خلق الله الإنسان كائنا اجتماعيا يعيش وسط جماعة يشعر بها ويتفاعل مع أفرادها ليكملوا بعضهم البعض.
وسط مشاكل الحياة نشعر أن الأفضل لنا أن نحيا بمفردنا ونعيش مستقلين في سلام, حيث نري السعادة تحقيق كل ما نحلم به دون النظر لمن حولنا, ولكن الحقيقة التي نغفلها أن سعادتنا نستمدها من نجاحنا في إسعاد من حولنا وأكد هذه الحقيقة الكثير ممن حققوا نجاحات ولكن لم يشعروا بالسعادة إلا عندما فكروا فيمن حولهم ومنهم الطبيب ألبرت شفايتزر فقد عاش طفولة سعيدة وأحب الموسيقي, وفي أحد الأيام تشاجر مع زميل له في المدرسة, وطرحه أرضا وضربه بعنف, فنهض زميله وقال له: أنت أقوي مني يا ألبرت, أنت تأكل ما لذ وطاب وتشتري ما تريد وتذهب إلي أي مكان وتحاط برعاية الجميع أنت لم تعرف معني الجوع, من أنا حتي أفكر في الانتصار عليك؟ أنا فقير وهزيل. ويقول ألبرت نفذت كلماته إلي أعماقي كالسهم, ولأول مرة تأملت وجهه, لأري آثار المعاناة تبدو عليه ودمعة كبيرة تترقرق في عينيه, ساعدته في ترتيب ملابسه ورجعت منزلي وأنا أفكر لأول مرة في الفقراء والمساكين والمرضي والحزاني, تخرج ألبرت في الجامعة وكتب في الفلسفة والاجتماع والأدب, لكنه لم يكن مقتنعا بما يفعله ووجه صديقه البائس لم يفارق ذهنه, فماذا قدم لإخوته؟ قرأ يوما مقالا في إحدي الصحف عن الأمراض المنتشرة في وسط أفريقيا والمرضي الذين يحتاجون لأطباء ودواء ورنت كلمات صديقه القديم في أذنيه أنت أقوي مني يا ألبرت فماذا فعل هو بهذه القوة؟ وكيف يخدمهم وهو الأديب ورجل الفلسفة؟ ظل الصراع يتصاعد داخله, حتي قرر أن يلتحق بكلية الطب في باريس وهو في سن الـ33 ثم سافر إلي أفريقيا واشتري هناك كوخا صغيرا وضع فيه بعض صناديق الدواء والأجهزة الطبية وعمل ليلا ونهارا حتي أحبه الجميع ولقبوه بـالساحر فمستحيل أن يكون شخصا عاديا. صدر أمر بالقبض عليه وترحيله لفرنسا ودخوله السجن, وفي السجن كان ألبرت هو الطبيب الجسدي والنفسي لزملائه المسجونين, ولما أفرج عنه عاد إلي أفريقيا وهناك بني مستشفي به 25 سريرا لمرضي الجزام.
وفي عام 1952 حصل الدكتور ألبرت شفايتزر علي جائزة نوبل للسلام, فهو الأديب الفنان والطبيب الإنسان.
أدرك ألبرت أننا نستمد السعادة وندرك معني الحياة من السعادة التي نرسمها في قلوب من حولنا.
كلما أعطيت بلا مقابل كلما رزقت بلا توقع.. افعل الخير بصوت هادئ فغدا يتحدث عملك بصوت مرتفع.