يعتبر هذا المثل من أشهر الأمثال التي قالها السيد المسيح ربما لأنه يضم بين تفاصيله الكثير من الدروس العميقة التي توقف أمامها العديد من الشراح ففي هذا المثل يتكلم عن أساسيات في الحياة مع الله والفحص الدقيق المهم للقلب والذي يشمل أيضا ضرورة الانتباه إلي كيفية السمع وكيفية التجاوب مع ما نسمعه, وكأنه يؤكد علي ما جاء في سفر الأمثال (4:27) فوق كل تحفظ احفظ قلبك, لأن منه مخارج الحياة. ويبتدأ الرب يسوع من واقعنا العملي الحقيقي في كشف أعماق قلوبنا وأفكارنا فيتكلم عن أربعة أنواع من الناس طبقا للطريقة التي يسمعون ويتجاوبون بها, ويبدأ الرب يسوع في تفسير المثل منبها إلي ماهية البذور التي الزارع والتي هي كلمة الملكوت بحسب متي أو هي كلمة الله بحسب لوقا, هي الكلمة الفاعلة المؤثرة التي تنفذ في الأعماق إلي ما بين النفس والروح والمفاصل ومخاخ العظام وتحكم علي خواطر القلب وأفكاره, ولكن الكيفية التي نسمع بها هذه الكلمة وتجاوبنا معها هي التي تسمح لقوة هذه الكلمة أن تفعل وتؤثر فتهدم وتبني تقلع وتغرس في نفوسنا وقلوبنا طرق الله وحياته فنتغير ونصير مشابهين صورة الابن الوحيد. الكيفية الأولي التي نسمع بها ونتجاوب نجدها في البذور المزروعة علي الطريق فهذا الشخص قد سمع بالأذن ولكنه لم يفهم بالقلب فهو لم يعط لنفسه الفرصة أن يتفكر ويتأمل في كلام الملكوت لذا فقد ظل الكلام علي الطريق معرضا للنهب والسرقة من قبل اللص الشرير فلم يثمر كلام الله شيئا, أما الكيفية الثانية التي نسمع بها فنراها في المزروع علي الأماكن المحجرة فهو قد سمع سمعا واستقبل الكلمة وقد تجاوب معها فأنشأت في قلبه فرح ولكن دون فهم فهو مؤقت, ولكن الكلمة لم تجد متسعا لتنشئ جذورها العميقة في داخله بسبب الأحجار فعندما تتغير ظروف الحياة ويأتي اضطهاد وظلم عن عمد علي كلمة الله فيحدث انهيار بسبب الضغوط. أما الكيفية الثالثة فهو المزروع بين الشوك فهو السامع للكلمة ويبدو هنا أن الأرض كادت أن تكون جيدة ولكن الشوك قد ملئها كما تملئ الاهتمامات الأرضية قلوبنا عوضا عن الاهتمامات السماوية, وأيضا خداع الغني المادي وإغراءاته العديدة التي تستحوذ علي نفس الإنسان فكانت النتيجة أن الكلمة قد اختنقت فصارت بلا ثمر. وأخيرا المزروع علي الأرض الجيدة فهو الذي سمع وفهم وقبل سيادة وسلطان كلمة الله علي حياته فدخلت أعماقه وتفاعلت مع صراعاته الداخلية فغلبت وأثمرت وهنا يظهر قوة الكلمة المغيرة للحياة. والآن أنظر عزيزي القارئ الكريم كيف تسمع كلمة الله وبشارة الملكوت, انتبه عزيزي كيف تتجاوب مع كلمة الحياة.