطاع رب المجد أن يحل مشكلة فساد الطبيعة البشرية, بأن ##أخذ الذي لنا وأعطانا الذي له##. أي أنه حمل خطايانا, وبررنا ببره كما أنه أخذ جسدنا بلا خطية, وأعطانا شركة طبيعته الإلهية.
هل هناك حل آخر؟ مستحيل!..