اقرأ حتي وإن كنت تغرق تمثال في إحدي ساحات هيلسنكي عاصمة فنلندا يحث علي القراءة في جميع الظروف, لأنها سر حياة الشعوب وازدهارها, وقال فولتير: سئلت عمن سيقود الجنس البشري؟ فأجبت: الذين يعرفون كيف يقرأون, وقيل لأرسطو: كيف تحكم علي إنسان؟ فأجاب: أسأله كم كتابا يقرأ وماذا يقرأ.
منذ زمن ليس بعيد كنت أخبئ كتبي المفضلة وسط الكتب المدرسية لأستطيع قراءتها خلسه وقت المذاكرة, وكنت أقرأ بشغف في كل المجالات البعيدة كل البعد عن الدراسة, لم أأسف علي ذلك ولم أندم فالقراءة تعطي لمخيلتك الكثير من المتع, وهي عمارة العقول ومنارتها وهي كنز المعرفة.
حتي ثمانينيات القرن الماضي لم يكن في منافسة القراءة الكثير, ربما كان المنشغلون عن القراءة يتمتعون بممارسة الرياضة والتي لا شك في أهميتها لبناء أجسام صحية والتمتع بالممارسة والمنافسة, أما الآن فقد أصبحت القراءة في الصفوف الأخيرة في ترتيب الأهمية وخصوصا لأطفال هذا الجيل, الذي منحهم التطور التكنولوجي عالما رقميا خياليا يعيشون فيه ليل نهار, بين التجوال عبر وسائل التواصل الاجتماعي, وبين الألعاب الإلكترونية.
الأمر أصبح أشد خطورة وصعوبة في الوقت الحالي, فمع طول وقت حصارنا بوباء الكورونا أصبحت حتي الدراسة والامتحانات عبر الشاشات, فلم يعد في تخصيص لأي وقت بعيدا عن الشاشة, فوقت الترفيه والألعاب أمام شاشة, ووقت التواصل مع الأهل والأصدقاء من خلال الشاشة, ووقت العمل من أمام الشاشة, وأخيرا وقت المذاكرة حتي للأطفال أصبح عبر الشاشة, هل تحولنا من مستخدمين ومتحكمين في التكنولوجيا إلي مدمنين وعبيد لها, هل سيستمر الحال علي هذا المنوال؟ سوف نتحول الي روبوتات بمرور الوقت!!
أتمني أن يدرك الآباء خطورة هذا الوضع وأن يعلموا أولادهم قراءة الكتب حتي لا نندم في المستقبل علي نمو جيل لا يعرف الكتب وأهميتها, يكفي ملايين الأطفال حول العالم الذين لم يجدوا رعاية فكرية أو تثقيفية ولم تصل إليهم أي كتب نتيجة الفقر والجوع والمرض.
الأسبوع الماضي دارت مكالمة هاتفية بيني وبين الدكتورة كرمة سامي مديرة المركز القومي للترجمة وتناول الحديث القسم المنشأ حديثا للأطفال في مكتبة المترجم, وأنه لن يتم الاكتفاء بهذا القسم فهو نواة لمشروع كبير للأطفال في المستقبل, ومن هنا أدعو الآباء والأمهات للعودة بأطفالهم إلي المكتبات لخلق جيل جديد قادر علي التخيل والبحث في الماضي لينير لنا المستقبل.