يقول القديس بولس:كونوا في الرجاء فرحين وفي الشدة صابرين وعلي الصلاة مواظبين(رومية12:12) . يحكي عن أربع شمعات كانت مشتعلة في صمت الليل حتي أننا نستطيع أن تستمع لحديثهن. فقالت الأولي:أنا السلام! لكن لا أحدا يرغب في وجودي علي هذا الكوكب, لذلك يجب علي أن أنطفأ. وبدأت تنطفئ بالفعل ويختفي نورها تديجيا ثم قالت الثانية:أنا الإيمان! ولكن للأسف يعتقد العالم أن لا أهمية لوجودي, إذا لماذا استمر في بقائي مشتعلة؟, وعندما أنهت حديثها هب عليها نسيم وانطفأت ثم أخذت الشمعة الثالثة في الحديث قائلة: أنا الحب! ولكني لا أملك القدرة علي البقاء مشتعلة, فالناس يطرحونني جانبا, ولايدركون أهمية وجودي ويتسارعون في القتل والتدمير, ولا يرغبون في أن يعيشوا بمحبة, وبالفعل انطفأت في صمت تام. ثم دخل طفل ورأي الثلاث شمعات منطفئة, فبدأت عيناه تدمع قائلا:لماذا توقفتن عن نشر نوركن, يجب عليكن أن تبقين مضيئات حتي النهاية. وكانت المفاجأة الجميلة له هي أن همست في أذنيه الشمعة الرابعة مشجعة إياه بهذه الكلمات:لا تخف…ما دامت شعلتي متقدة, لأنك تستطيع بها إضاءة الشمعات الأخريات مرة ثانية, فأنا الرجاء والأمل, فابتسم الطفل آخذا شمعة الأمل لإشعال الآخريات. نتعلم من هذه الأمثولة الرائعة, ألا نفقد الأمل مهما كانت الظروف المحيطة بنا, حتي وإن كانت مسيرة الحياة صعبة ومليئة بالشوك والمطبات, لأننا نستطيع بشمعة الأمل أن نضيء كل دروبنا وطرقنا حتي نغير حياتنا للأفضل, متناسين كل ما يعوق مسيرتنا اليومية في هذه الحياة,لكن للأسف هناك الكثيرون الذين يعيشون في حالة ارتباك مما يصطدموا به في الحياة اليومية, وخاصة في معاملتهم مع الناس الذين يتغيرون ويتلونون في تصرفاتهم, لأن كل ما هو أرضي متذبدب. والحل الوحيد هو التحلي بالأمل الذي سيصبح ترياقا ضد الخوف واليأس, لأنه ما دامت هناك حياة, لابد أن يكون أيضا الأمل مصاحبا لها. فالإنسان القوي والصامد في إيمانه, عندما يكتوي بنار المحبة, يتخلص من شوائب الفساد العالقة به, ويصبح بعد ذلك كالذهب الخالص الذي يزداد بريقه ولمعانه, وكلما ازدادت المحنة وشدة الألم, اكتسب معدن الإنسان صلابة وقيمة. لذلك يجب علينا أن نضع ثقتنا وحياتنا في يد الله الذي يؤازرنا نهارا وليلا, حتي وإن لم نشعر بذلك بسبب ضعفنا وانشغالنا بهمومنا وخوفنا من المستقبل الغامض, ونستطيع أن نردد مع داود النبي:إني ولو سرت في وادي الظلمات لا أخاف سوءا لأنك معي(مزمور23:4). مما لاشك فيه أن الصعوبات والمحن هي محك لشخصيتنا, ومدرسة لنضجنا ونمونا, كما أنها تعتبر خبرة نكتسبها في الحياة, وقوة نستطيع بها الصمود أمام كل ما يحدث لنا, واختبارا نقيس به قدرتنا علي عبور هذه المرحلة. كما يجب أن نعلم جيدا بأنه إذا حلت بنا مصيبة أو بلاء, لا نيأس, فمن المحتمل أن تكون أصابتنا لتوقظنا عن غفلتنا, فنعود إلي الله الذي أهملناه, ونبدأ بالتفكير في الآخرين, ونتخلص من الأنانية وحب الذات. لأنه لولا وجود الملل, ما استطعنا أن نشعر بلذة العمل, ولولا وجود الفقر ما شكرنا الله علي الستر, ولولا وجود لحظات الحزن, ما استطعنا أن نشعر بنشوة السعادة ولولا وجود ساعات الضيق, ما اختبرنا معني الفرح, ولولا وجود الشدة والمحنة ما استطعنا معرفة قيمة الصديق المخلص, فهنا يختبر معدن الشخص وقوته لذلك نستطيع من هذا المنطلق أن نكتشف سر وجود الألم ومعني التجارب والصعوبات والتناقضات التي تواجهنا كل يوم, فكل إنسان يمر بنار المحنة والألم, يتخلص من شوائب الحياة العالقة به فيصبح بعد ذلك كالذهب النقي الذي يلمع ويزاد بريقه لمعانا, وكلما اشتدت المحنة والألم, ارتفعت قيمة ومعدن الإنسان.مما لا شك فيه أن الله خلقنا لا ليهملنا فإذا حدث شر أو أصابتنا كارثة فالله أب رحيم لايتركنا بشرط أن يقوم كل واحد منا بدوره, والسعي وراء ما هو أفضل له, لذلك يجب أن نثق في عناية الله لنا كل حين, ونتكل عليه دائما أبدا واثقين بأنه يريد لنا الخير ويعرف ما هو الأفضل لنا, لذلك يجب علينا أن نطلب منه أن يعمل وفق مشيئته لا مشيئتنا. ونختم بالعبارة الهادفة الموجودة علي حائط أحد المخابئ بألمانيا:أؤمن بالشمس حتي وإن لم تشرق, أؤمن بالحب حتي وإن لم أشعر به, أؤمن بالله حتي عندما يصمت.