الجدل لايزال محتدما حول سيناريوهات الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها العام القادم, ولعلها ظاهرة صحية تستحق المتابعة أن يكون هناك بعض المرشحين الطامحين إلي الترشح والمنافسة علي التدوير السلمي لقيادة هذا البلد, لكن يظل الأمر مرهونا بموقع كل منهم في الساحة السياسية ورصيده في الشارع لدي الجماهير وبرنامجه من أجل خدمة مصر وإعلاء شأنها داخليا وخارجيا والحفاظ علي أمنها القومي.
وإذا كان الكثير من المصريين يؤازرون الرئيس السيسي في إعادة ترشيح نفسه لفترة رئاسية ثانية إدراكا منهم لإنجازاته العظيمة, فذلك لا يمنع أن تكون الانتخابات الرئاسية بين أكثر من مرشح واحد وتعكس تنافسا ديمقراطيا ينتهي بفوز من يستحوذ علي ثقة وتأييد الأغلبية المطلوبة للمصريين. وفي هذا الإطار لا تخلو الساحة من خطابات التأييد للسيسي وحملات رصد إنجازاته, لكن ما أقف عنده اليوم -وكما تعودت أن أنقل ما يقوله العالم الخارجي- هو تقرير تحليلي سياسي استرعي انتباهي عنوانه أولا ثم مضمونه… إنه تقرير حرصت علي مشاركة القراء فيه لأن من لم يتلقه عليه أن يدرك محتواه ومغزاه لأنه يتعلق بمصر الوطن وأمنها القومي أكثر مما يبدو أنه يتعلق بالرئيس السيسي.
التقرير يحمل عنوان أسرار عملية 2024 لإسقاط السيسي… وهذا هو ما يتضمنه من حقائق يستهلها بتساؤل: لماذا مطلوب إسقاط السيسي بأي ثمن في 2024 ومن بعض الأصدقاء قبل الأعداء؟… وتأتي الإجابة كالآتي: الحملات ضد السيسي تزداد شراسة كل يوم, فهو كسر أخطر سبعة خطوط حمراء, مما جعله غير مرغوب فيه غربيا وإسرائيليا, علاوة علي بعض الدول في الإقليم من الأصدقاء قبل الأعداء… سبعة محظورات كسرها السيسي كانت مفروضة علي مصر لتقويض قوتها وقدرتها وتحجيم نفوذها وتطويعها وحصار استقلالها الوطني.
* الأول: الرئيس السيسي كسر كل الخطوط الحمراء المرتبطة بتسليح وقوة الجيش المصري من أول تحويل القوات الجوية لقوات بعيدة المدي ومثلها القوات البحرية بتزويدها بحاملات المروحيات وبالغواصات والفرقاطات العملاقة, هذا بخلاف تطوير منظومات الصواريخ وتوطين تكنولوجيا التصنيع مع كل صفقة سلاح… والأهم أن ذلك تم من خلال سياسة تنويع مصادر السلاح, فكانت النتيجة أنه كلما ازدادت قوة الجيش المصري ازدادت معها مساحة النفوذ السياسي المصري في كل ملفات الإقليم حتي أصبح الخطر المناوئ لمؤامرة مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي أودي بالعراق وسوريا وليبيا ونجح في تدمير جيوشها.
* الثاني: الرئيس السيسي نجح في إنجاز مجموعة المشروعات التي تسحب البساط الاقتصادي من تحت أقدام إسرائيل وبعض الدول الإقليمية وأهمها: تطوير ميناء العريش, عمل خطوط السكك الحديدية: طابا/ العريش, العريش/ بورسعيد, العين السخنة/ العلمين, علاوة علي محور قناة السويس, وشبكة الطرق الرابطة بين الموانئ المصرية, هذه المشروعات دمرت طموح إسرائيل ودول أخري لأن تكون مركزا تجاريا رئيسيا في طريق الحرير الصيني وبقيت الأمور لصالح مصر.
* الثالث: سيطرة مصر علي منظمة منتدي غاز المتوسط -ومقرها القاهرة- والتي جعلت من مصر المركز الإقليمي الأكبر لتداول الغاز في المنطقة بعدما تحولت من العجز إلي الفائض وباتت موردا رئيسيا لأوروبا.
* الرابع: خطط مصر للربط الكهربائي مع كل من أوروبا وأفريقيا وآسيا تحققت بعد نجاحها في مضاعفة توليد الكهرباء وهو ما وضعها في مكانة ضخمة تعكس نفوذا سياسيا واقتصاديا وعسكريا ثقيلا.
* الخامس: تعمير سيناء وربطها بلحمة الوطن بالأنفاق وخطوط السكك الحديدية والمدن الجديدة مما جعلها تسقط للأبد طموحات المحتلين للعودة إليها مرة أخري, خصوصا أن التعمير هو بناء ودفاع في ذات الوقت كما قال العظيم جمال حمدان.
* السادس: تحقيق الاكتفاء الذاتي بقدر كبير في الغذاء والدواء وهما ضلعا مربع الاستقلال الوطني مع الطاقة والسلاح… فمشاريع مصر الزراعية اليوم في كل مكان من توشكي إلي شرق العوينات إلي سيناء والدلتا الجديدة, بالإضافة إلي المشروعات المائية للتحلية والمعالجة والتي أضافت نحو خمسة وعشرين بالمائة من الحصة النيلية لمصر ومكنتها من استصلاح وزراعة حوالي ثلاثة ملايين فدان تمثل ربع إجمالي مساحة مصر المزروعة.
* السابع: اتباع سياسة التحرر من العباءة الغربية والانفتاح علي روسيا والصين والهند لعدم الانتماء إلي معسكر بعينه, الأمر الذي اقتضي اتباع سياسة تحقق توازنا دبلوماسيا دقيقا في أكثر عهود الاستقطاب العالمي منذ الحرب العالمية الثانية وما أعقبها من حرب باردة.
*** كل هذه المحظورات والخطوط الحمراء حطمها السيسي متحديا الشرق والغرب والأصدقاء قبل الأعداء… لهذا لا تستغربوا انطلاق حملات ممنهجة ومتصاعدة ضده خلال الفترة المقبلة تبغي تقويض مشروعه للاستقلال الوطني… وهذا ليس دفاعا عن السيسي ولكنه دفاع عن استقلال مصر.