تحتفل الكنائس الرسولية علي مستوي العالم بأعياد سطرها الكتاب المقدس لكل المؤمنين وأوصي بها الآباء الرسل من خلال تعاليمهم الواردة في كتاب الدسقولية, وتهتم الكنيسة القبطية علي مستوي الكرازة خاصة بسبعة أعياد سيدية كبري, وسبعة أخري صغري, هذه الأعياد هي تلك التي تخص السيد المسيح مثل عيد البشارة به وعيد ميلاده وعيد الغطاس والشعانين أي أحد السعف وعيد القيامة وعيد الصعود وعيد العنصرة. أما موضوع هذه الحلقة فهو عيد الصعود الذي يأتي دائما في يوم الخميس المتمم للأربعين بعد قيامة السيد المسيح, فهو عيد له جذور كتابية ونبوات كثيرة في العهد القديم ,نعم رآه وتنبأ عنه الأنبياء الذين سبقوا مجئ السيد المسيح بأجيال كثيرة, فهو يوم تحتفل به جميع الكنائس الرسولية تذكارا لصعود السيد المسيح, نعم إنه بداية للأمجاد ومعرفتها وفخر للأعياد ومجدها.
جاء عن عيد الصعود في سفر المزامير فقال لنا المزمور رقم 24 ارفعن أيتها الأرتاج رؤوسكن وارتفعن أيتها الأبواب الدهاريات فيدخل ملك المجد من هو هذا ملك المجد الرب القدير الجبار الرب الجبار في القتال ارفعن أيتها الأرتاج رؤوسكن وارفعنها أيتها الأبواب الدهريات فيدخل ملك المجد من هو هذا ملك المجد رب الجنود هو ملك المجد(مز24:7-10), وجاء أيضا في المزمور 47صعد الله بهتاف الرب بصوت الصور رنموا لله رنموا رنموا لملكنا رنمو لأن الله ملك الأرض كلها رنموا قصيدة ملك الله علي الأمم الله جلس علي كرسي قدسه(مز47 :8-10), وتحقق ذلك كما جاء في الكتاب المقدس ولاسيما أنجيل القديس لوقا الذي قالوأخرجهم خارجا إلي بيت عنيا ورفع يديه وباركهم وفيما هو يباركهم انفرد عنهم وصعد إلي السماء فسجدوا له ورجعوا إلي أورشليم بفرح عظيم(لو24:50-52) وشرح لنا سفر أعمال الرسل هذا العيد قائلا:ولما قال هذا ارتفع وهم ينظرون وأخذته سحابة عن أعينهم وفيما كانوا يشخصون إلي السماء وهو منطلق إذا رجلان قد وقفا بهم بلباس أبيض وقال أيها الرجال الجليليون ما بالكم واقفين تنظرون إلي السماء إن يسوع هذا الذي ارتفع عنكم إلي السماء سيأتي هكذا كما رأيتموه منطلقا إلي السماء حينئذ رجعوا إلي أورشليم من الجبل الذي يدعي جبل الزيتون الذي هو بالقرب من أورشليم علي سفر سبت(أع1:9-12).
