يعبر داود النبي عن ثقته في الله قائلا: إني ولو سرت في وادي ظلال الموت, لا أخاف سوءا لأنك معي مزمور23:4, نعيش في عالم غارق في الماديات والشكوك واليأس, حتي إن البعض منا يعاتب الله هكذا: أين معونتك وقدرتك أمام تحديات هذا العالم؟ يحكي عن شخص حلم بأنه عندما كان يعيش في سعادة بفضل الغني والصحة والنجاح, كان يشاهد أثناء سيره علي شاطئ البحر آثار أربع أقدام علي الرمال, ففهم أن اثنتين لله الذي كان يسير بجواره واثنتين له, فكان مطمئن البال لوجود الله بالقرب منه, ولكن مع مرور الوقت ضاقت به الدنيا, حتي إنه فقد كل ما يملك وبدأ المرض يحل عليه, ووقع في الفشل والضعف والفقر, وعندما ذهب مرة أخري لشاطئ البحر, وجد مكان قدمين فقط لا غير, فبدأ في معاتبة الله علي ما وصل إليه قائلا: كنت أري قدميك بجواري عندما كنت في السعادة والغني والصحة والنجاح, ولكن عندما بدأت العواصف والأمواج تثور علي, تركتني بمفردي في مواجهتها!, فأجابه الله: اعلم جيدا, عندما كنت في حالة ميسورة وبصحة جيدة, كنت أسير بجوارك, ولكن عندما بدأت المشاكل والصعوبات تحل بك, حملتك علي ذراعي!, نتعلم من هذه القصة الرمزية درسا رائعا, يجيب علي علامات الاستفهام التي نفكر فيها أو نطرحها, نتيجة لما يحدث لنا طوال حياتنا علي هذه الأرض, لذلك يجب علينا أن نثق في الله الذي لن يتركنا أبدا بمفردنا لمواجهة مشاكل الحياة اليومية, وأن نتكل عليه لأنه يستجيب لنا, ويزيل من أمامنا العقبات التي لا نستطيع التغلب عليها بسبب ضعف قوانا البشرية, ومادام الله معنا, فكل عائق يزول, وكل طريق صعب يمهد, فالإيمان بالله يملأ القلب بينابيع الأمل والثقة, ويبعد عن النفس المخاوف والقلق, نقرأ علي حائط أحد المخابئ بألمانيا حيث كان بعض الأسري مختبئين هناك أثناء الحرب العالمية الثانية: أؤمن بالشمس حتي وإن لم تسطع, أؤمن بالحب حتي وإن لم أشعر به, أؤمن بالله حتي عندما يصمت, هذه الكلمات تجيب عن أسئلة عديدة تواجه إيماننا وصمت الله تجاه الشر الذي يحدث في العالم, وليس كما يعتبره البعض موافقة ورضا منه عما يدور من حولنا, فالله موجود دائما في حياة كل واحد منا, حتي وإن لزم الصمت, هل ننسي أيوب البار الذي فهم معني صمت الله في نهاية حياته, وعرف جيدا أن كل شيء يحدث معه, له معني ومخطط إلهي من أجل خيره؟ مما لا شك فيه أن الله قد يسمح لنا بأن نمر بظروف معينة تدفعنا للقلق, وربما نري كل شيء من حولنا قاتم اللون, ويصل البعض إلي لحظة فقدان الأمل في حلها, ومع كل هذا يجب أن نثق تماما في أبوة الله وأمانته وحنانه, وبكلمة منه يستطيع تغيير كل شيء إلي الأفضل, ويجعلنا نشعر بالطمأنينة وإن كنا في وسط العواصف والزوابع والأمواج العاتية, طوبي للإنسان الذي يلجأ إلي الله ويعتمد علي معونته, لأنه سيحمله بين ذراعيه إذا لزم الأمر, حتي يتخطي العقبات التي لا يستطيع التغلب عليها وحده, فالله معنا بيده الجبارة التي تسند ضعفنا, وتزيل العقبات من طريقنا, أو علي الأقل تمنحنا الفرصة لاجتيازها, لكن بشرط أن نستعين به ونعمل معه, عندما نطلب معونة الله, هل سنخسر شيئا؟ مما لا شك فيه أن طلب معونة الله لنا, لن يكلفنا أي شيء ولكنه سيعود علينا بالخير الكثير, لأن الله يغمرنا ببركاته وعطاياه التي لا تنتهي أبدا, فالله حاضر في حياتنا اليومية وفي كل لحظة, لكن العيب فينا لأننا نتعامل معه كديان صارم ينتظر منا أي خطأ لمعاقبتنا في الحال, لذلك يجب أن نتساءل: من هو الله بالنسبة لنا؟ ديان نعبده بخوف وهلع, أم أب حنون يحبنا ونحبه؟ لذلك يجب علينا أن نؤمن بالله وبأبوته اللامتناهية, وأنه قادر علي تدبير أمورنا أفضل منا بكثير, بشرط أن نلتجأ إليه بثقة بنوية, لأنه يعلم تماما كل ما نحتاج إليه قبل أن نسأله, وما هو الأفضل لحياتنا, حتي إن كانت لنا نظرة أخري في هذا الشأن, والإنسان الذي يثق في الله, لن يتزعزع إيمانه مهما تغيرت ظروف الحياة, ولن يتأثر بخيانة صديق أو غدر حبيب أو كارثة تحل عليه, ونختم بالقول المأثور: رغم أن الله لا يعفينا من كل ألم, إلا أنه يحفظنا في كل ألم.