هل التسويق للمنتجات باستخدام الحواس الخمس يؤثر فعلا علي قرار المستهلك ويحفزه علي الشراء؟
التسويق الحسي أو بالحواس هو استراتيجية تسويقية متطورة مثل الراحئحة المميزة للمنتج أو شكله أوطعمه أو الأصوات المصاحبة لعرضه, وهو ما ناقشته رسالة ماجستير بعنوان تأثير التسويق الحسي علي القرار الشرائي للمستهلك وعلاقته بسمعة العلامة التجارية (دراسة ميدانية علي عملاء مطاعم الوجبات السريعة) والتي حصلت فيها الباحثة ماريا رزق الله عطية المعيدة بكلية الإعلام جامعة بني سويف علي درجة الماجستير بتقدير ممتاز مع التوصية بالنشر والتبادل مع الجامعات, وتشكلت لجنة الحكم من الأستاذة الدكتورة أماني ألبرت أديب رئيس قسم العلاقات العامة والإعلان بكلية الإعلام جامعة بني سويف مشرفا ورئيسا والأستاذة الدكتورة عبير فتحي الشربيني أستاذ العلاقات العامة بكلية الإعلام جامعة الأهرام الكندية مناقشا وعضوآ, والأستاذة الدكتورة مروي السعيد أستاذ العلاقات العامة جامعة المنصورة بكلية الآداب قسم الإعلام, مناقشا وعضوا, والدكتورة مايسة حمدي زكي مدرس العلاقات العامة بكلية الآداب قسم الإعلام, مشرفا مشاركا.
وقد بدأت المناقشة بالوقوف دقيقة حدادا علي أرواح شهداء أشقائنا الفلسطينيين في غزة, وناقشت الرسالة التسويق الحسي باعتباره من أحدث طرق التسويق وأكثرها فاعلية في التأثير علي القرار الشرائي للمستهلك, وسعت الباحثة إلي محاولة التعرف علي دور أبعاد التسويق الحسي بما تتضمنه من (عوامل بصرية وسمعية ولمسية وشمسة وتذوقية) في جذب المستهلك وربطه عاطفيا وعقليا بالمنتج وبالتالي التأثير علي قراره الشرائي وتكرار عمليات الشراء, كما سعت في محاولة للتعرف علي كيف يؤثر التسويق الحسي في عملية تمثيل المعلومات نحو العلامة التجارية داخل العقل البشري بما تتضمنه من جذب الانتباه لها وتفسير المعلومات والاحتفاظ بها ثم الاسترجاع عند وجود مثير حسي, وبالتالي تأثيره علي سمعة العلامة التجارية لمطاعم الوجبات السريعة.
وقد تم تطبيق الدراسة علي عينة عمدية قوامها (400) مفردة من الجمهور العام المتعامل مع مطاعم الوجبات السريعة في مصر في الفئة العمرية من 18 عاما فأكثر.
وخلصت الدراسة إلي عدة نتائج أهمها وجود تأثير إيجابي واضح وكبير لجميع أبعاد التسويق الحسي علي عملاء مطاعم الوجبات السريعة ولكن بنسب متفاوتة تختلف وفقا لدرجة تأثيرها, فترتفع في العوامل المرئية وتنخفض في العوامل السمعية واللمسية. حيث تبين تصدر التسويق البصري المرتبة الأولي من بين أبعاد التسويع الحسي, يليه التسويق بالتذوق. ثم الشمي يليه اللمسي وأخيرا التسويق السمعي.
وإمكانية تأثير عوامل التسويق الحسي علي العملاء في جميع الأحوال سواء بتفضيلهم لتناول الطعام داخل المطعم أو بطلب الطعام وتناوله في أي مكان آخر, حيث يظل التأثير مستمرا علي الرغم من اختلاف الطريقة.
مع وجود علاقة ارتباط دالة إحصائيا بين عوامل التسويق الحسي والقرار الشرائي للمستهلك, حيث تشير النتائج إلي أن مخاطبة الحواس عبر استخدام طرق وأدوات تسويقية يساهم في اتخاذ القرار الشرائي, ووجود تأثير للعناصر الحسية المختلفة علي القرار الشرائي للمستهلك. وأن الحالة العامة للمطعم يمكنها أن تؤثر علي إنفاق المزيد من الأموال علي النحو غير المخطط له.
وكان هناك إدراك من مطاعم الوجبات السريعة لأهمية الاهتمام بجودة الخدمات المقدمة بما يتناسب مع عملائها, فالرضا عن الخدمة يدفع المستهلك إلي تكرار طلبها مرات أخري بل وتوصية عملاء آخرين بتجربتها, وهو ما يعد من أهم أهداف العلامات التجارية المختلفة, مما يمكنها من الحفاظ علي العملاء الحاليين وكسب عملاء جدد.
