التدخل المبكر هو كلمة السر التي يمكنها أن تغير حياة الكثيرين, وهناك العديد من الآباء والأمهات ممن آمنوا بضرورته وأهميته, فقاموا بـ الاهتمام بأطفالهم من ذوي الإعاقة منذ الأشهر الأولي لميلادهم, فمنذ نعومة أظفارهم يهتمون بأدق التفاصيل ويقرأون كثيرا ويحاولون استشارة الأطباء والمتخصصين في كل خطوة يخوضونها مع أبنائهم, ولايكتفون أبدا بالاهتمام بالتعليم في المدرسة والبحث عن الدمج وفقط, لكنهم يحرصون علي تنمية مهاراتهم في مختلف المجالات:التخاطب-المهارات الاجتماعية-الفنون-الرياضة-رعاية الذات..إلخ, والمثابرة مع أبنائهم المستمرة وعدم الاستسلام لأي صغوطات أو اليأس حينما يحدث أي نوع من الإخفاق, ولاينتظرون تغير الظروف من حولهم بل يبحثون هم عن تغيير البيئة المحيطة بأبنائهم,تجربة الطفلةرهف عبده من أصحاب متلازمة داون من التجارب المميزة, والتي تؤكد علي أهمية التدخل المبكر وعدم الاستسلام للظروف والضغوطات الكثيرة التي يتعرضون لها.
رهف5 سنوات وتعد أصغر عارضة أزياء من أصحاب متلازمة داون, تحدثنا مع والدتها مروة عبد الرؤوف, وقالت: كنا بنروح كل جلسات العلاج الطبيعي وتنمية المهارات ونسافر للدكاترة كأننا في رحلة وفي سعادة, عمري ما حسيت نفسي أني بعمل حاجة فوق طاقتي ودايما كل مشاوير رهف مهما كانت صعوبتها بالنسبة لي سهلة, والدة رهف قالت:بعد ولادة رهف حمدت الله علي نعمته وأخذت عهدا علي نفسي أنا ووالدها بأن حياة ابنتي ستكون طاقة وليس إعاقة, بعد ولادة رهف وبعد فحوصات وتحاليل علمنا بوجود مشكلات صحية لديها في المعدة والقلب والكبد وأنها تحتاج لإجراء عدة عمليات جراحية, ومرت فترة صعبة بين الأطباء والعمليات والمستشفيات, ولكن في ظل هذه المرحلة كنت حريصة علي القراءة عن كل ما يتعلق بمتلازمة داون وكيفية تنمية وتطوير مهاراتهم, وساعدني وشجعني زوجي وأبنائي ونزلنا جلسات تدخل مبكر لـ رهف في عمر شهور, ولم يكن متاحا في ذلك الوقت في بورسعيد وكنا نسافر لإجراء الجلسات دون كلل أو ملل.
وأضافت مروة قائلة: أكيد كانت هناك أوقات صعبة مررت بها ما بين خوف وقلق عليها وعلي حالتها ومستقبلها ونظرة المجتمع, لكن سريعا ما تخطيت تلك المشاعر واستمرت في جلسات العلاج الطبيعي والتخاطب وتنمية المهارات.
واستطردت: كنا بنروح كل جلساتنا وبسافر للدكاترة كأننا في رحلة وفي سعادة, عمري ما حسيت نفسي أني بعمل حاجة فوق طاقتي ودايما كل مشاوير رهف مهما كانت صعوبتها بالنسبة لي سهلة, لأني نفسي أوصل بيها أنها تكون بصحة جيدة وتأخذ فرصتها في كل شيء زيها زي أي طفلة في سنها, وكنت دايما أدي لنفسي طاقة إيجابية وعمري ما كنت بسمع لأي حد يقولي كلام سلبي بل بالعكس كنت بجمع كل الكلام دا وأبني بها سلم نجاح لبنتي, كانت تواجهنا حاجات كثيرة توقفنا لكن كان بيقابلنا أكتر نماذج مشرفة جدا وأمثلة للأبناء ذوي همم تغلبوا وتفوقوا في الرياضة والفن وشتي المجالات.
وعن عمل رهف في عروض الأزياء قالت والدتها: لما لاحظت حب رهف للتصوير بدأت أني أنزل صور لها جميلة وكأني بقول إن أولادنا موجودون ويقدروا يكونوا فاعلين ومشاركين, والحقيقة رهف لاقت قبولا ومحبة من الناس وبدأت بعدها في المشاركة في عرض أزياء لملابس الأطفال كأصغر عارضة أزياء مصرية من أصحاب متلازمة داون وشاركت 4 مرات مع مصانع وبراندات كل ده أعتبره خطوة في طريق رهف لكني أتمني لها المزيد, وأن تكون في المستقبل ناجحة في التعليم والرياضة, ولقد بدأت بالفعل خطواتها في الدمج بالتعليم, وبمساعدة جلسات التخاطب وتنمية المهارات المستمرة ستنجح وتتفوق.