بعد فوز الدكتور محمد مرسي برئاسة الجمهورية وقف الكافة يرقبون خطواته الأولي وكيف يواجه التحديات الجسيمة التي تنتظره في مجالات استعادة الأمن وإنقاذ الاقتصاد وتشكيل الوزارة الجديدة بالإضافة إلي تعيين نواب الرئيس
بعد فوز الدكتور محمد مرسي برئاسة الجمهورية وقف الكافة يرقبون خطواته الأولي وكيف يواجه التحديات الجسيمة التي تنتظره في مجالات استعادة الأمن وإنقاذ الاقتصاد وتشكيل الوزارة الجديدة بالإضافة إلي تعيين نواب الرئيس وفريق إدارته… ولا يخفي علي أحد أن المصريين انقسموا إلي فريقين: فريق يتعاطف مع الدكتور مرسي ويري أنه يستحق أن يعطي فرصة عادلة للعمل وإنجاز ما وعد به, وفريق آخر يعلن أنه يقف في جانب المعارضة يرقب ويرصد كل ما يفعل الرئيس, لا يتربص بالإخفاقات لكن في نفس الوقت لا يتسامح مع التجاوزات… لذلك ليس غريبا أن نسمع عن أكثر من مرصد بدأت بالفعل في العد التنازلي لفترة المائة يوم التي سبق وأن أعلن الرئيس عن التزامه بتغيير ملموس يشعر به المصريون قبل انقضائها في معاناتهم مع الأمن, ورغيف الخبز, وأنبوبة البوتاجاز, والسولار, والقمامة وغيرها من المشاكل المزمنة التي تتطلب تدخلا جراحيا شجاعا وسريعا وحاسما.
هذا كان المشهد المتوقع أن نعايش فصوله فور الإعلان عن فوز رئيس الجمهورية- وحلفه اليمين أمام المحكمة الدستورية العليا… فماذا حدث؟… تفاصيل المشهد اختلفت, صحيح أنها في نظر فريق المتعاطفين مع الرئيس اختلفت قليلا ولا تدعو إلي القلق, لكنها في نظر فريق المعارضة اختلفت كثيرا وأثارت هواجس وتساؤلات… فها هو الرئيس مرسي يعقد سلسلة اجتماعات مع كل رموز السلطة من رئيس وزراء ومحافظين ومحافظ البنك المركزي ومسئولي المدن والأحياء ومسئولي التعليم والصحة وغيرهم… وغيرهم… لكنه في الوقت ذاته محاصر بشكل يومي بالآلاف من المطحونين والمعذبين والمحرومين والبؤساء الذين يتوافدون علي مقر رئاسة الجمهورية أملا في عرض مظالمهم والتماساتهم ومحاولة الحصول علي أي قرار أو استثناء يعيد لهم ما عجزوا عن الحصول عليه سابقا. وفي هذا الصدد رأينا مشاهد غريبة غير مسبوقة للحشود تتسلق مداخل وأسوار القصر الجمهوري لمكاتب الرئاسة وتقطع الطريق أمام المرور خارجه وتكاد الأمور تخرج عن حدود السيطرة لولا الإسراع بتشكيل مجموعات من الحرس والمعاونين للرئيس تترفق بالناس وتتسلم طلباتهم لتمتص غضبهم وتمنحهم الأمل في حل مشاكلهم… وشيئا فشيئا أعلن عن تحويل تلك الحشود بعيدا عن قصر الرئاسة في مصر الجديدة إلي كل من قصر القبة وقصر عابدين فيما أطلق عليه ديوان المظالم ولست أدري هل هذا مسلك إيجابي يعزز دولة المؤسسات ودولة القانون أم أنه مسلك عفوي عاطفي يعيد إلي الأذهان عصر الولاة المنعمين علي الرعية بالعطايا حتي تسبح الرعية بحمدهم؟!!
أيضا التقي الرئيس مرسي في بداية رئاسته بقادة المجلس الأعلي للقوات المسلحة وقضاة المحكمة الدستورية وذلك كان أمرا مفهوما وله مدلولاته المريحة للكافة من أننا مقبلون علي عهد مصالحة وتعاون بعيدا عن المعارك السياسية… لكن ما لم يكن متوقعا ولا مفهوما هو الإسراف في حضور المناسبات العسكرية- واحتفالات تخريج دفعات من الكليات العسكرية والإغداق علي القيادات بالأوسمة والنياشين… كل ذلك بدا أمرا متعجلا وسابقا لأوانه بينما البلاد تتحرق للعمل وتعاني من المشكلات وغير مستعدة لتلك الأمور الزخرفية, وليس أدل علي ذلك من مضي الأسبوع تلو الآخر دون الإعلان عن أسماء نواب الرئيس ومعاونيه أو عن رئيس الوزراء الذي سيتم تكليفه بتشكيل الحكومة… وخطورة ذلك لا تكمن فقط في شبهة تعطيل العمل في مؤسسة الرئاسة واستقرار العمل الحكومي, لكنها تبرز في الفراغ المحير الذي تستغله وسائل الإعلام كل يوم وكل ساعة في اللعب علي عواطف ومشاعر الجماهير بما تسوقه من أسماء ترشحها- بل تدعي تعينيها- للمناصب وأثر ذلك في دغدغة مشاعر البعض وإشارة امتعاض البعض الآخر.
كل ذلك جري ليلقي بظلال مقلقة علي المشهد المتوقع, أما ما لم يكن متوقعا علي الإطلاق واعتبره الجميع انتكاسة مفزعة لوعود الدكتور مرسي بأن يكون رئيسا لكل المصريين هو القنبلة التي فجرها الأحد الماضي بإصدار قرار جمهوري بعودة مجلس الشعب المنحل إلي الانعقاد ضاربا عرض الحائط بحكم المحكمة الدستورية العليا ببطلان قانون انتخاب المجلس ومن بعده قرار المجلس الأعلي للقوات المسلحة بحل المجلس تنفيذا لحكم الدستورية.
قنبلة سياسية ألقاها الدكتور مرسي في الشارع السياسي في وقت خطير كانت البلاد أحوج فيه للعمل الشاق الدؤوب بعيدا عن المعارك السياسية وتحدي السلطات الشرعية التي حلف الرئيس باحترامها والالتزام بأحكامها… وهكذا دخلت البلاد في صراع وأنقسام وعلامات استفهام خطيرة تبحث عن إجابات: من الذي يرسم سياسات رئاسة الجمهورية؟… من هم مستشارو الرئيس؟… لماذا افتعال المواجهات والمعارك التي نحن في غني عنها في هذا التوقيت الدقيق؟… هل هذه وسيلة الدكتور مرسي في العمل لصالح جميع المصريين وانتشال البلاد من كبوتها الاقتصادية, أم أنها خطوة محسوبة لإبعاد الأنظار عن العد التنازلي للمائة يوم الذي سرعان ما ينقضي دون تحقيق الوعود؟!!!