تحمل هذه الأيام الذكري الثانية لوفاة المفكرة السياسي الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع الأسبق وأحد رجال الحركة اليسارية في مصر منذ أربعينيات القرن الماضي كما كان نائبا سابقا في مجلس الشوري المصري.
يعد السعيد من أكثر الناس الذين دافعوا عن القضية القبطية,واستضاف عشرات المؤتمرات بحزب التجمع,ترأسها بنفسه,وتنوعت هذه اللقاءات ما بين دعم المواطنة وفتح أبوابه أمام الأقباط لعرض مطالبهم,خاصة أثناء حكم جماعة الإخوان,وغير ذلك من المواقف التي أظهرها بكل شجاعة مدافعا عن أقباط مصر بكل جسارة,كما كانت تربطه علاقة وطيدة وصداقة قوية بالمتنيح قداسة البابا شنودة الثالث.
علي الصعيد الشخصي يمثل لي الدكتور رفعت السعيد أول مصدر أتواصل معه في مجال الصحافة,فأول حوار أجريته معه كان عام2000,حيث استضافني في حزب التجمع,جلست معه وأعجبني بساطته وترحابه بالشباب وتشجيعهم,وفي هذا الحوار انطلقت في عالم الصحافة وتخصصت في الملف القبطي وكثيرا ما لجأت إليه للتعليق علي الأحداث التي مرت بها مصر قبل اندلاع ثورة يناير2011 وما أعقبها بوصول الإخوان للحكم,وجميعنا يعرف موقف السعيد من الإخوان وبالأحري من الإسلاميين أو المتأسلمين حتي أطلق عليهرفعت السعيد…قطب اليسار…المعارض الأبدي للإسلاميين وكانت له الكثير من المؤلفات التي انتقدت حركات الإسلام السياسي,فقد كان صادق الطرح فيما يتعلق بالجماعات الإسلامية التي احترفت الخلط منذ تأسيسها بين الدين والسياسية.
اتسمت آراء وأطروحات الدكتور رفعت بالصرامة في هذا المجال,وكان يملك من الجرأة ما جعلته ينتقد حكم الإخوان ويعلن ذلك صراحة بكل شجاعة موضحا أيضا أنه لا أمان للأقباط في ظل جماعة المرشد,وأتذكر هنا إحدي المقالات التي أرسلها لي لنشرها بجريدتنا عام2014 وكانت تحمل عنوانحكايات إخوانية عن التنظيم السري وفيه يسرد ويؤكد أن تنظيم الجماعة هو تنظيم إرهابي بشهادتهم هو أنفسهم ومن خلال كتاباتهم…واختتم مقاله بقوله:أن ما يحكم سياسة الإخوان هو إتقان لعبة المصالح المشتركة مع الطاغوت,والطاغوت هو كل من لاينحاز إلي جماعتهم.
في الواقع انصبت أغلب كتابات السعيد علي مناهضة الإسلاميين,وأذكر منها كتتب حسن البنا:متي؟…كيف؟…ولماذا؟ عام1976,وضد التأسلم عام1996 تاريخ جماعة الإخوان المسيرة والمصير عام2013 وغيرها من الكتب,وأيضا اتسمت المقالات بمهاجمة الإخوان وفضح تنظيمهم السري.
أكتب هذه السطور بصفحة الرأي التي تجتذب أرقي الكتاب الذين يحبون الوطن ويقدسون المواطنة ويقدرون ما تقوم بهوطني من دعم للمواطنة لأذكر وأشيد بالتزام السعيد بكتابة مقال شهري فيها- وكنت أتوصل معه باستمرار-وظل يرسل لنا دون أن يكل أو يمل مدافعا عن أقباط مصر ومدافعا عن المواطنة…
رحم الله المناضل الدكتور رفعت السعيد,وإذا كنا نفتقد مقالاته وقلمه علي صفحات جريدتنا لكن أفكاره من أجل المواطنة والمساواة والعدالة الاجتماعية مازالت باقية تنير لنا الطريق نحو مستقبل أفضل.