مازالت الحياة تلقينا كل يوم بمفاجآتها وصدماتها.. ومازال المرض والفقر هما الحالتان الأكثر إلحاحا في مجتمعنا الذي يعاني من الاحتياج المفرط للعدالة.. فكيف للبعض أن يعيشوا في ترف الحياة والآخرون يحرمون حتي من أبسط الحقوق وهو الحق في العلاج دون أن ينفقوا ما تبقي لديهم من صحة في البحث عمن يساعدونهم أو عمن يمنحهم المساعدة المرجوة.. للأسف هذا ما تعانيه إحدي السيدات.. عمرها 47 سنة مؤهلها دبلوم تجارة.
موظفة في المجلس المحلي في إحدي محافظات وجه بحري.. جاءتنا بعدما أردها المرض طريحة الفراش يائسة بدأت تروي مل لفها من ألم وتقول: أنا سيدة متزوجة.
أعمل موظفة وراتبي 390 جنيها لا غير.. زوجي يعمل سائق تاكسي بواقع وردية واحدة ويدر ذلك دخلا يصل إلي حوالي 25 جنيها يوميا .. تزوجنا كوننا أسرة ورزقنا الله بثلاثة أبناء.. الكبري 22 سنة مخطوبة.. الأوسط عمره 17 سنة.. الأصغر عمره 14 سنة.
أصبت منذ سنوات بمرض كبدي وهو فيروس سي ولم أكتشفه إلا متأخرا.. ظل ينهش في أحشائي سنوات طويلة وأنا أصارع معه دون أن أدري.. ضعف جسدي.. انهارت قواي.. شخت قبل الأوان وذهبت مناعتي ووقعت فريسة لتليف كبدي كامل نتيجة فيروس سي.. ثم استسقاء بالبطن ودوالي المريء .. لم يتبق لي بعد رحلات طويلة من العلاج أنفقت فيها كل ما يمكن إنفاقه وساعدني كل من يمكنهم مساعدتي.. أقر الأطباء احتياجي لزراعة الكبد.. ساعدني أهل الخير كثيرا في إجراء تحاليل الأنسجة حتي وجدت متبرعا يتوافق معي في الأنسجة ويوافق أن يمنحني فصا من كبده دون مقابل.. إنه ملاك الله أرسله لي في زمن غابت فيه الملائكة واختفت فيه المعجزات.. أما الطبيب المعالج وفريق الأطباء الذي سيجري الجراحة فكان فريقا من الملائكة أيضا إذ تبرع بإجراء الجراحة دون مقابل فخفف عنا عبئا قيمته 55 ألف جنيه هي قيمة إجراء الجراحة علي رأس هذا الفريق الدكتور العظيم وحيد دوس الذي تنازل عن مقابل أتعابه وتحمل أتعاب فريق العمل المرافق له في الجراحة إنقاذا لحياتي لكن تبقي المشكلة الكبري في قيمة فاتورة المستشفي فالتجارة لا تعرف الملائكة وإجمالي المبلغ الذي يستحقه المستشفي خلال العملية والإقامة لي وللمتبرع مع تحاليل الأنسجة.. والعلاج 300 ألف جنيه.. تنازل الدكتور وحيد عن المقابل الذي يستحقه لإجراء الجراحة وهو 55 ألف جنيه ستقوم الدولة بتحمل 75 ألف جنيه علي نفقتها – التأمين الصحي – كما تحملت جمعية أصدقاء مرضي الكبد 75 ألف جنيه أيضا ليكون مجموع المبلغ المتبقي 95 ألف جنيه بخلاف الأدوية بعد العملية الجراحية.
