عرض الإعلام خلال الأسابيع الماضية متابعات قضية رفع جنوب أفريقيا دعواها أمام محكمة العدل الدولية اختصاما لإسرائيل جراء ما تقترفه من جرائم في حق الفلسطينيين وقطاع غزة, تتضمن التطهير العرقي والإبادة الجماعية, الأمر الذي أسفر عن قرارات شجاعة لمحكمة العدل الدولية بإدانة إسرائيل ومطالبتها باتخاذ تدابير عدة لإنهاء اعتداءاتها وتمهيدا لوقوفها في قفص الاتهام أمام المحكمة لمحاكمتها… الأمر الذي يمكن أن يمتد لسنوات عدة.
في هذا السياق يتم تداول مقاطع مهمة ترد علي تساؤلات تعتري البعض: لماذا جاءت المبادرة من جنوب أفريقيا باختصام إسرائيل دون دول كثيرة يعتقد البعض أنها كانت الأولي بتلك المبادرة؟… وبعيدا عن التراشق السياسي المعهود بين تقريظ البعض وإدانة البعض الآخر أقدم اليوم توثيقا لذلك التساؤل فيما يحمله محتوي هذين التسجيلين:
** الشرق الشبابي فلسطيني يتحدث:
شوفوا ناميبيا شو عملت.. عارفين قصة ناميبيا؟.. كيف أن ألمانيا ذبحت الناميبيين عام 1904؟.. اتخذ القيصر الألماني قرارا بإبادة أهل ناميبيا.. إبادة كل الرجال والأطفال وإبقاء النساء للمتعة الجنسية وحتي يخلفوا أولادا لآباء ألمان يصيرون السكان الأصليين لهذا البلد, أما بقية البشر فتتم إبادتهم, والكارثة أن العلماء الذين يعملون لحساب الألمان قدموا التبريرات لذلك الجرم.. قالوا إن السكان الأصليين في ناميبيا ليسوا بشرا.. إنهم حالة وسيطة ما بين الحيوان والإنسان, لذلك فإن قتلهم يكون في صالح البشرية.. بناء عليه فإنه من عام 1904 إلي عام 1908 تم إبادة 75% من سكان ناميبيا, تم قتلهم رجالا ونساء وأطفالا -النساء الكبار فقط تم قتلهن مع الاحتفاظ بالفتيات- وكان ذلك بموجب قرار صادر عن الإمبراطور الألماني, ونص القرار محفوظ في المتحف الوطني الألماني ولا تستطيع ألمانيا أن تنكره. هذا تم عام 1904 وبعد انقضاء 120 عاما عليه تأتي اليوم ألمانيا لتقف مناصرة لإسرائيل في محكمة العدل الدولية لتدفع عنها تهمة ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية لشعب فلسطين… ولا يسعني إلا أن أقول للألمان: مش عيب عليكم؟.. ألا تستحون من تاريخكم السابق؟.. كان الواجب عليكم أن تصمتوا علي الأقل في مقابل ما يسجله التاريخ عما ارتكبتموه مع أهل ناميبيا.. لقد أصدرت وزارة الخارجية في ناميبيا بيانا يقول: عيب علي ألمانيا التي ذبحتنا وقتلتنا وحتي الآن لم تقم بتعويضنا بما فيه الكفاية -دفعت لنا مليار دولار مقابل جريمة ذبح 75% من شعبنا بينما تدفع عدة مليارات من الدولارات لإسرائيل كل سنة -كان ينبغي علي ألمانيا أن تعتذر رسميا لشعب ناميبيا قبل أن تقف مناصرة لإسرائيل عن مذبحة جديدة ترتكبها… أفريقيا بدأت تعي أن نضال فلسطين حاليا هو مثال لنضالها وكفاحها ضد الهيمنة الغربية, وحتي أمريكا اللاتينية تتبني نفس الموقف… نحن الفلسطينيين يجب أن نعي أننا بصمودنا هذا نجسد نخبة للعالم وليس فقط للعالم العربي والإسلامي.. إذا ما المطلوب من النخب الفلسطينية اليوم؟.. أن تعي أننا نقود العالم ونعطي المثل عن كيف ينبغي احترام الإنسان وإعلاؤه في وجه الظلم والظالمين.
** مواجهة بين مندوب إسرائيل ومندوبة جنوب أفريقيا في مجلس حقوق الإنسان الدولي: مندوب إسرائيل: هل سمعتك بشكل صحيح تقولين إن المجازر التي حدثت شملت قطع رؤوس الأطفال, هل تلك الأخبار زائفة وغير صحيحة؟.. هل هذا يمثل موقف حكومة جنوب أفريقيا؟
مندوبة جنوب أفريقيا: إنها أدلة قدمتها مجموعة من المنظمات غير الحكومية في كل من إسرائيل وفلسطين, ونحن نعلم أن هناك الكثير من الأخبار الزائفة التي تحاول إظهار الفلسطينيين بشكل سيء.. وقد اعترف المتحدث باسم البيت الأبيض أن البيان الذي صدر علي أعلي مستوي كان في الواقع غير مبني علي حقائق راسخة. وكما قلت في بداية مساهمتي في هذه القضية إن شعب فلسطين محروم من حقه في الوجود كبشر, محروم من حقه في التمتع بالحقوق والحريات التي نتمتع بها الآن نحن شعب جنوب أفريقيا.. حقوق وحريات ناضلنا بشدة من أجلها واتحدنا لبلوغها كشعب جنوب أفريقيا بكل تنوعه.. اليوم بعضنا في هذا المجلس يعتقد أن هذه الحقوق تستحق للبعض دون الآخرين, لكن هذه ليست القناعة الجنوب أفريقية, فنحن نؤمن أن جميع البشر يتمتعون بحق الوجود في حرية والتمتع بالعدالة والإنسانية, وهذه هي الرسالة التي يجب أن تصدر عن هذا المجلس, فلا يمكن لهذا المجلس أن يقف صامتا في وجه انتهاك حقوق البشر الآخرين بغض النظر عن هويتهم.. ونحن في جنوب أفريقيا لم نسع يوما إلي الانتقام لأننا في الحقيقة نمثل جزءا جديدا من جنوب أفريقيا يعمل من أجل إفراز أفريقيا أفضل وعالم أفضل.. إن النعمة التي نتمتع بها في إطار حقوق الإنسان ودستور رائع وموسسات ديمقراطية تملي علينا أن نقف صادقين مع أنفسنا ومع تاريخنا لنقول: ما تم اقترافه ضد شعب فلسطين هو خاطئ وغير مقبول تحت أية مبررات أو معايير زائفة.