أواصل اليوم استعراض ما بدأته الأسبوع الماضي حول حتمية حل القضية الفلسطينية بالرغم من استمرار الضربات الإسرائيلية الغاشمة التي لا تزال تتصور إمكانية نجاحها في كسر شوكة الفلسطينيين وقهرهم وإجبارهم علي التخلي عن تشبثهم بأرضهم أو التنازل عن تأسيس دولتهم… وكما قلت مسبقا لست أراهن في هذا الصدد علي فيض من الشجب والإدانة العربية لما ترتكبه إسرائيل, أو علي استصراخ المنظمات الدولية المعنية بالقانون الدولي والقرارات الراسخة في هذا الصراع أو معايير حقوق الإنسان -فقد سقطت جميع تلك المنظمات جراء فشلها في وضع حد للانفلات الإسرائيلي وعجزها عن فضح الدعم الشيطاني لإسرائيل من جانب أمريكا وتوابعها الأوروبيين- إنما أراهن علي تنامي موجات الغضب والاحتجاج التي تجتاح الشارع الأمريكي والأوروبي رفضا لسياسات الحكومات البائسة التي تدعم جرائم إسرائيل, وبدلا من التصدي لمساءلتها بموجب القانون الدولي تغض البصر وتنزع للصمم والخرس ولا تفعل شيئا… لكن من الواضح أن الشعوب في أمريكا ودول أوروبا تكتنفها مشاعر تعاطف قوية مؤيدة للحق الفلسطيني من المحتم أن تنعكس علي العمل علي الإطاحة بالأنظمة الحاكمة في تلك الدول من خلال آليات الانتخابات والتدوير السلمي للسلطة بغية تمكين تيارات سياسية وحزبية تتسم بالاعتدال وتعترف بالحق الفلسطيني وتعمل علي كبح جماح إسرائيل وانفلاتها.
وفي هذا السياق أوثق اليوم التطورات الآتية:
** افتتاحية نشرتها صحيفة هآرتس الإسرائيلية بعنوان: الفلسطينيون أفضل شعوب الأرض في الدفاع عن أوطانهم… إنهم شعب من أفضل شعوب الأرض الذين يهبون للدفاع عن حقوقهم بعد 75 عاما من القهر والعدوان.. إنهم نموذج من أندر ما ينضح به الضمير الإنساني, ومن أجمل ما تزهر به الحرية الفكرية, ومن أجود ما يثمر به هامش التمكن, انظروا ماذا حدث في حرب غزة:
أسفرت حربنا علي غزة كرد فعل لإطلاق صواريخ المقاومة علينا في أكتوبر الماضي, عن خسارة إسرائيل كل ثلاثة أيام 912 مليون دولار تمثل تكلفة إغارات الطائرات وإطلاق الصواريخ وتزويد الآليات بالوقود واستهلاك الذخائر والمقذوفات بكافة أنواعها… هذا بجانب الخسائر الناجمة عن تعطل الحركة التجارية وهبوط مؤشرات البورصة وتوقف أنشطة معظم المؤسسات الاقتصادية وأعمال البناء مع شلل تام في جميع مجالات الزراعة وصناعة الدواجن, بالإضافة إلي تعطل الحركة في المطارات وارتباك حركة السكك الحديدية, علاوة علي أعباء التأمين الغذائي والصحي للمواطنين الإسرائيليين اللاجئين إلي المخابئ والملاجئ.. ناهيك عن التدمير الذي لحق بالمساكن والمصانع والمنشآت التجارية من جراء قصف صواريخ المقاومة الفلسطينية.
