كل عام وأنتم بخير.. اليوم نودع عاما ونخطو إلي عام جديد, نحمل معنا الكثير من التحديات ومتسلحين بالآمال نحو عام ينقلنا إلي آفاق مغايرة للتي عشناها في عام مضي… نعم, نغادر عام 2023 ونحن مثقلون بقدر كثير من الآلام والإحباطات من جراء تفشي الصراعات والحروب وآخرها لاتزال تجري حلقاته البغيضة البائسة تعصف بالشعب الفلسطيني الأعزل في قطاع غزة, وهي الانتهاكات التي ترتكبها إسرائيل ضد كل القيم الإنسانية والقانون الدولي وتحت غطاء من الدعم الشيطاني الأمريكي والأوروبي الذي لا يكترث بغضبة واحتجاج شعوب إزاء ما يحدث.
نغادر عام 2023 وسط واقع كارثي لا نستطيع تبين ملامح انحساره حتي إنه ترك بصمته الحزينة علي احتفالات عيد الميلاد المجيد في الأراضي المقدسة في رام الله وأورشليم القدس وقطاع غزة, حيث أزاحت جميع الكنائس مظاهر الاحتفالات بالعيد الذي حل الأسبوع الماضي -25 ديسمبر- واكتفت بالصلوات تضامنا منها مع أهلنا البائسين المشردين في غزة, وكانت من أكثر المشاهد تأثيرا في هذا المنحي وما اعتبره الكافة رسالة إيقاظ للضمير العالمي, استبدال التكوين الاحتفالي التقليدي بميلاد الطفل يسوع في المذود مع أمه مريم ويوسف الصديق وحولهم الحيوانات بمشهد موضوع فيه الطفل يسوع وهو مدفون تحت ركام الحجارة لتجسيد مأساة آلاف الأطفال الفلسطينيين الذين دفنوا تحت الركام جراء القصف الإسرائيلي الإجرامي.
وسط هذه البانوراما الموحشة تودع وطني عامها الخامس والستين هذا الشهر وتستهل عامها السادس والستين في رسالتها الصحفية والإعلامية… وأعود وأقول إن وطني تخطو إلي عامها الجديد حاملة الكثير من التحديات ومتسلحة بالآمال نحو عام ينقلها إلي آفاق مغايرة… وقبل أن أخوض في استعراض التحديات, دعوني أسجل بعض الإنجازات المضيئة التي تشرفت بها وطني من خلال تكريم رسالتها ومسيرتها من جانب مؤسسات عظيمة القدر علي النحو التالي:
** مؤسسة كوبتك أورفانز العاملة في مجال رعاية الأطفال الأيتام المصريين, وفي مجال احتفالها بمرور 35 عاما علي بدء رسالتها, تقوم بتكريم رسالة وطني وتمنح يوسف سيدهم درع القيادة بالنموذج.
** جمعية محبي التراث القبطي في احتفالها باليوبيل الفضي علي بدء رسالتها -2023/1998- تقوم بتكريم وطني علي دورها الإعلامي الرائد والتوعوي بالتراث المصري والقبطي وتتسلم التكريم سامية سيدهم العضو المنتدب لمؤسسة وطني ومدير تحرير ملحق وطني إنترناشيونال باللغة الإنجليزية.
** مجموعة سيمفوني للفنون في احتفالها السنوي برعاية قداسة البابا تواضروس الثاني تقوم بتكريم مجموعة من الإعلاميين ويتضمن ذلك توثيق الدور الوطني لمؤسس وطني الأستاذ أنطون سيدهم مع تكريم يوسف سيدهم ممثلا عن رسالة وطني.
** قداسة البابا تواضروس الثاني في الاحتفال بمرور 150 عاما علي الصحافة القبطية يكرم حشدا مهيبا من رموز الصحافة القبطية ومن بينهم مجموعة متميزة من أعضاء أسرة وطني من الصحفيين والصحفيات تقديرا للدور الإعلامي والرسالة الوطنية لمنبر وطني.
في ظل هذا التكريم العظيم الذي تشرفت به وطني, تخطو إلي عامها السادس والستين رافعة الرأس متشبثة برسالتها الإعلامية والصحفية لكن غير مغيبة عن التحديات التي تحملها آفاق المستقبل وهي:
* الاستمرار في إصدار الصحيفة المطبوعة يمثل عبئا ماليا متفاقما لا قبل لمؤسسة وطني المضي في تغطيته في ظل انكماش الإعلانات وتدني التوزيع وانفلات تكاليف الطباعة.
** إذا استمر المجلس الوطني للإعلام ونقابة الصحفيين في تجاهلهما لأوضاع الخسائر المتراكمة علي صحافة القطاع الخاص في الوقت الذي ينتفضان للزهو بإلزام صحافة القطاع الخاص بالانصياع لقرارات الدولة بتطبيق الزيادات في الأجور, بينما لا يخفي عليهما مقدار الخسائر التي تعيق تطبيق تلك الزيادات.. أقول إذا استمر هذا التجاهل دون المبادرة بانتشال صحافة القطاع الخاص من عثرتها, فإن الأمر المحتم هو احتجاب الصحف الخاصة واكتفاء من منها يمتلك الموقع الإلكتروني لاستمرار صدوره بتغيير طبيعته من الصحافة الورقية إلي الإلكترونية.
ودعوني أسجل أنني لا أبكي علي اللبن المسكوب, فأنا علي يقين في ظل هذه الأوضاع أن الصحافة الخاصة المطبوعة غير المدعمة من قبل الدولة وأجهزتها أيامها معدودة ومآلها الاحتجاب, لأن السبب ليس مجرد تنكر الدولة لها إنما حتمية الاعتراف بأنها تمر بمرحلة تاريخية للانتقال من جيل يستهلك الصحف إلي جيل يستهلك الصحافة الرقمية… لذلك من ينجح في حجز مقعد له في صحافة الغد هو من يستثمر في تأسيس منبر إلكتروني له في مجال الصحافة الرقمية.. وهذا ما أدركته وطني وعملت من أجله منذ عام 2000 وتستمر في المراهنة عليه لاستمرار رسالتها.