الطريق إلي البيت الأبيض, والفوز بمقعد الرئاسة في الولايات المتحدة ربما يكون مختلفا بعض الشئ عن طريق الوصول لمقعد السلطة في دول أخري عريقة في الممارسة الديموقراطية, فالحصول علي الأغلبية في التصويت الشعبي ليس معناه ضمان الفوز في الانتخابات, وخلال تاريخ أمريكا سجلت ثلاث حالات لم يحصل الفائز فيها بمقعد الرئاسة علي أغلبية الأصوات الشعبية. آخرها حدث عام 2000 عندما فاز الرئيس الحالي جورج دبليو بوش بولايته الأولي متغلبا علي المرشح الديموقراطي آل جور رغم تفوق الأخير في التصويت الشعبي في كل أنحاء الولايات المتحدة بفارق نحو 540 ألف صوت.
هذه الحالة تحدث عندما يفوز المرشح في بعض الولايات بفارق ضئيل ولكنه يخسر بفارق كبير في ولايات أخري, وهذا السبب دعا البعض إلي المناداة بإلغاء نظام المجمع الانتخابي -الذي يمنح كل ولاية باستثناء ولايتي ماين ونبراسكا عددا من الأصوات الانتخابية وفقا لتعداد سكانها وبشكل يعادل عدد ممثليها في الكونجرس,ويحصل المرشح الذي يفوز بالتصويت الشعبي لكل ولاية علي جميع أصوات المقترعين الذين يمثلونها- إلا أن النظام الفيدرالي الأمريكي عمد إلي اختيار هذا النظام لإجبار المرشحين علي عدم الاهتمام فقط بالولايات ذات الكثافة السكانية الكبيرة والقيام بحملاتهم أيضا في الولايات الأخري ذات العدد الأصغر من السكان والتي ربما كان سيتم تجاهلها في ظل نظام انتخابي مباشر, وكان يمكن نظريا وفقا للاقتراع المباشر أن يكتفي المرشح للانتخابات باختصار حملته فقط علي الولايات الاثنتي عشرة الأكثر كثافة سكانية, وتجاهل الولايات الأخري الثماني والثلاثين.
من هنا تمثل أصوات كل ولاية -حتي لو كانت قليلة- أهمية قصوي لكل مرشح من أجل الفوز بالانتخابات ولابد للفائز في النهاية أن يحصل علي 270 صوتا من إجمالي أصوات المجمع الانتخابي للولايات الخمسين والتي تبلغ 538 صوتا.
ولايات مضمونة
بصفة عامة ضمن مرشح الحزب الديموقراطي باراك أوباما الفوز في 14 ولاية تصوت غالبا للديموقراطيين ويتفوق فيها أوباما من خلال استطلاعات الرأي بفارق يتجاوز حاجز العشر نقاط, هذه الولايات الـ14 يبلغ إجمالي أصواتها 192 صوتا وأبرزها ولاية كاليفورنيا (55 صوتا) وهي أكبر الولايات من حيث التعداد السكاني وعدد الأصوات, وولاية نيويورك (31 صوتا) وولاية إيلينوي – التي يقطنها المرشح الديموقراطي – (21 صوتا), بينما يتقدم أوباما في ولايات أخري تميل نسبيا للديموقراطيين بفارق أقل من عشر نقاط مثل نيوهامبشاير وويسكنسن ومينيسوتا وواشنطن.
أما المرشح الجمهوري جون ماكين فيضمن الفوز في 15 ولاية تصوت للجمهوريين غالبا ويبلغ إجمالي أصواتها 122 صوتا وأهمها ولاية تكساس (34 صوتا) وتعد ثاني أكبر الولايات في المجمع الانتخابي بعد كاليفورنيا, وتينيسي (11 صوتا) وأريزونا – التي يقطنها ماكين _ (10 أصوات). فيما تميل نسبيا للحزب الجمهوري بفارق أقل من عشر نقاط في استطلاعات الرأي مجموعة أخري من الولايات مثل جورجيا وإنديانا ولويزيانا.
ولايات متأرجحة
علي خلاف الولايات السابقة التي دأبت تاريخيا علي تفضيل مرشح أو حزب معين علي الآخر, فهناك ولايات أخري تعرف بالولايات المتأرجحة ##Swing States##أو ولايات ساحة المعركة, وهي الولايات التي ستحسم نتيجة الانتخابات ومن الصعب التنبؤ بالنتائج بها, وتتسم عادة بعدم ثبات تصويتها لأي من مرشحي الحزبين علي مدار تاريخ انتخابات الرئاسة, والناخبون في هذه الولايات منقسمون بالتساوي تقريبا في ولاءاتهم السياسية حتي أن دعمهم علي مستوي الولاية يتغير من حزب إلي حزب بين فترة وأخري.