فهل أجد من يتحمل هذا المبلغ إنقاذا لحياتي أم أنتظر الموت المحقق.. خاصة أن المتبرع قارب علي إتمام الخامسة والأربعين من عمره وهي السن التي إذا ما تممها يكون غير صالح للتبرع بكبده وعلي أن أجمع هذا المبلغ خلال أقل من شهر.. أعلم أن مشكلتي صعبة بل تكاد تكون مستحيلة.. أعلم أن زمن المعجزات انتهي لكنني لم أفقد الأمل.. ربما يرزقني الله بمعجزة في بضعة أيام قليلة تنتشلني من الموت لأكمل رسالتي مع أبنائي الصغار.. لم أسع للشفاء حبا في الحياة ولا طمعا في عمر أطول.. لكن طمعا في إبعاد العذاب حتي أموت دون تعذيب.. طمعا أن أتمم رسالتي تجاه أولادي.. فأزوج ابنتي وأراها في ثوب العرس الذي تمنيت منذ اليوم الأول لميلادها أن أراها ترتديه.. طمعا في أن أقر عيني بنجاح ولداي.. وأراهما رجلين يشقان طريقهما في الحياة.. لا أود أن أكون عبئا عليهم لكن أود أن أفرح بهم.. ربما يكون الحلم الساكن في مخيلتي عن وجود ملائكة الخير التي تحقق أمنياتي حلما صعبا لكنني قررت أن أستمر في الحلم إلي النفس الأخير فلا أملك سواه إلي أن يحين الحين وتأتي ساعتي.
رد المحررة:
كم جميل أن نحيا بالأمل مثللك. وكم رائع أن يكون طمعنا في الحياة هو أن نقر أعيننا ببنينا وبناتنا ونسعدهم ونراهم في أسعد أحوال.. طمعك مشروع جدا.. نعم هذا هو الطمع المشروع واحلمي قدر ما تشاءين فالآمال تدفعك للرغبة في الحياة وكلما زادت رغبتك في الحياة كلما زاد الأمل في شفائك.. كلما حقق الله آمالك.. أنت مثابرة.. صامدة والله ينظر إلينا دائما.
ربما لا أستطيع أن أعدك بأنني قادرة علي جمع هذا المبلغ.. ربما أكون غير واثقة أن هناك من يمكنه القيام بتحمله أو حتي مجموعة يمكنها تحمله.. ربما لا أتمكن من القول بهذا لكن يقيني أن الله يمكنه أن يجد لنا حلا سحريا لا يرد بخاطرنا.. الله يمكنه أن ينفذ أحلامنا ويحتوي مطامعنا المشروعة.. ويرسل لنا ما لا نتوقعه.. وما لا يمكننا أن نراه في ظل قراءة واقعنا الضعيف والفقير.. في ظل قراءة مبالغنا المتواضعة التي ترد إلينا.. لكن في ظل رحمة الله غير المحدودة التي تتضاءل بجوراها كل تصوراتنا يمكننا أن نطمئن.
رسالة خاصة جدا:
عبر الهاتف حدثتني.. مهتزة النبرات باكية.. شاب يحاول الارتباط بابنتها.. كله مميزات لكن به عيب واحد فقط.. مصاب بفيروس سي ويتعافي حاليا منه.. تسأل السيدة: هل يمكن أن تمر الأمور وتتزوج ابنتي دون أن يحدث لأسرتها مشاكل فيما بعد ابنتها متعاطفة مع حالته وتخشي أن ترفضه حتي لا تجرحه.
رد المحررة:
عليك أن تطالعي القصة التي سبقت مشكلتك لتعرفي الرد.. وحاولي أن تشعري بقدر المعاناة التي عانتها تلك المرأة ستعلمي جيدا حجم معاناة كل من حولها من أسرتها.. فضلا عن أن فيروس سي ينتقل من طرف لآخر عن طريق الدم وعن طريق العلاقات الجنسية أيضا أي ينتقل من الزوج لزوجته.. والعكس صحيح.. وليس هذا أمرا حتميا أي يمكن أن ينتقل ويمكن ألا ينتقل لكن من يضمن؟؟
وإذا كانت ابنتك لا تريد أن تجرحه بالرفض فعليها أن تعلم أنه لا زواج ناجح قام علي الشفقة أبدا.. نحن نتحمل مع شريك الحياة ما يطرأ عليه من مرض أو محن بعد أن نبدأ حيتنا معه.. حياة يحملها حب حقيقي غير مصحوب بأي مشاعر مريضة كمشاعر الشفقة.. لكن أن تبدأ الحياة بمشاعر الشفقة فاسمحي لي أن أقولها لك تلك حياة محكوم عليها بالانهيار والفشل وسوف يحترق هو بتلك المشاعر ألف مرة لأنها ستصله جيدا فارحميه وارحمي نفسك ولا تحكمي علي كلاكما بالتعاسة طوال العمر.
إيد الحب
1850 أستراليا
400 من يدك وأعطيناك