إننا نتعرض لحرب شعواء نحن من بدأها وأشعل فتيلها وأوقد نارها, لكننا للأسف لسنا من يديرها أو يحسمها ونهايتها لن تكون في مصلحتنا, خاصة بعدما تبين من عناد الفلسطينيين وقدرتهم علي التحمل بعد أن كنا نظن أنهم فقدوا بوصلة المقاومة, وهذا يعد نذير شؤم علي إسرائيل التي تأكد سياسيوها أن حساباتهم كلها مغلوطة وتحتاج إلي إعادة رؤي… فإن الفلسطينيين بالفعل هم أصحاب هذه الأرض, ومن غيرهم إن لم يكن صاحب هذه الأرض سيدافع عنها باذلا نفسه ومضحيا بأولاده وماله بهذه الشراسة وهذا الكبرياء والتحدي؟.. أنا كيهودي أتحدي أن تأتي دولة إسرائيل بكل شعبها وجيشها بهذا القدر من الانتماء والتجذر بالأرض والتمسك بها.. لو أن شعب إسرائيل متمسك بأرض فلسطين لما رأيناه يسارع بالمغادرة والهجرة بتلك الأعداد التي ملأت المطارات منذ أول أيام الحرب.
إننا بعد أن أذقنا الفلسطينيين ويلاتنا من حصار وتصفية عرقية وسجن وقتل طوال 75 عاما, كانت النتيجة من جانبهم مزيدا من الإصرار علي المقاومة ومزيدا من التمسك بالحق والتشبث بالأرض.. إن جيوش دول بكامل عتادها لم تكن تجرؤ علي ما فعلته المقاومة الفلسطينية بأسلحة هزيلة لكن بقوة إرادة فولاذية لا تقهر… لقد سقط القناع الخادع عن الجندي الإسرائيلي وأصبح عرضة للخطف والقتل, فالأفضل أن نتخلي عن حلمنا الزائف بإسرائيل الكبري ونعترف ونقبل أن تكون للفلسطينيين دولة جارة لنا نسالمها وتسالمنا, أما عنادنا في هذا الأمر فلن يفيد شيئا, لأنه بات جليا أنه حتي بعد ألف سنة سيأتي اليوم الذي تدفع فيه إسرائيل كامل الفاتورة نظير أعمالها الغاشمة.. والفلسطيني حتما سوف يبعث من جديد.
** صوت أمريكي محتج يرفع شعار فلسطين حرة:
لدي سؤال أتصور أن أي إنسان حر عليه أن يطرحه اليوم: إذا كانت الأمم المتحدة, أو المنظمة الدولية لحقوق الإنسان, أو القانون الدولي, أو الاتحاد الأوروبي, أو منظمة الصحة العالمية… إذا كانت هذه المنظمات العالمية الضخمة لا تستطيع أن تضع حدا للتطهير العرقي الحادث أمام أعيننا في غزة وفي فلسطين, إذا لماذا توجد تلك المنظمات ولأجل أي هدف؟.. لماذا تنفق مئات المليارات من الدولارات سنويا من أموال دافعي الضرائب الأمريكيين لتمويل ميزانياتها وبرامجها إذا كانت تلك الأموال لا تحقق شيئا من أهدافها المعلنة؟.. إذا كانت هذه المنظمات عاجزة عن إيقاف نيران القصف في غزة فالأفضل لها أن تتوقف وتنهي أنشطتها.. إنني أطلب من كل من يشاهد هذا الفيديو أن يدين تلك المنظمات ويطلق شعار: أوقفوا القصف الآن.. فلسطين حرة.. عار علي الأمم المتحدة.. عار علي الاتحاد الأوروبي.. عار علي القانون الدولي.. عار علي منظمة الصحة العالمية.. عار علي اليونيسيف.. عار كبير علي المفوضية الدولية لحقوق الإنسان.. أنتم تطلقون علي أنفسكم المدافعين عن حقوق الإنسان بينما أنتم عاجزون عن حماية حتي حقوق الحيوان!!!.. هذه كلها ليست منظمات دولية, إنها حقا ليست إلا تمثيلية دولية بغيضة أشبه بعروض السيرك, وكل أعضائها ليسوا سوي مهرجين دوليين يعملون لحساب قادتهم بايدن ونتنياهو… لقد سئمنا تمثيلياتكم وسئمنا إهدار أموالنا معكم.. لقد تأكدنا من أنكم ومنظماتكم لا حول لها ولا قوة ولا فائدة تجني من ورائها… نحن نقف مساندين لفلسطين الآن وإلي الأبد.. وسوف نحتج وسوف نصلي دوما إلي أن تتحرر فلسطين.