أبرز هذه الولايات وأكبرها من حيث عدد الأصوات ولاية فلوريدا(27 صوتا), وهذه الولاية صوتت للرئيس الحالي جورج بوش في الفترتين السابقتين بفارق ضئيل وتحديدا منذ 8 سنوات فاز بوش بالانتخابات بفضل ولاية فلوريدا التي فاز بها بفارق أقل من 1 % علي منافسه آل جور وبعد حكم من المحكمة العليا بشأن إعادة فرز الأصوات, ودارت وقتها مناقشات ومناوشات طويلة بين الحزبين الجمهوري والديموقراطي حول أحقية بوش في الفوز بأصوات هذه الولاية. وفي الانتخابات الحالية كان ماكين متقدما في استطلاعات الرأي بفلوريدا إلي ما قبل المناظرات الرئاسية الثلاث وظهور الازمة المالية العالمية, ولكن الحال تغير في الفترة الأخيرة حيث يتقدم أوباما السباق هناك وفقا للاستطلاعات بفارق يقل عن 5 نقاط.
وتأتي ولاية أوهايو (20 صوتا) من ضمن هذه الولايات المتأرجحة وتعد إحدي الولايات الحاسمة التي تحدد بشكل كبير الفائز في الانتخابات الرئاسية بشكل عام, ويتقدم باراك أوباما في استطلاعات الرأي هناك بفارق معقول يتراوح مابين 6 إلي 10 نقاط, وخلال الانتخابات الماضية استطاع الرئيس جورج بوش الفوز بها علي منافسه الديموقراطي جون كيري بفارق 2% من الأصوات.كما فاز بها بوش في ولايته الأولي وفاز بها كذلك الرئيس السابق بيل كلينتون في الانتخابات التي سبقت فترتيه الرئاسيتين.
كذلك تعتبر ولاية بنسلفانيا (21 صوتا) من الولايات المهمة, وفي انتخابات 2000 و 2004 فاز بها المرشحان الديموقراطيان آل جور وجون كيري بفارق ضئيل عن جورج بوش, وكثف ماكين حملته في الولاية محاولا اجتذاب العناصر المحافظة من الناخبين المؤيدين عادة للحزب الديموقراطي, ولكن بنسلفانيا ضمن الولايات الأمريكية الأكثر تضررا من الأزمة المالية مما يعطي أفضلية لباراك أوباما تتضح من تقدمه هناك أيضا في استطلاعات الرأي.
وهناك أيضا ولاية فرجينيا (13 صوتا) والتي ظلت تاريخيا تدعم مرشحي الرئاسة من الحزب الجمهوري منذ عام 1992 ولكنها دأبت خلال السنوات الأخيرة علي تأييد الديموقراطيين في الانتخابات المحلية, وقد كثف المرشح الديموقراطي باراك أوباما حملته في فيرجينيا محاولا حشد تأييد الناخبين السود والبيض المتعلمين, أما جون ماكين فيحتاج بشدة للفوز بهذه الولاية إذا أراد الوصول إلي البيت الأبيض, وتظهر الاستطلاعات هناك تقدما واضحا لأوباما بفارق يزيد علي 5 نقاط.
ويري المحللون أن باراك أوباما بات قادرا علي منافسة جون ماكين بقوة في ولايات كانت مؤخرا من نصيب الجمهوريين مثل كارولاينا الشمالية (15 صوتا) وهو في سبيل ذلك يسعي إلي تسجيل أكبر عدد من الناخبين السود هناك, ويتقدم بفارق ضئيل علي منافسه في استطلاعات الرأي بالولاية التي تصوت لصالح المرشح الجمهوري منذ عام 1980, كذلك دخل أوباما منافسا بقوة في عدد من ولايات الغرب التي تميل تقليديا للجمهوريين وأبرزها ولايات نيفادا وكلورادو ومونتانا.
ورغم أن استطلاعات الرأي والصحف الأمريكية الكبيرة تشير إلي أن المرشح الديموقراطي باراك أوباما سيفوز بالانتخابات وأنه ربما يحتاج إلي الفوز بولاية واحدة أو اثنتين من بين الولايات المتأرجحة إلا أن النتيجة النهائية لن تحسم إلا بعد انتهاء عملية التصويت, والاستطلاعات أحيانا قد تبدو خادعة خاصة إذا كان الفارق بين المرشحين ضئيلا في عدد من الولايات المهمة.
أوباما نفسه حذر أنصاره قبل أسبوعين من الإفراط في الثقة في الفوز استنادا إلي هذه الاستطلاعات وقال إنه كان من المفترض أن يفوز في ولاية نيو هامبشاير في يناير الماضي خلال الانتخابات التمهيدية للحزب الديموقراطي لكنه خسرها أمام هيلاري كلينتون _ رغم تقدمه في استطلاعات الرأي بفارق نحو 13 نقطة – وأضاف أنه تعلم في نيوهامبشاير أنه لا يتعين أن يعطي أهمية كبيرة لاستطلاعات الرأي.