تأليف:عبد اللطيف المناوي
يناقش الكتاب الخط العام للكنيسة القبطية باعتبارها كنيسة مستقلة,مشيرا إلي تباين الرؤي حول دورها ما بين اقتصارها علي المسائل الدينية فقط,والقيام بدور مؤثر في شئون المجتمع,كما يعرض رؤية البابا شنودة حول قضية الانتماء,هل يكون للوطن أم للكنيسة؟فيقول:إن الانتماء يكون للكنيسة من الوجهة الدينية,وللوطن من الوجهة القومية,والانتماء للكنيسة لايمنع الانتماء للدولة ولا يوجد تعارض بينهما,حيث إن الانتماء للدولة هو الانتماء العام الذي بداخله كل الانتماءات الأخري.
تتضافر نصوص عديدة قرآنية ونبوية,لكي تحفر في الوعي قيمة شرعية الآخر مهما كان الاختلاف معه,في الدين أو الفكر أو العرق,فهو إنسان له كرامته التي ينبغي أن تصان,فالإنسان في المفهوم الإسلامي الصحيح هو مخلوق الله المختار,الأمر الذي يختلف كلية عن اليهودية,التي تعتبر أبناءها هم شعب الله المختار.
الكتاب يمثل أوسع تحقيق أجري حتي الآن حول جذور الأزمة الحاصلة بين المسلمين والأقباط في مصر,والتي برزت علي نحو ملحوظ في المرحلة الساداتية,وواكبت صور الخلل السياسي والاجتماعي وتزامن ظهور حركات التطرف الإسلامي التكفير والهجرةمع مؤشرات التوتر الإسلامي المسيحي.
ويصور لنا الكتاب حقيقة ما جري,مجيبا علي أسئلة أخري عديدة,في مقدمتها: ماذا حدث؟لماذا ؟وما العمل؟
لقد بذل المؤلف جهدا كبيرا,اجتمعت فيه وسائل البحث العلمي مع أدوات التحقيق الصحفي,ولست أظن أن الكتاب أراد أن يغلق ملف القضية,بل فتح الملف بأكثر مما أغلقه,واستدعي إلي اهتمامنا أمورا مثيرة للجدل,سواء في موقف الرئيس السادات أو في الحوار الواسع الذي أجراه المؤلف مع البابا شنودة الذي يعبر عن الكنيسة القبطية.
بدأ الوطن يتحول من كيان واحد إلي جزر منعزلة وتاه الناس بين هذه الجزر,وأصبح الوطن معرضا للاهتزاز عند أية إصابة ,العديد من الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية فعلت ما فعلت,فأصبحنا علي ما نحن عليه اليوم,حيث تشتت الانتماء,واختلفت الأولويات وانتشر الصدام المتكرر بين أقباط مصر ومسلميها ,وظل العلاج طوال السنوات الماضية محصورا في إطار التأكيد الإعلامي علي وحدة عنصري الأمة واتباع الأساليب الأمنية لمعالجة الموقف,والابتعاد عن مواجهة المشكلة بكافة أبعادها,حتي لو كانت الحقائق مؤلمة والتهوين من حجمها والتعامل معها علي أنها مشاكل شخصية بين أفراد وليست ظاهرة تستوجب التوقف .
يستطرد المؤلف قائلا:إنه في إطار مفهوم مواجهة المشكلة لمعالجتها بمنطق المصارحة بين الأطراف تأتي هذه المحاولة التي بين أيديكم, وكان المشروع في البداية يهدف إلي مناقشة موضوع العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في مصر,إلا أنني عندما بدأت في تنفيذه أدركت أي حقل ألغام بدأت أدخل, واكتشفت كم هو معقد وخطير, وأن التطرق إليه لن يكون بالسهولة التي كنت أتصورها,فالعديد من الظواهر ينبغي التوقف عندها لضمان دقة إتمام دراسة تتناول هذه العلاقة الحساسة.من هذا المنطلق وجدت أن معالجة قضية الانتماء القبطي,وعلاقة الأقباط بالكنيسة من ناحية وبالوطن من ناحية أخري,وأيضا علاقة الكنيسة بالنظام السياسي خاصة خلال العشرين عاما الماضية يمكن أن يفسر جزءا من الظاهرة ,مما يساعد علي الدخول فيها فيما بعد لمعالجتها.