يعلمنا السيد المسيح بقوله:لماذا تنظر إلي القذي في عين أخيك؟ والخشبة التي في عينك فلا تفطن لها؟ بل كيف تقول لأخيك:دعني أخرج القذي من عينك؟ فها هي ذي الخشبة في عينك, أيها المرائي, أخرج الخشبة من عينك أولا, وعندئذ تبصر فتخرج القذي من عين أخيك(متي7:2-5),ذات يوم كتب ألبرت أينشتاين علي السبورة:9*1=9.9*2=9,18*3=27, وهكذا حتي وصل إلي9*10 وكانت الإجابة 91,ثم بدأت الفوضي تعم في القاعة, لأن أينشتاين أخطأ الإجابة الصحيحة9*10=90, وسخر منه جميع طلابه فانتظر أينشتاين الجميع ليصمتوا, ثم قال:بالرغم من أنني قمت بحل تسع أسئلة بشكل صحيح, لم يهنئني أحد علي ذلك, بينما عندما ارتكبت خطأ واحدا, بدأ الجميع في الضحك والسخرية من شخصي, هذا يدل علي أن الإنسان مهما كان ناجحا سيلاحظ أفراد المجتمع أقل خطأ له, وسوف يشمتون في ذلك, لذا علي كل شخص منا ألا يدع النقد والسخرية يدمران أحلامه وطموحاته,لأن الشخص الوحيد الذي لا يخطأ أبدا, هو الإنسان الذي لايفعل شيئا ولا يقدم نفعا هنا نتساءل: هل لدينا النظرة الإيجابية التي تري كل ما هو جميل يفعله الآخر, وتعذر ما هو خلاف ذلك؟,كيف نستطيع الحكم علي تصرفات الآخرين بنظرة إيجابية؟ هناك خط فاصل يحقق لنا هذا الهدف, ألا وهو نظرة العين لأن العين البسيطة النقية تري وتكتشف كل ما هو جميل وخفي عن العين الشريرة التي لاتري سوي الفشل والسلبيات, كما أن الشخص الذي يتحلي بهذه العين النقية, يغلق عينيه عندما يري أخطاء أو سلبيات, ملتمسا العذر لصاحبها, متخيلا النية الحسنة للشخص, مما لاشك فيه أنه قلما ننظر للغير نظرتنا لأنفسنا, لأن الغالبية العظمي تظن أنها بلا عيب, كما أنها تبرر كل ما يصدر عنها من أخطاء وسلبيات, كم من المرات العديدة التي ألقينا فيها عيوبنا وأخطاءنا خلف ظهورنا, بينما نضع نصب أعيننا أخطاء وسلبيات الآخرين؟ ونقوم بهذا الواقع المؤلم عندما نكون في قطيعة مع أحد,أو في خلاف مع البعض, فنتصيد لهم ما يقومون به دون رحمة ولا شفقة, مهما كانت الظروف التي يمرون بها, أو تلك التي دفعتهم لذلك, وفي كثير من الأحيان نكيل بمكيالين, نتهاون مع سلبيات المقربين لقلوبنا, بينما مع الذين هم في خلاف معنا ننتظر فرصة الوقوع في أخطاء أو ارتكابها, حتي لانرحمهم بسياطنا ونجلدهم بكلامنا أمام الآخرين, أن الإنسان الحقود يشعر بسعادة بالغة, عندما يري الآخرين يرتكبون أخطاء متمنيا لهم الفشل الذريع أو أن تحل عليهم مصيبة لتعصف بهم بينما نجد الأشخاص العظماء والناضجين يتحلون بالنزاهة والتواضع أمام نجاح الغير, ويتميزون بالمنافسة الشريفة والروح الرياضية دون حسد أو ضغينة, من منا يسعي لتشجيع الغير عندما تكون أعماله جميلة وناجحة أو يبدي رأيه لتصحيح الأخطاء حتي تبدو أعمال الغير أكثر جمالا وإبداعا؟ لذلك يجب علينا ألا نتأثر بكلام الناس عنا, لأن الشخص الذي يقوم بأعمال حسنة ومفيدة, لايهتم بآراء الحاقدين, لأن قيمته ليست في أفواه الناس, بل في حسن تصرفاته وشهادة ضميره وأعماله الصالحة, وكلماته المهذبة, لماذا تضطرب قلوبنا إن ظن بعض الناس فينا سوءا أو قالوا عنا ما لا يوافقنا أو يزعجنا؟ يجب أن نعلم جيدا,أنه مهما قالوا عنا خيرا أو شرا,فلن نكون غير ما نحن عليه, لذلك يجب علينا أن نتكل علي الله تعالي, ولا نخاف من أحكام الناس, ففي حالة انعدام المحبة, يصبح الشخص علي أتم الاستعداد لاكتشاف أتفه العيوب والنقائص في الآخرين, ثم يتخيل نفسه ديانا للآخرين, ويبدأ في الحكم عليهم, من يفعل ذلك يؤذي نفسه أولا, أما نحن فنثق في الله فاحص القلوب والأفكار والنيات, قالوا لأفلاطون: لقد سمعنا فلانا وفلانا يمدحونك! فأجاب متألما: ماذا فعلت من الشر والحماقة, حتي يرضي عني هؤلاء الجهلة! لأن المديح الحقيقي يأتي من أصحاب النفوس الكريمة لخير قمنا به, أو بهدف تشجيعنا علي الاستمرار في الفضيلة وحب الخير والتمسك بالأخلاق الحميدة, في حين أن هناك الكثيرين الذين لايهتمون إن كان هذا المديح صادقا ينطبق علي حالهم, أو أنه مجرد مجاملة كاذبة, أو تملق فاضح, وآخرين بالرغم من علمهم بأنهم لايستحقون هذا المديح, إلا أنهم يرضون عنه ويتسلحون به كحجة تعميهم عن عيوبهم ونقاضهم ويرضون عن أنفسهم, ويصبح هذا المديح لهم بمثابة عصابة علي عيونهم, و,نختم بقول الشاعر:أن يعلموا خيرا أخفوه, وإن علموا شرا أذاعوه,وإن لم يعلموا كذبوا.