تعيد الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مثل هذا اليوم الموافق الحادي والعشرين من شهر كيهك من سنة ٦١بتذكار استشهد القديس برنابا، أحد السبعين رسولاً.
وهو من سبط لاوي، وكان اسمه أولاً يوسف، واقامة عائلته في قبرص وُلِدَ فيها، ولما كبر أرسله أبواه إلى أورشليم ليدرس العلوم اليهودية، وهناك تتلمذ مع شاول الطرسوسي على يدي غمالائيل معلم الناموس وأحد قادة الفكر اليهودي الكبار.
وبعد أن أتم علومه، وإذ كان ملازماً للرب، عينه ضمن السبعين رسولاً. ودُعي من الرسل برنابا أي ابن الوعظ أو ابن العزاء. ونال مع التلاميذ نعمة حلول الروح القدس في يوم الخمسين. وإذ كان له حقل باعه وأتى بالدراهم ووضعها عند أقدام الرسل (أع ٤: ٣٦، ٣٧).
والقديس برنابا هو الذي قدم شاول الطرسوسي إلى الرسل والكنيسة في أورشليم وأدخل الطمأنينة إلى نفوسهم، وحدَّثهم كيف أبصر الرب في الطريق (أع ٩: ٢٧).
وقد أوفدت الكنيسة القديس برنابا الرسول إلى أنطاكية عندما عرفت أن الأمميين فيها قبلوا كلمة الله (أع ١١: ٢٢ – ٣۰). ولما رأى نعمة الله فرح، ووعظ الجميع أن يثبتوا في الرب بعزم القلب، لأنه كان رجلاً صالحاً وممتلئاً من الروح القدس والإيمان فانضم إلى الرب جمع غفير.
وعندما اتسع حقل الخدمة ذهب إلى طرسوس وأحضر زميل تلمذته شاول وخدما في أنطاكية سنة كاملة، وعلَّما جمعاً غفيراً. ثم صعدا إلى أورشليم ومعهما تقدمات مؤمني أنطاكية إلى فقراء اليهودية، بسبب الجوع الذي حدث في أيام كلوديوس قيصر. وعند عودتهما إلى أنطاكية أخذا معهما مرقس ابن أخت برنابا ( أع ١٢: ٢٥، كو ٤: ١۰). وهناك قال الروح القدس للكنيسة: “افرزوا لى برنابا وشاول للعمل الذي دعوتهما إليه، فصاموا حينئذ وصلُّوا ووضعوا عليهما الأيادي ثم أطلقوهما” (أع ١٣: ١ – ٣). فسافرا إلى سلوكية ومنها إلى قبرص حيث ناديا بكلمة الله وكان معهما مرقس خادماً. ثم عادوا إلى أنطاكية بعد إتمام الرحلة التبشيرية الأولى، ومنها صعدوا لحضور مجمع أورشليم (أع ١٥: ١ – ٢٩) بسبب موضوع الختان. ثم رجع برنابا وبولس إلى أنطاكية حاملَين قرارات المجمع.
وعند بدء رحلة القديس بولس الرسول التبشيرية الثانية اختار سيلا أما القديس برنابا الرسول فأخذ مرقس وسافرا في البحر إلى قبرص ( أع ١٥: ٣٦– ٤۰). وفيها بشَّر وردَّ كثيرين من أهلها للإيمان بالسيد المسيح فحنق عليه اليهود، وأمسكوه ورجموه بالحجارة ثم أشعلوا النار في جسده. ففاضت روحه الطاهرة ونال إكليل الشهادة. أما جسده فظَلَّ سالماً ولم تحرقه النار فأخذه القديس مرقس الرسول ولفه بلفائف ودفنه في مغارة ومازال قبره في مدينة سلامينا بقبرص.
كنيسة وقبر القديس برنابا الرسول في سلامينا بقبرص
يقع قبر ودير الرسول برنابا، رفيق القديس بولس الرسول في رحلاته التبشيريّة، وخال الإنجيليّ مار مرقس الرسول في مدينة سلاميس في قبرص (في فاما كوستا نحو الشمال)، والتي تبعد حوالي الساعة والنصف من نيقوسيا العاصمة.
♦ كان برنابا من قبرص ومن مدينة سلاميس بالتحديد. كان يهوديٌاً آمن بيسوع واختاره من بين التلاميذ السبعين. بعد صعود الرب إلى السماء، باع كل ما يملك ووزعه على الجماعة الأولى والفقراء. كان رجلاً ورعاً وتقيٌاً وشجاعاً. إليه يعود الفضل في تشجيع بولس وتقديمه إلى الكنيسة في أورشليم وفِي أنطاكيا. كان رجلاً متواضعاً. عندما رأى انً الربً كان مع بولس في تبشيره للأمم، ومدى غيرته في حمل الإنجيل، ارتضى الوقوف وراءه وترك بولس في المواقع الأماميٌة. كان همٌه نشر بشارة الإنجيل. بعد مرافقته بولس لعدة رحلات تبشيريٌة، اختار البقاء في قبرص مبشّراً من مدينة إلى مدينة.
♦ كان اليهود والوثنيٌون يغارون منه لقدرته على جذب الناس نحو يسوع والإيمان الجديد. سيغتاظ منه أحد السحرة في مدينته سلاميس، ويؤٌلب الناس عليه. سيجرّه يهود المدينة والوثنيٌون مكبّلاً إلى ساحة المدينة ويرجمونه حتى الإستشهاد. سيحمله القديس مرقس الرسول إبن أخته ويدفنه في مغارة تحت الأرض خارج المدينة، وكان ذلك حوالي سنة ٦١م.
♦ بأعجوبة، سيكتشف أسقف المدينة قبره في القرن الخامس، ( حوالي٤٨٠م)، وسيُقام ديرًا على إسمه، يبعد قليلاً عنه.
ظل الدير عامراً بالرهبان والقبر مكان حجٌ حتى دخول الجيش التركيّ إلى هذه الناحية من قبرص عام ١٩٧٤. فتُرِك المكان كليٌاً من الرهبان. ووضع الأتراك اليد عليه ونزعوا عنه كل الأيقونات التي كان عددها يفوق ال ١٥٠. للأسف، المكان مُهمَل وهناك جهود لإعادة الحياة إليه.