في لعبة ملاهي مرعبة كده في بلاد برة اسمها roller coaster، وأكيد لو قلبك ضعيف ماينفعش تركبها. الغريبة بقى في اللعبة دي إنها في الأول بتكون عِدلة ولطيفة وفجأة تلاقي نفسك متشقلب وعمالة تتلوى بيك وفي لحظة معينة تلاقي نفسك بتتهبد لتحت وإنت ماسك في عصايا قدامك بإيد و مكلبش في اللي جنبك بالإيد التانية. والمثير إن دايماً عند اللحظة النهائية بتلاقي مصورين بياخدولك صورة علشان تحتفظ بيها تسجيل للمغامرة المرعبة دي ولشجاعتك المفرطة. طبعاً أنا من ذوي القلب الضعيف اللي عمره ما استجرى يلعب اللعبة دي بس شفت صور كتير لحبايب فرجوني بكل فخر صورهم وهمَّ فيها. ولاحظت إن الغالبية العظمى بتكون مغمضة عينيها وكأن دي حركة تلقائية بتخفف هول الموقف.
كام واحد فينا ماقالش في نفسه “نفسي أغمض وافتَّح عينايا ألاقي الوقت اللي أنا فيه ده مشي”؟؟ ياريت أغمَّض وافتَّح ألاقي نفسي واقف تاني على أرض عِدلة صلبة؟ بس ياترى هو ممكن يكون الإله اللي خالقك شايف إنه ممكن يكون في وقت من عمرك مالهوش لازمة وممكن تتخطاه؟ تغمض وتفتح تلاقيه خِلص؟ أكيد الوقت صعب ومفيش اتنين يختلفوا على كده، بس إيه رأيك لو حد جاب لك روشتة تخلي الوقت ده يمر عليك ممتع رغم ألمه ومثمر رغم قساوته؟ كل الناس بتتبادل پروتوكولات أدوية وعلاجات علشان تكون جاهزة لو عِيِّت تواجه بيه مرضها في حالة عدم توافر مستشفيات. وكم الناس اللي عايشة على طراطيف صوابعها ليل نهار من خوفها وتوترها (المبرر في نظر البشر) مستنية الكابوس ينزاح وتصحى على نهار جديد زالت منه الغمة. لو في فعلاً روشتة بيها تتمكن من عبور الوقت ده وإنت مِفَتَّح عينك، شايف المشهد وإنت قاعد في برج المراقبة فتشوف المحتاج وتنزل تجري عليه. تعرف عن مريض وحيد تعمل له أكلة تحطها قدام بابه تحسسه إنه مش لوحده وإن في في الدنيا حد بيفكر فيه وبيحبه. وحتى لو مش عارف تخرج من بيتك، بدل ما تمسك تليفونك تقتل بيه وقتك (الثمين اللي بيمثل جزء من حياتك سواء أردت أو لم تريد) تكلم حد من المعزولين الموحودين تسأل عنه وترفع منه وطأة عزلته؟ ولو معاك حبة فلوس تجري تدفع بيها فواتير علاج حد ضاقت بيه دنيته يمكن بسبب قُعاده من شغله. أو وإنت قاعد في مطرحك تبعت رسالة اتشجعت بيها لحد تشجعه هو كمان. وحاجات تاني كتير هتلاقي نفسك بتفكر فيها. وتيجي آخر اليوم وإنت بتمد جسمك المنهك على السرير تلاقي روحك طايرة من الفرحة لإن صابك سهم صغير من الفرحة اللي سببتها لحد غيرك.
عارفين اتصدمت بإيه النهاردة وأنا باقرا عن علامات الأيام الأخيرة؟ تخيلوا إن واحدة من العلامات دي هي “تبرُد محبة كثيرين”. وفي تفسير لچويس ماير واللي مكتوب من زمان قبل الكورونا بتقول إنه من كتر صعوبة الظروف في أواخر الأيام، الناس هتركِّز على نفسها وبس. على مشاكلها ومخاوفها واحتياجاتها وبس. والصراحة وأنا باقرا كلامها لقيتها بتذكر مبدأ ربنا علمهوني من فترة بيقول “أنا أهتم بشغلك (يارب)وإنت تهتم بشغلي”. وأساس المبدأ ده رهيب؛ أساسه الخروج برة نفسك وإنت مُحمَّل بالحب. تصحى كده الصبح بإبتسامة وتقول له “صباح الخير يابابا. هنعمل إيه مع بعض في ملكوتك النهاردة؟” ذاتك مش في الصورة خالص. وجع ضهرك. مشش ركبك. قلة نومك بسبب وجع جسمك. كله بيتنسي في لحظة. وتقوم تلاقي نفسك خارج برة نفسك ومتاح للي يقول لك عليه تعمله. حتى لو عندك كورونا ومش عارف تنطق، هتلاقيه بيهمس في ودانك بحاجات. كل حالة ليها روشتة عنده. مش پروتوكول واحد نازل على الجميع. لأ. لأ خالص. “برودة محبة كثيرين” دي بتبدأ من برودة محبتنا لأبونا السماوي واحنا سامحين لغيوم المرض والصعوبات تدغشش رؤيتنا لحبه وتنسينا إنه “في كل ضيقنا يتضايق”. وتنزل عينينا عنه لنفسنا.
أُرفُض تتصاب مش بالكورونا. أرفُض تتصاب ببرودة محبتك لأبوك السماوي بسبب ظروفك. افتح قلبك لغمر مياهه المحيية. أذكر مراحمه وإحساناته اللي هتلاقيها عاملة زي قطرات المية على الأرض الناشفة المشققة. أخرج برة نفسك وهتلاقيها في فرحة الآخرين. في نظرة الإمتنان في عينيهم. في راحتهم وإنت بتحط كتفك معاهم تشيل أحمالهم. حتى وإنت نايم تعبان في سريرك، صلي. صلي للي جنبك في المستشفى، أو لجارك التعبان برضه وبدل ما تنتشر عدوى الكورونا، نتعدي كلنا حب وخروج عن الذات.
يمكن علامات نهاية الأزمنة من زلازل وبراكين مش في إيدينا. لكن ينفع ما نسمحش لعلامة برودة المحبة تمسك في قلوبنا. أُرفُض القلب البارد. ده بجد في إيدينا. وأصبر وانتظر عبور الضيقة وإنت مفتَّح عينيك.
“وَلِكَثْرَةِ ٱلْإِثْمِ تَبْرُدُ مَحَبَّةُ ٱلْكَثِيرِينَ. وَلَكِنِ ٱلَّذِي يَصْبِرُ إِلَى ٱلْمُنْتَهَى فَهَذَا يَخْلُصُ.” (متى ٢٤: ١٣،١٢).