لازلنا نتأمل مزمور 33 الذي يدعونا الروح القدس فيه لنسبح الله رب الخليقة,وإله كل البشر.
1ــ إنهم يسبحون صاحب المعرفة الكاملة:طوبي للأمة التي الرب إلهها,الشعب الذي اختاره ميراثا لنفسه.من السموات نظر الرب,رأي جميع بني البشر,من مكان سكناه تطلع إلي جميع سكان الأرض.
المصور قلوبهم جميعا.المنتبه إلي كل أعمالهم (آيات 12 ــ15) .خلق الله كل البشر,وهو يراقبهم جميعا ويعرف كل أعمالهم وأفكار قلوبهم ويعتني بهم,ويشرق بنوره وينزل أمطاره عليهم.ومن بينهم خليقته المختارون ,أصحاب المكانة الخاصة عنده,لأنه اختارهم ميراثا لنفسه,عزيزا عليه,لا يفرط فيه,ولا يستبدله والمختار هو الذي يقبل المسيح مخلصا له كل الذين قبلوه أعطاهم سلطانا أن يصيروا أولاد الله,أي المؤمنون باسمه ,الذين ولدوا…من الله (يو 1:12).ويوجه الله للبشر جميعا دعوة عامة تقول: التفتوا إلي واخلصوا ياجميع أقاصي الأرض ( إش 45:22) وكل من يقبل هذه الدعوة يصبح من جماعة الرب الخاصة المختارة التي قبلته مخلصا,والتي صلي المسيح لأجلها في صلاته الشفاعية:لأجلهم أقدس أنا ذاتي ليكونوا هم أيضا مقدسين في الحق يو 17:19 فقد خصص نفسه لجماعة المؤمنين ,ليصبحوا خاصته .فليهتفوا شاكرين لأنهم ينتمون إليه,ولأنهم ميراثه,يقول لهملأن أباكم يعلم ما تحتاجون إليه قبل أن تسألوه مت 6:8.إن كنت بعيدا عن الله وارتكبت أخطاء لم تجاز عليها,وأنت تظن أن الله لا يحسن ولا يسئ صف 1:12 ,فلتعلم أن الله لابد أن يجازي كل واحد حسب عمله ,لأنه يعرف كل شئ يارب قد اختبرتني وعرفتني.أنت عرفت جلوسي وقيامي..لأنه ليس كلمة في لساني إلا وأنت يارب عرفتها كلها..لم تختف عنك عظامي حينما صنعت في الخفاء,ورقمت في أعماق الأرض مز139:15,4,2,1.
2ــ يسبحون صاحب القوة الكاملة لن يخلص الملك بكثرة الجيش الجبار لا ينقذ بعظم القوة.باطل هو الفرس لأجل الخلاص,وبشدة قوته لا ينجي آيتا 17,16 .يظن الناس أن خلاصهم من أعدائهم يتوقف علي جيشهم الكبير وترسانتهم العسكرية,لكن الحقيقة هي أن النصر من عند الرب,وليس للرب مانع عن أن يخلص بالكثير أو بالقليل 1صم 14:6.أنقذ شعبه الضعيف من يد فرعون القوي,فتمجد بفرعون ومركباته وفرسانه خر 14:18 وعاد ينقذ شعبه عندما قاد القاضي جدعون ثلاث مئة رجل يحملون أبواقا وجرارا ومشاعل ليهزموا الجيش المدياني المكون من 32 ألف جندي قض 7:19 ــ25 ولم تقدر قوة المديانيين العظيمة أن تنقذهم,ولا حماهم سلاح فرسانهم من أن يقتلوا بعضهم بعضا في غمرة رعبهم من سماع أصوات أبواق وجرار تتكسر! وكان هذا اختبار داود الصغير أمام جليات الجبار 1صم 17 كما كان اختبار بطرس في سجن هيرودس أع 12 واختبار بولس وسيلا في سجن فيلبي أع 16
3ــ يسبحون صاحب النجاة الكاملة: هوذا عين الرب علي خائفيه الراجين رحمته,لينجي من الموت أنفسهم وليستحييهم في الجوع آيتا 19,18 .لأن عيني الرب علي الأبرار,وأذنيه إلي طلبتهم ولكن وجه الرب ضد فاعلي الشر 1بط 3:12.لله شعب مختار من كل قبيلة وشعب ولسان رؤ 7:9 يحب الرب ويتمتع برعايته ويتقيه ويخافه ويرجو رحمته وينظر الرب إلي شعبه بعين الرضا والرعاية فينجي نفوسهم من الموت في الحروب التي يشنها عليهم أعداؤهم,ويستحييهم إذا أصاب الجفاف أرضهم ونقصت محاصيلهم الزراعية,ويقول لهم أما أنتم فحتي شعور رؤوسكم جميعا محصاة.فلا تخافوا.أنتم أفضل من عصافير كثيرة مت 10:31,30 وعندما نخاف الرب نتقيه ,ثم نرجوه وننتظره فينجي نفوسنا من الموت ويستحيينا في الجوع.
