00 مازلت أواصل الحديث مع شقيقةمريم لأن مريم قعيدة البيت منذ إصابتها بالسكتة الدماغية, من يومها ونوبات الغيبوبة لاتفارقها وكان من قسوة القدر أن حكم عليها بالحبس داخل جدران البيت تجنبا لغيبوبة قد تفاجئها في الطريق, المرات القليلة والمعدودة التي خرجت فيها طوال هذه السنوات كانت إما للعرض علي طبيب أو لعمل أشعة, حتي عينات التحاليل كان يسحبها مندوب المعمل وهي تجلس القرفصاء داخل حجرتها التي صارت في عينيهازنزانة.
الأكثر قسوة في حكم القدر ليس مجرد الحبس داخل الزنزانة, لكن كان في عدم الحركة التي حولت جسدها إلي طبقات فوق طبقات, وصار وزنها 124 كيلو جراما!! المشكلة لم تكن في الوزن, ولا في الجسد المترهل, لكن كان في قائمة طويلة من الأمراض صاحبت, السمنة, بداية من سكر في الدم, وانتهاء بالدهون. المتجمعة حول الكبد.
00 حديثي مع شقيقةمريم مضي عليه الآن 11 عاما, ولكنه مازال محفورا في ذاكرتي بكل ما يحمل من تفاصيل صعبة ومؤلمة, مع كل شهر جديد تأتي شقيقتها ومعهاروشتة كتبها الدكتور عبد الناصر علي مراد استشاري أمراض المخ والأعصاب والأستاذ بكلية الطب,
روشتة العلاج لم تتغير كثيرا, مرات يضيف دواء, ومرات أخري يحذف دواء, لكن الثابت الذي لم يتغير طوال هذه السنوات هو تقريره الذي يؤكد فيه في كل مرة أنها مازالت تعاني من نوبات تشنج كبيرة, ويوصي باستمرار العلاج حتي لا تتدهور الحالة.
وأستسلم لتوصية الطبيب المعالج, وإن كنت كثيرا ما حاولت أن أبحث عن طوق نجاة قبل أن تعود الأخت حاملةشنطة الدواء مرات كثيرة كنت أتصل بطبيب أو أكثر من أصدقائنا الذين نثق فيهم, ويأتيني الرد واحدا وإن كانت الأصوات مختلفة, هذه الحالة لا علاج لها وعليها الاستمرار مع النظام الدوائي حتي لا تتدهور.
00 مع كل هذا كان يراودني الأمل في تجاوز محنتها كانت عيناي دائما علي السيد المسيح وهو يصنع المعجزات ويتحدث للتلاميذ بالأمثال وهم يعبرون معه السامرة والجليل, وكانت أذني مع كلماته كما دونها معلمنا لوقا البشير في إنجيلهغير المستطاع عند الناس مستطاع عند الله لكن يبدو أن الله كان يختبر قوة صبرنا, وكان يعدها لصليب أثقل.
مضت الأيام والسنون, وصبرنا يزداد صبرا, وصليبمريم يزداد ثقلا إلي أن جاءتني شقيقتها مضطربة تستغيث مريم المستسلمة لإرادة الله لها ثلاثة أيام لا تتوقف عن الصراخ, كان واضحا أن جديدا جد, ولم يكن أمامنا إلا الذهاب بها إلي أحد المستشفيات التي تتعامل معها وهناك كانت المفاجأة الأكثر ألما.
00مازالت تفاصيل هذا اليوم الحزين من شهر مايو2017 مدفونة في غياهب ذاكرتيمريم التي نحاول أن نلملم جسدها المترهل, ونقلل من نوبات التشنج التي تفاجئها فتنقلها من غيبوبة إلي عالم آخر لا نعرفه.
اليوم لا مفر من دخولها حجرة العمليات لتخليصها منالناسور الشرجي تحت مخدر كلي, وهو ما يتعارض مع تحذيرات الأطباء التي لاتسمح بهذا للضمور الذي أصاب خلايا المخ بالدرجة التي لاتسمح لها بالتخدير لمدة طويلة.
هنا فقط عادت إلي أذني كلمات يسوع غير المستطاع عند الناس مستطاع عند الله وكانت يد الرب مع مريم لثلاث ساعات وهي داخل حجرة العمليات في أخطر جراحة.
عن تفاصيلها وعمل الله معها سأحدثكم الأحد القادم, وإلي أن نلتقي أطلب صلواتكم من أجلمريم.