لا تندهش عندما أقول إن الريف المصري أكثر نظافة من المدن بما فيها القاهرة…فمن المناظر المألوفة التي تعودت عليها عندما كنت أزور قريتي البرجاية التابعة لمحافظة المنيا هي رؤية الفلاح البسيط,وقد خلع ملابسه بجوار الترعة وألقي بنفسه في مائها في أشهر الشتاء القارس البرد لينظف نفسه ويتطهر قبل صلاة الفجر.
الأغرب من ذلك أن الريف لا يعرف شيئا اسمه الزبالة(القمامة)فكل البقايا من الاستعمال اليومي في البيت أو الغيط تستهلك فيما هو مفيد ونطلق عليهالتدوير…فبقايا تنظيف الخضر تلقي للطيور والدواجن لتجهز عليها تماما بما في ذلك قشر الطماطم,وبقايا اللحوم والعظام تلقي للكلاب والقطط,والقش وقوالح الذرة والمواد الصلبة والخشنة تستعمل موادا للإشعال في الأفران,وحتي روث الماشية يجمع من الدروب والحواري ويستخدم كأجود أنواع السماد للمزروعات لذلك لا توجد أية مخلفات أو زبالة في الريف.
تعالي معي إلي بيوت وعمارات وسط العاصمة…السلالم غالبا ملوثة ببقايا أكياس الزبالة التي نهشتها القطط الضالة وبعثرت محتوياتها.الأسوأ من ذلك لو ألقيت نظرة علي مناور هذه العمارات مهما كانت فخامتها ستصدمك أكوام الذبالة وقد أصبحت مرتعا للصراصير والفئران,وإذا رفعت عينيك إلي أعلي المنور ستجد بقايا الزبالة عالقة علي الشبابيك…ويري هذا حتي علي العمارات التي بها مواسير داخلية في المطابخ لإلقاء البقايا فإنها لا توضع في أكياس قبل إلقائها في الحجرة المعدة لذلك في أسفل العمارة فتتحول المواسير والحجرة إلي مرتع ووليمة لجميع أنواع الحشرات.
لذلك لا تندهش عندما أقول إن الفلاحة البسيطة أكثر نظافة من كثيرات من هوانم المدينة.