نقرأ في سفر الأمثال:اسمع, يا بني تأديب أبيك ولا تنبذ تعليم أمك.
فإنهما إكليل نعمة لرأسك وأطواق لعنقك(1:8-9).
ما أجمل الأسرة المتحابة فيما بينها! وما أجمل العائلة التي نجد فيها الاحترام المتبادل بين الآباء والأبناء والتقدير والطاعة من الأبناء لوالديهم! ولكن للأسف كم من الأبناء الذين خسروا الجو الأسري بسبب عصيانهم لوالديهم؟كما أن البعض من الأبناء اعتبروا أهاليهمموضة قديمة فإذا أردنا أن نعيش في محيط عائلي صحي, يجب أن نضع في الاعتبار فضيلة الإيمان مع المحبة الحقيقية لكل شخص في الأسرة.
لذلك يجب علي الزوج أن يحب زوجته بإخلاص ساعيا إلي إسعادها في هذه الحياة بكل ما في استطاعته, وبالمثل يجب علي الزوجة المخلصة أن تبذل كل طاقاتها للقيام بما هو لخير الأسرة, وأن يقوما بنفس الروح تجاه أبنائهما وفي المقابل يجب علي الأبناء الاعتراف بالجميل لما يقوم به الوالدان وطاعتهما وتقديرهما واحترامهما.
وهنا لا تكفي المحبة فقط, ولكن يجب أن نتحلي بالإيمان الذي يساعدنا علي قبول الآخر مهما كانت شخصيته, والاستمرار في حبنا حتي إن وجدت بعض الإخفاقات والاختلافات في الرأي والفكر والذوق.
لذلك يجب علي كل فرد في الأسرة أن يؤمن بالإمكانيات غير المحدودة في الآخر.
فالعائلة محيط غريب, لأن فيها يجب أن تكمن المحبة وتستمر مهما كان الآخر يستحق أولا يستحق.
كما يجب ألا نتبع القانون الذي يرغمنا علي محبة الغير بنفس المقياس الذي يحبنا به أو حسب أعماله.
لأن المحبة داخل الأسرة يجب أن تكون بلا حدود أو حسابات أو تردد وعندما تنعم الأسرة بهذه المحبة الفياضة سيشعر كل أفرادها بسعادة لا متناهية فالعائلة المثالية مبنية علي الإيمان بمحبة الآخر, فالزوجة فيها تحب زوجها ليس لأنه الإنسان الأفضل تفاهما وحنانا وسخاء وصبرا فإذا كان حبها مبنيا علي هذه الصفات فسيكون هناك مبرر لتركه ولكن الزوجة تحب زوجها لأن زواجهما صار مقدسا ومباركا من الله كما أن الزوج يجب عليه أن يحب امرأته ليس بناء علي أنها أجمل واحدة في العالم أو الأكثر لطفا ونبلا وحنانا وصبرا ولكن لأنها زوجته التي اختارها بحرية تامة لتكون شريكة له في كل شيء.
كذلك يجب علي الوالدين أن يحبا أبناءهما الذين وهبهم الله لهما, وليسوا اختيارا منهما في مسابقة للجمال, أو حصلا عليهم كمكافأة, ولكن السبب الحقيقي لقبولهم هو أنهم عطية من الله, ومما لاشك فيه أنهما سيصبحان والدين مخلصين عندما يقومان بتربيتهم أفضل تربية, ويجعلان منهم أبناء رائعين وصالحين.
ونستطيع أن نقول نفس الشيء للأبناء, يجب عليهم أن يحبوا والديهم ليس لأنهما أفضل شخصين في العالم وبدون عيوب, فإذا كانت محبتهم مبنية علي هذا الأساس, فسيكون لهم الحق في تغييرهما بآخرين, ولكن يجب عليهم أن يحبونهما لأنهما والديهما وكفي.
نستنتج من هذا أنه يجب علي كل فرد في الأسرة أن يحب الآخر دون شروط أو حدود, مهما تعددت الأسباب.
وعندما نختبر هذه المحبة داخل الأسرة, سنشعر بأننا أسعد ناس في الدنيا, كما سيعم السلام والوئام في محيط العائلة.
ومما لاشك فيه أنه لا توجد سعادة تقارن بالعائلة المتحابة حقا.
لنتخيل محبتنا غير المشروطة للأطفال جميعنا يجب أي طفل يتقابل معه دون شروط, ومهما صدر عنه من تصرفات غريبة, نلتمس له العذر, ولا نحاسبه علي أنانيته أو بكائه أو صراخه.
فإذا رجعنا بالذاكرة إلي السنوات التي عاشت فيها الأسرة بمحبة صادقة, سنكتشف أنها كانت أفضل سنوات تحمل معها الكثير من الإنجازات والنجاحات والأعمال الرائعة.
كما يجب أن نضع في الاعتبار جيدا أن الإدانة هي كالسوس الذي يهدد كيان الأسرة ويهدمها, لأنه في اللحظة التي نبدأ فيها بالحكم علي الآخرين من خلال المظاهر الخارجية أو العيوب التي تصدر عنهم, ستكون نهاية هذه العائلة وهدمها بالكامل. إذا الأسرة الحقيقية والمثالية هي التي يقبل فيها كل شخص أن يحب الآخرين دون الإلمام بكل شيء عنهم, متخطيا بذلك الخلافات وعدم التفاهم, ونستطيع تحقيق هذا عندما نتحلي بالإيمان الذي يساعدنا علي اكتشاف قدرات وإمكانيات وفضائل الآخرين,فالمحبة تمتلك قوة خارقة للطبيعة بها نستطيع أن نبدل كل شيء إلي الأفضل والأجمل والأنفع, كما أنها تدعونا ألا نستبعد أحدا.
ونختم بكلمات الكاتب علي أمين تعالوا نظلل قلاعنا بأشجار الحب,فإننا لم نحصد من أشجار الكراهية سوي الهزيمة والفشل.