ويختم المرنم مزموره بشرح كيف يكون التسبيح؟آيات 20 ــ 22:
1ــ ليكن التسبيح بروح الانتظار :أنفسنا انتظرت الرب,معونتنا وترسنا هو آية 20 إننا نسبح إلها حيا فعالا ننتظره ,لأنه معونتنا وترسنا والترس قطعة خشب مغطاة بالجلد,يتلقي الجندي بها السهام الموجهه ضده ,فينغرس فيها سن السهم,فلا يؤذي الجندي.عندما وجد بنو إسرائيل البحر الأحمر أمامهم ,والجيش المصري من ورائهم ,خافوا جدا فقال لهم موسي : لا تخافوا .قفوا وانظروا خلاص الرب الذي يصنعه لكم اليوم..الرب يقاتل عنكم وأنتم تصمتون خر 14:14,13 وكان الرب معونتهم وترسهم.ونحن اليوم لا نتبع أوهاما,فإن الساكن في ستر العلي في ظل القدير يبيت مز 91:1 ننتظر الرب فيأتي لمعونتنا.إنه لا يقدم لنا تشجيعا كلاميا فقط بل وعودا مقرونة بالأفعال.هو الإله الفاعل في التاريخ,وفي الحاضر والمستقبل,وهو القائل :ها أنا معكم كل الأيام إلي انقضاء الدهر مت 28:20.فلنسبحه وننتظر خلاصه.
2ــ ليكن التسبيح بروح الفرح : لأنه به تفرح قلوبنا ,لأننا علي اسمه القدوس اتكلنا آية 21.اسم الرب برج حصين ,يركض إليه الصديق ويتمنع أم 18:10 واسم الرب يعني شخصه,كامل المحبة والقداسة والحكمة والقوة فنتكل بفرح عليه لأنه الحي صخر,الدهور,صاحب السلطان في الأرض كلها,الذي قال : دفع إلي كل سلطان في السماء وعلي الأرض مت 28:18.وهندما قال بيلاطس له: ألست تعلم أن لي سلطانا أن أصلبك وسلطانا أن أطلقك؟ أجابه: لم يكن لك علي سلطان البتة لو لم تكن قد أعطيت من فوق يو 19:11,10 وعندما يتكل عليه المؤمنون يجدون الفرح الروحي العميق حتي في أقسي الظروف.في مدينة فيلبي ضرب الرسولان بولس وسيلا كثيرا,ووضعا في السجن الداخلي,ولكنهما كانا فرحين لأنهما حسبا مستحقين أن يهانا من أجل اسم المسيح.ولا يمكن أن يرنم سجين مضروب جريح بصوت عال وبفرح حتي يسمعه جميع السجناء إلا إن كان فرحه نابعا من قوة عليا ولا غرابة فإن فرح الرب هو قوتكم نح 8:10.وعندما وجد سجان فيلبي خلاص نفسه تهلل مع جميع بيته إذ كان قد آمن بالله أع 16:34 .فما أسعد شعبه وهم يسمعونه يقول :خرافي تسمع صوتي وأنا أعرفها فتتبعني,وأنا أعطيها حياة أبدية,ولن تهلك إلي الأبد,ولا يخطفها أحد من يدي يو 10:28,27.
3ــ ليكن التسبيح بروح الصلاة :حول المرنم تسبيحه إلي صلاة قال فيها: لتكن يارب رحمتك علينا حسبما انتظرناك آية 22 يسبحه وينتظر معونته بكل فرح,واثقا أنه سينال رحمة ويجد نعمة وعونا في حينه عب 4:16.ويكرر المرنم إعلان انتظاره للرب.وبقدر ما ننتظره يعطينا وكما آمنت ليكن لك مت 8:13 .فلنصل واثقين ,لأنه بدون إيمان لا يمكن إرضاؤه عب 11:6.
هناك فرق كبير بين التربية البشرية والتربية الإلهية,فالبشر يفرحون بأن أولادهم وقفوا علي أقدامهم واعتمدوا علي أنفسهمم,أما الآب السماوي فلا يريد أولادا مستقلين ,بل أبناء معتمدين عليه دائما,لأنهم بدونه لا يقدرون أن يفعلوا شيئا يو 15:5.وحتي عندما يكبرون روحيا ويحققون لمجد الله لشئ الكثير,لابد أ يظلوا معتمدين عليه.فلنطلب من الله أن يزيد انتظارنا انتظرنا له,وأن يوسع آفاق إيماننا ويعطينا رؤية أكبر.ولتكن رحمته علينا حسبما ننتظره في تحقيق نهضة لحياتنا الروحية,ولكنيستنا,فننتعش ونتبارك نحن وبلادنا,ويسود العدل بيننا,ويتوقف الظلم,ويتحقق قصد الله أكثر في حياتنا,ونصبح بركة لبلادنا كما أرادنا المسيح أن نكون ملحا للأرض,ونورا للعالم,وخميرة صالحة تخمر العجين كله.