ليس للمال عرق أو دين. هم سيصرفون الأموال هنا ومن سيربح سيكون أحمد وعائشة ومحمد وليس إسحاق. حاول رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الدفاع عن قانون إزالة الألغام الذي تم تمريره في البرلماني التركي في شهر آيار. ما أراد قوله هو إن من سيربح هم الأتراك وليس اليهود. ولكن ادعاء أردوغان لم يقنع محكمة الدستور التي ألغت في آخر شهر تموز بندين جوهرين من قانون إزالة الألغام. وماعلاقة اليهود بذلك؟ كان من المفترض أن تربح أربع شركات إسرائيلية من المشروع الهائل لإزالة 900 ألف لغم مزروعة علي امتداد 600 كيلومتر علي الحدود التركية السورية.
تركيا وقعت مند عام 2004 علي معاهدة أوتاوا لمنع إنتاج واستخدام الألغام المضادة للأفراد, ولكن منذ التوقيع تمت إزالة عشرة آلاف لغم فقط. الجيش التركي الذي كان مكلفا بالمهمة قدر أن هذه تكلفة مالية عالية جدا مقدارها 500 مليون إلي مليار دولار فاقترح بدلا من ذلك إعطاء المشروع لشركات خاصة. أردوغان قبل الاقتراح فأعد مستشاره اقتراح قانون تتولي فيه الشركات التي تفوز في العطاء استئجار الأرض المذكورة لمدة 44 عاما وتحويلها إلي أراض زراعية عضوية.
هنا تدخل الحكاية الإسرائيلية للصورة. مجمع من ثلاث شركات إسرائيلية وهي كوادرو, رد ونغ وموت ومعها تاهل تقدموا للعطاء معا ورغم المنافسة من الدول الأخري إلا أن كل الاحتمالات كانت لصالح إسرائيل. كان من المفترض أن تقوم تاهل بتطوير الأرض الزراعية. وفقا لتقارير في تركيا تاهل خططت للدخول في إطار هذا المشروع في شراكة مع مجموعة غاليك التي يترأسها برات غاليك صهر رئيس الوزراء. البرلمان صادق علي القانون وبدا أن الطريق معبد أمام الشركات الإسرائيلية.
ولكن أحزاب المعارضة قدمت لمحكمة الدستور التماسا ضد القانون. هي ادعت أن اقتراح تسليم أرض تركية بالتأجير لشركات إسرائيلية وبالتحديد علي الحدود الحساسة بين سورية وتركيا قد يمس بالأمن القومي, في الوقت الذي تحاول فيه تركيا دفع علاقاتها مع سورية, الأدهي من ذلك حسب رأي المعارضة أن الحدود التركية تعتبر أمرا مقدسا ولا يتوجب إعطاؤها لأية دولة أخري.
وهاجم رئيس الحزب الجمهوري دينيز بيكال أردوغان لأنه لا يخجل من الادعاء بأن الدولة لا تمتلك المال لإزالة الألغام المعارضة بينما يشتري لنفسه طائرة خاصة ثالثة.
المحكمة قبلت إدعاء المعارضة جزئيا وقررت بأنه لا توحب تأجير الأرض للشركات التي ستقوم الدولة بإزالة الألغام. الآن هم ينتظرون قرار المحكمة بصدد البنود الأخري الأقل إثارة لاهتمام المعارضة.
أحد المسئولين في حزب العدالة والتنمية أوضح لصحيفة هاآرتس هذا سلوك سياسي يفتقر للمسئولية من معارضي أردوغان الذين سعوا لعرقلة مبادرة ضرورية وإنسانية من خلال تعليلات وطنية. وفقا لشروط معاهدة أوتاوا يتوجب علي تركيا إزالة كل الألغام المضادة للأفراد من أراضيها حتي عام 2014 وكل تأجيل قد يكلفها غاليا. اقتراح تأجير الأرض لا يوفر مالا كثيرا لتركيا فقط وإنما يتيح لها الالتزام بالجدول الزمني وتوفير أرض جيدة للفلاحة وأماكن عمل كثيرة. من المثير التذكير بأن تلك الأطراف البرلمانية التي هاجمت أردوغان القاسي ضد إسرائيل في مؤتمر دافوس هي بالتحديد التي تتهمه اليوم بـ بيع أرض الوطن لإسرائيل.