وكانت مطاعم الوجبات السريعة تتمتع بسمعة عالية. وهو مايفسر كثرة عملائها والذي يعد أمرا طبيعيا ونتيجة متوقعة خلف تمتع تلك المطاعم بتقييم إيجابي مرتفع فيما يتعلق بمستوي الرضا عن الخدمات المقدمة والذي يؤثر بدوره بشكل إيجابي علي سمعة العلامة التجارية.
ومن أكثر العوامل تأثيرا علي المستهلك هي طريقة الترويج للأطعمة بمطاعم الوجبات السريعة, ومدي ملاءمة السعر ومراعاة ذوق العملاء فيما يتم تقديمه من أطعمة, كذلك كثرة الفروع.
وتصدر التسويق بالتذوق من حيث تأثيره علي تقييم السمعة, يليه التسويق الشمي, يليه التسويق اللمسي, يليه التسويق البصري, ثم يأتي التسويق السمعي في المرتبة الأخيرة من حيث تأثيره في تقييم سمعة العلامة التجارية, وهو ما يفسر أن بناء سمعة طيبة للعلامة التجارية لدي العملاء أمر مرهون بمدي قدرة تلك العلامة علي تقديم أطعمة ذات مذاق جيد, ورائحة طيبة, وملمس جذاب, ومكان ذي مظهر جيد وملائم للأذواق, بعيدا عن الضوضاء.
وأن الحواس الخمس لها علاقة قوية بالإدراك الإيجابي في أذهان العملاء وولائهم للعلامة التجارية وبالتالي تأثيرها علي سمعتها ويأتي التسويق عبر حاسة التذوق في مقدمتها من حيث فاعلية التأثير, حيث أثبتت النتائج أن ما يتذوقه العملاء له علاقة قوية بتعزيز الإدراك والولاء للعلامة التجارية.
وأن بناء سمعة العلامة التجارية لا يقتصر علي التصميم فحسب, بل يتعلق أيضا بالاستراتيجية المتبعة, وهو الأمر الأكثر أهمية في هذه العملية, كما أن الحفاظ علي مكانة العلامة التجارية وتحسينها في السوق ليست علمية بسيطة في البيئة التنافسية الحالية, بل عملية تتطلب وجود مخزون مالي كاف في المقام الأول لمواجهة الأزمات والقدرة علي البقاء في السوق في ظل استمرار المنافسة, حيث تبين أن عنصر الأداء المالي يأتي في المقدمة عند قياس أبعاد السمعة.
وأن عنصر الرؤية والقيادة للإدارات العليا له تأثير كبير في تقييم العملاء للسمعة, يليها مدي التزام الإدارة بمسئوليتها الاجتماعية تجاه عملائها, ثم تلاها وجود تأثير كبير لعنصر الرؤية والقيادة علي السمعة وهو ما يفسر أن السمات الإيجابية التي يمتاز بها موظفو العلامة وكذلك خططها ورؤاها المستقبلية في مواجهة الأزمات تؤثر علي تقييم العملاء لسمعة تلك المطاعم. ووجود تأثير للسعر علي تقييم المستهلكين لسمعة العلامة التجارية.
وارتفاع الاتجاه الإيجابي لعبارات مقياس الانتباه, يليه مقياس التفسير, ثم اتجاه الجمهور بشكل محايد نحو عبارات مقياس الاحتفاظ والاسترجاع. حيث تبين وجود قدرة كبيرة لدي الجمهور علي استقبال المثيرات الحسية المختلفة (بصري, سمعي, شمي, لمسي, تذوقي). مثل شكل ومظهر المكان وترتيب مائدة الطعام طريقة العرض والتسويق, وذلك فيما يتعلق بالبصري, والأصوات المحيطة والموسيقي فيما يتعلق بالسمعي ورائحة المكان والأطعمة فيما يتعلق بالشمي, ثم مذاق الأطعمة والمشروبات المقدمة فيما يتعلق بالتذوق, ثم ملمس الأدوات والأثاث فيما يتعلق باللمسي, حينها تبدأ عملية الانتباه الانتقالي, ثم الانتقال إلي مرحلة التفسير حيث يفسر الشخص معني التحفيز بالمثيرات الحسية للمنتج, ثم مرحلة الاحتفاظ وهي ختام عملية إدراك المستهلك حيث يتم تخزين المعلومات في الذاكرة قصيرة المدي لينتقل لطويلة المدي لاستخدامها, استراجاعها عند الحاجة لاتخاذ قرار.