وأنا قاعدة مع أبويا السماوي باكلمه النهاردة شعرت بالكلمات دي طالعة من قلبي “ثَابِتٌ قَلْبِي يَا ٱللهُ، ثَابِتٌ قَلْبِي.” (مزمور ٧:٥٧). ووأنا باقوله الكلمات دي، سرحت في الجبال اللي شفتها في حياتي مش بس في الصور لكن كمان على الطبيعة. مانساش مهما عشت سفريات الفريق للبنان وبالذات مرة منهم وصلنا متأخر والدنيا كانت ضَلِّمت تماماً ولقينا أتوبيس مكحكح وعتيق مستنينا وواخدنا للمكان اللي هنبات فيه واللي احنا لسه مش عارفينه. مشي بينا الأتوبيس شوية في المدينة وفجأة لقيناه طالع الجبل. واللي طلع الجبل في لبنان عارف منظر الطرق شكلها إيه.
الشوارع أد العربية بالظبط فكم بالحري الأوتوبيس . من ناحية انت شايف الجبل اللي طالعه والناحية التانية هوة سحيقة لا يعلم إلا الله عمقها. ويمكن من ستر ربنا إن الدنيا كانت ضلمة لإنك مش شايف بوضوح المنظر المرعب ده. يادوبك أنوار من بعيد كده تعرفك إنك ماشي على الطرف بالسحتوت. وفجأة دخلنا شارع كده وافتكرنا إننا أخيراً وصلنا، لكن أتاري السواق دخل حتة غلط واحتاج إنه يرجع بظهره علشان يلف.
أنا فاكرة إني كنت قاعدة في الكراسي اللي ورا ومش هانسى شعور الرعب وإنا شايفة الأتوبيس بيرجع على حافة الجبل ومايل لتحت لدرجة إن الرجالة اللي بشنبات سابوا مكانهم في الدكة الورانية وجريوا لقدام وكأن هتفرق لو الأتوبيس وقع إذا كانوا قدام ولا ورا.
والشىء الغريب بقى إن السواق كان عمال يحرك الأتوبيس بحرفنة شديدة وكأنه حاسبها بالمللي وكأنه شايف طرف الجبل اللي قبل الوقوع بشعرة كويس جداً. كان فارق معاه رعبنا وصراخنا والغريبة كمان إن المرافق اللي معاه كان مش خايف وقاعد يطمنا وباين كويس إنه مشي السكك دي قبل كده وعارفها كويس بس الأهم إنه واثق في السواق لإنه ركب معاه كتير قبل كده.
كملت صلاة بدموع وشكرت قائد مسيرة حياتي إنه ضامنها. قعدت أقوله “ثابت قلبي يالله ثابت قلبي”.
عارفاك واختبرتك كتير قبل كده وعندي رصيد طويل من المرات اللي عبرت بيَّا فيها في طرق وعرة وشبه حافة الجبل شبه الأوقات الصعبة اللي كلنا بنمر بيها الأيام دي.
ياما بصيت جنبي وصرخت من رعب الطرف اللي أوشكت أقع من عليه بس مرة في مرة شفتك إزاي بتعديني وتوصلني بحرفنة عجيبة. حسيت إني شبه الراجل اللي كان قاعد جنب السواق. مش خايف حتى لو كان مش شايف، لإنه عارف السواق كويس ومختبره قبل كده.
باقي الآية بيقول “أُغَنِّي وَأُرَنِّمُ.” حاجك كده جوايَّا قالت “مش للدرجة دي يانانسي”. بس بعدها علطول حسيت إنه لأ. هأغني وأرنم مهما كانت الظروف لإن “السواق” قائد مركبة حياتي، مستحق.