أعاود اليوم الخوض في ملف المثليين, الكارثة التي تجتاح عالمنا محطمة كل القيم الدينية والاجتماعية, ملتحفة بشعارات الحرية والمساواة وحق تقرير المصير وعدم التمييز بين أفراد المجتمع… وبئس رفع هذه الشعارات لتبرير الباطل والشر والضلال… لكن لا تزال هناك الأصوات التي تستنكر ذلك وتقاوم الزحف المخيف لإعصار المثلية الذي يجتاح عالمنا خاصة جانبه المتقدم (!!!)… وفي هذا الصدد دعوني أسجل واحدة من المفارقات التي باغتتنا بها الأنباء منذ عدة أسابيع, فقد أصدر رئيس دولة أوغندا الأفريقية قانونا يجرم المثلية, دفاعا عن قيم المجتمع والأسرة, فإذا بوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن ينبري للإعراب عن الضيق إزاء ذلك القانون ويصفه بأنه يقوض الحريات ويرسخ التمييز, غير عابئ بالتدخل في سيادة أوغندا وحقها في تقرير مصيرها والحفاظ علي ثوابتها.
النموذج الأول الذي أقدمه اليوم في هذا الملف, يأتي من سيدني في أستراليا حيث شارك رئيس الوزراء الأسترالي في مسيرة لتأييد المثليين ترفع شعاراتهم وتحمل علمهم متعدد الألوان الذي يشار إليه بقوس قزح… وإزاء ذلك صدر احتجاج عارم من مار ماري إيمانويل أسقف الكنيسة الكلدانية في أستراليا ونيوزيلندة, حيث أعلن عن تنظيم مسيرة سلمية تتحرك من أمام كاتدرائية السيدة العذراء مريم للإعراب, عن رفض المسيحيين بدعة المثلية واعتراضهم علي مشاركة رئيس الوزراء في تأييدها -الأمر الذي يضفي عليها مباركة رسمية من الدولة- وجاء ضمن ما صرح به الأسقف: … حركة المثليين لا تتفق مع إيماننا ومعتقداتنا أيا كان مصدرها أو منبعها سواء من أمريكا أو أوروبا أو أستراليا أو نيوزيلندة أو آسيا أو حتي الشرق الأوسط, ولن ننصاع لفرض معايير أو فلسفات تتعارض مع إيماننا… وأقول لرئيس الوزراء: إن انضمامك لمسيرة مؤيدة لحركة المثليين هو موقف منسوب لشخصك ولا تحاول الإيحاء بأنه يمثل توجها رسميا جديدا لأستراليا, لأنه لا ينسحب علي الشعب المسيحي الأسترالي بالضرورة… ويؤسفني أن أسجل أننا نعيش هذه الأيام حركة فساد أخلاقي, حيث تطلق الحريات للحديث عن تأييد المثلية وحقوق المثليين بينما يتم وصم حرية ترسيخ المعتقدات الدينية علي الجانب الآخر بالعنصرية والتمييز… إننا أمام حكومة تتشدق بالديمقراطية بينما هي ترسخ العبودية, ولنا أمام ذلك أن نتشبث بحريتنا في الدفاع عن عقيدتنا وحماية أطفالنا… عقيدتنا ثابتة أن الله خلق الإنسان علي شكله ومثاله, خلقهما ذكرا وأنثي, آدم وحواء.. فإذا اختار أحد أن يحيا بطريقة مختلفة عن إرادة الله فليكن هذا اختياره ولا يحق له أن يفرضه علي الآخرين في المجتمع ويجبرهم علي تطبيقه علي أطفالهم… إنني أعتبر بدعة المثليين واجتياحها عالمنا من أخطر البدع الإنسانية في عصرنا الحديث, وأصرخ لإيقاظ القيم المسيحية التي طالما كانت القوة الدافعة لهذه الأمة الأسترالية, لكنها وياللأسف تتحول هذه الأيام إلي ميراث قديم يستحي البعض من الاعتراف به… إننا نشاهد حركة سحب الكتب المقدسة من مدارسنا لتحل محلها كتب البدع والهرطقات التي حلت علينا لتشين حياتنا.
النموذج الثاني يأتي من أمريكا, وهو صادم ورهيب بجميع المقاييس, حيث يقدم فيلما وثائقيا يسجل ما تفعله الصناعة الأمريكية لتشكيل وعي الأطفال الأمريكيين من خلال تمرير شعارات المثلية إلي إنتاج ملابس الرضع والأطفال… أنا في غاية السعادة لأنك مثلي عبارة ظهرت مطبوعة علي ملابس الأطفال المعروضة في سلسلة متاجر تارجت وأثارت الكثير من الجدل حول زحف منتجات المثلية التي تتسم بطبيعة غريبة مخيفة… وهذه مجرد عينة من ملابس الأطفال التي تحمل شعارات مطبوعة تقول: نحن مسرورون لاختيارك حياة المثلية وملابس للسباحة تحمل شعارات هذا له تأثير عاكس لتفاصيل الصدر ومصممة لإخفاء الأعضاء الذكورية وغيرها من الشعارات التي فجرت شعورا بالصدمة إزاء إقحام المثلية الجنسية في ملابس الرضع والأطفال, حتي يتسلل الوعي بالمثلية إلي عقول الأطفال ويجعل منهم تربة خصبة لتلقي تلك الثقافة المريضة لاحقا في مراحل التعليم والنشأة في المجتمع.
لم تكتف سلسلة متاجر تارجت بذلك, بل وكأنها ضالعة في مؤامرة مبيتة لإعادة تشكيل وعي المجتمع, لم تتورع عن تنظيم عرض مريب لملابس الأطفال يتجاوز شعارات المثلية ويحمل عبارات شيطانية مثل الشيطان يحبك ويحترم من أنت والشيطان هو الأمل والرحمة والمساواة والحب والشيطان يحب جميع المثليين.. وانتشر ذلك علي وسائط التواصل الاجتماعي حاملا شبهة مؤامرة دنيئة كريهة تهدم ثوابت الأسرة والمجتمع… صحيح أن تلك المؤامرة فجرت موجات رفض واستهجان لدي المستهلكين ودعوات لمقاطعة إنتاج متاجر تارجت حتي إن التقديرات تشير إلي تعرضها لخسائر أسبوعية بمليارات الدولارات, لكن يظل السؤال الذي يبحث عن إجابة هو لحساب من تخوض تارجت هذه المغامرة, ومن يتحمل تكلفتها؟!!… فهي تستهدف فصل الأطفال عن أسرهم وثوابتهم سواء شاء ذووهم أم أبوا… وإذا لم يتم فعل شيء حاسم لمواجهة ذلك, هل يحمل المستقبل لنا امتداد هذا العبث إلي سائر سلاسل المتاجر في الولايات المتحدة؟!!
*** أخيرا وأنا أعرض هذه الحلقة من الصعود إلي الهاوية ينتابني شعور مرعب.. هل يمكن أن نفاجأ بغزو تلك الملابس بما تحمله من شعارات كارثية لبلادنا, قادمة مع مصريين سافروا للخارج وأقدموا علي شرائها دون أن يتبينوا ما تحمله من شعارات مطبوعة؟!!… لا تتعجبوا من مخاوفي, فذلك له سوابق وصلت إلينا بفضل السذاجة والجهل وحسن النية!!!