ربما تكون قد شاهدت فيلم ألزهايمر بطولة الفنان عادل إمام.. الفيلم يصنف في الإطار الكوميدي, ولكن إذا شاهدته وكان أحد أحبائك يعاني من هذا المرض ستجد نفسك متأثرا تبكي وتمتعض وتستاء وربما لن تستطع أن تكمل المشاهدة, وعلي الرغم من أن ألزهايمر عادل إمام لم يكن حقيقيا إلا أنه كان واقعيا وأليما, حيث يتجلي ذلك في أصعب مشاهد الفيلم عندما يبحث البطل عن صديقه ليشكي له مصابه فيجده يعاني نفس المأساة ولكن حالته متطورة حتي وصل به الحال إلي التبول اللاإرادي فينصرف البطل باكيا.
تبكي ملايين الأسر في العالم من جراء رؤية أحبائها في حالة اللاوعي مهما كانت قوتهم أو مراكزهم أو علمهم , فألزهايمر مرض يقتل الإنسان ببطء مهما بلغ من عظمة وشأن عال, يقتله وهو حي يمحو ذكرياته ومشاعره وأفكاره أولا ثم ينتقل إلي كل وظائف الجسم حتي يفقده أي قدرة علي أداء أسهل وأبسط المهام اليومية.
ينتقل مريض ألزهايمر من مرحلة صعبة إلي أخري أصعب حتي يصل إلي المرحلة السهلة الصعبة عندما لا يشعر بشيء ولا يتذكر ولا يتألم ولا يستطع التمييز بين الحر والبرد ولا يشعر بالجوع, هو يعيش في عالم آخر مغلق عليه, ينظر إلي عينيك ولكن لا يراك لا يتفاعل معك لا يبتسم ولا يتهكم مهما حدث, وفي الجانب الآخر يتعذب أفراد أسرته يقاتلون الوقت والمرض بأعصاب من نار فمعاناة رفقاء مريض ألزهايمر تتفاقم يوما بعد آخر وأعباؤهم تزيد مهما كانت قدرتهم علي التحمل فينهارون شيئا فشيئا فكل ما يقدمونه لا يحسن الوضع ولا حتي يحافظ علي ثباته لفتره طويلة فمريض ألزهايمر في سلم تنازلي يوما بعد يوم, وعلي مرافقيه أن يتحملوا أعباء الرعاية والمراقبة لكافة الأعراض اليومية التي يعاني منها بداية من فقدان الذاكرة للأحداث اليومية والإجابة علي نفس السؤال مليون مرة في اليوم وتحمل حالات الهياج العصبي الشديد ثم تأتي حالات الخمول والاكتئاب والحزن والصمت كلها متلاحقة بسرعة بالتزامن مع الجهد البدني للرعاية الجسدية, كل هذا بالإضافة لآلام الفقد النهائي فأسر مريض ألزهايمر تفقده مرتين مرة عند الإصابة ومرة عند الوداع.
وفي دراسة أمريكية حديثة صادرة عن كلية الطب بجامعة واشنطن كشفت أن الأشخاص الذين يعتنون بذويهم المصابين بألزهايمر, غالبا ما ينتهي بهم الحال بالمعاناة بمشكلة التراجع المعرفي وضعف الانتباه وحذرت الدراسة من أن الذين يقومون برعاية مرضي ألزهايمر بحاجة لتلقي الدعم الذي يساعدهم علي الحفاظ علي صحتهم العقلية وقدرتهم علي رعاية أحبائهم بالمنزل عوضا عن إيداعهم بمراكز الرعاية المتخصصة.
والجدير بالذكر أن من بين نحو 50 مليون شخص مصاب بالخرف علي مستوي العالم, يقدر أن نسبة المصابين بداء ألزهايمر منهم تتراوح بين 60% إلي 70%, ويصادف في 21 من هذا الشهر حلول اليوم العالمي لمرض ألزهايمر, والذي يحتفل به منذ عام 1984 في واشنطن حين قدمت مجموعة من الخبراء بمرض ألزهايمر حلما واحدا ورؤية هدفها: حياة أفضل للأشخاص الذين يعانون من الخرف هم وذويهم.