ويؤرخ لنا جماعة التلاميذ الاحتفال بهذا العيد فقالوا لنا في كتاب الدسقولية في الباب الحادي والثلاثين في الحديث عن الأعياد ما نصه(ومن أول يوم الجمعة الأولي أحصوا أربعين يوما إلي خامس السبوت ثم اصنعوا عيد صعود الرب الذي كمل فيه كل التدبيرات وكل الرتب وصعد إلي الله الأب الذي أرسله وجلس عن يمين القوة وهو مزمع أن يجعل أعداءه تحت موطئ قدميه ويأتي في انقضاء هذا الدهر بقوة ومجد عظيم ليدين الأحياء والأموات ويجازي كل واحد كنحو أعماله) ومما جاء بالدسقولية نعرف أن عيد الصعود هو إتمام الأربعين لقيامة المخلص ويأتي في يوم خميس أي يسبق عيد العنصرة بعشرة أيام ويتمم الخمسين معه ثم يبدأ صوم الآباء الرسل الذي يأتي الفطر فيه في يوم الخامس من أبيب والموافق الثاني عشر من شهر يوليو من كل عام وجاء في كتاب مصباح الظلمة في إيضاح الخدمة للعلامة ابن كبر في القرن الرابع عشر عن عيد الصعود وكان صعوده يوم الأربعين لعشرة بقيين من إيار(مايو وبشنس) سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة للإسكندر المسمي بذي القرنين(ويقصد دائما الآباء الرسل بالعيد أنه يوم احتفال لا ينشغل المؤمن بعمل أو شئ يأخذ منه بهجتة العيد خاصة أن عيد الصعود هو عيد شكر لله الذي أصعد طبيعتنا إلي السماء كما يقول الرسول بولسوأقامنا معه وإجلسنا في السماويات أف 2:6 وبهذا العيد نفرح لأن الرب إلهنا ملك علي كل الأمم وليس خراف بيت إسرائيل وحدها. كما الاحتفال بعيد الصعود يذكرنا دائما بيوم مجئ الرب للدينوية ويجعلنا دائما في حالة استعداد ناظرين دائما إلي السماء, منتظرين مجيئه مبشرين وكارزين بموته وقيامته وصعوده إلي السماء وكما يقول القديس أبيفانيوس من آباء القرن الرابع الميلادي: إن عيد الصعود هو مجد بقية الأعياد ويشرفها لأنه يوضح عمل الرب الراعي وتكميله للفداء كما سبقه القديس كبريانوس من آباء القرن الثاني وبداية الثالث الميلادي, وقال:لا يستطيع لسان بشري أو ملائكي أن يصف الاحتفال العظيم والاكرام الأعظم الذي حدث عند صعود الإله المتجسد إلي السماء فهو لا يوصف ولا يدرك. أما حديث القديس أغسطينوس من آباء القرن الرابع الميلادي عن عيد الصعود فيقول:صعد يسوع إلي السماء لذلك علينا ألا نقلق علي الأرض لتكن أفكارنا هناك وسوف يكون هناك سلام إن أردنا أن نصعد ونكون بصحبته فيجب علينا أن نكف عن الخطية وعن الشر نحن نعيد لمناسبة عيد الصعود بكل طهارة فنحن نصعد معه وتكون قلوبنا فوق لأن قيامة المسيح هي رجاؤنا وصعوده هو مجدنا. وفي ميمر للقديس بولس البوشي عن الصعود يقول:إن مخلصنا تحنن علي البشرية التي سقطت في بحر العالم فاتحد بجسد طاهر أخذه من البتول ثم اصعده بغير مانع كما يليق به وأعطي لجنسنا القوة علي الصعود إلي حيث مجده وما أجمل ما قاله يعقوب السروجي عن هذا اليوم في كلماته بسيطة معبرة(في شهر بشنس الذي تعلو فيه الشمس تعالي للعلو شمس البرأي المخلص) أنه حقا بالحقيقة عيد سيدي أوصي به رسل السيد مع تلاميذه الأوائل, وأصي به الآباء الأولون للكنيسة فلنتمسك بالاحتفال به ونضعه أمامنا قائلين أنه اليوم الذي صنعه الرب فلنفرح ونبتهج فيه فتاريخه مؤسس علي جبل الزيتون, بدأ الاحتفال به السيد يوم صعوده وهو يبارك تلاميذه قائلا لا تبرحوا أورشليم بل انتظروا موعد الآب الذي سمعتموه مني وقد قال لهم سابقا: أنه خير لكم أن أنطلق لأن هان لن أنطلق لأياتيكم المعزي ولكن إن ذهبت أرسله لكم يو16:7 فعيد الصعود هو تمجيد لشخص المسيح الصاعد وكرازته بأنه جاء وتمم وصعد وإعلان عن المسيح الآتي ليعطي كل واحد حسب عمله, وإلي اللقاء في عيد آخر.
المصادر: الكتاب المقدس- الدسقولية- مصباح الظلمة في إيضاح الخدمة- اللآليء النفيسة في شرح طقوس ومعتقدات الكنيسة الجزء الثاني-كنوز النعمة -بعض المواقع المختلفة علي الإنترنت.
[email protected]