دارت بنا الأيام وهانحن نلتقي اليوم.. الكنائس مغلقة والاجتماعات متوقفة.. لكن أبدا لن يأتي كيهك ويمضي دون أن نتذوق حلاوته.. البيوت صارت كنائس تسبح وتمدح في البتول.. يطول الليل ويقصر النهار, وفي الساعات الطوال الباردة من ليالي شهر كيهك -أكثر شهور السنة روحانية وتقديسا- نتذكر إخوتنا الأصاغر المقهورين, المتعبين, المتألمين.. وكان من ترتيبات الكنيسة أن وضعت سهرات كيهك بعد أسبوع من بداية صوم الميلاد وقبل أسبوع من ميلاد ربنا يسوع المسيح.. الكنيسة تعدنا لفرحة الميلاد.. هذا الاستعداد له في الكنيسة خطوات لخصها القديس أغسطينوس في مقولته: أتريد أن ترفع صلاتك إلي الله ليكن لها جناحان هما الصوم والصدقة.
** مع كل أصدقائنا عشنا بركة الصلاة والصوم.. واليوم أدعوكم لننتقل إلي فرحة العيد.. للعيد فرحة في كل العيون, لكن للعيد في قلوب المرضي والمتعبين والمقهورين والمتألمين فرحة لا يعرفها إلا من عاشها معهم.. اغفروا لي إن كنت لم أحدثكم عنها كثيرا فنحن لا نعيشها إلا مرتين في السنة, مع ميلاد المسيح ومع قيامته, ومع ذلك فهي تملأ حياتنا فرحا طول العام.. تقربنا أكثر من إخوتنا الأصاغر.. قد ننشغل معهم طوال العام بالمرور علي الأطباء, والسعي إلي المستشفيات, والبحث عن العلاج, ونفرح بشفائهم وراحتهم, لكن إلي هنا لا تنتهي رحلاتنا معهم.. نحن لا نتركهم حتي لا يغدر بهم الزمن, نتابعهم, ونطمئن عليهم, ونلبي احتياجاتهم ما بعد الشفاء فحقل الخير متسع بلا حدود مادامت عين الرب علينا, ويده تسبق أيدينا, وعطايا أصدقائنا صناع الخير التي هي من عطايا الرب تفيض.. وعندما يأتي يوم العيد نعيش معهم فرحة العيد.. نسمعها من نبضات قلوبهم.
** من هنا كانت دعوتي من تحت مظلة المحطة الأحد الماضي إلي أصدقائنا صناع الخير ليدخلوا الفرحة إلي قلوب كل المتألمين.. اختتمت كلماتي الأسبوع الماضي بقولي: تعالوا نقدم لهم العيدية.. وقائمة صندوق الخير المنشورة إلي جوار هذه الكلمات تسجل عطايا أحبائنا الذين استجابوا إلي دعوتنا.. بداية طيبة.. وكلنا ثقة أن الله سيفيض بعطاياه, فللعيد هذا العام مذاق مختلف في ظل أجواء كورونا المؤلمة, ومن هنا كان إصرارنا أكثر لندخل الفرحة إلي قلوب المتألمين, وأن تتسع دائرة الفرح لتصل إلي عدد أكبر من أحبائنا.
** الصورة المنشورة هنا ربما تكشف لكم فرحة العيد في عيون أحد أصدقائنا.. وكم كنت أتمني لو كنتم معي لتسمعوا الفرحة بالعيد من نبضات قلبه.. صديقنا كيرلس معنا في حقل الخير منذ أكثر من 14عاما.. كانت أول رحلة لنا معه في نوفمبر 2006, وكان عمره أيامها ثلاث سنوات ويعاني من إعاقة ذهنية.. رحلة مفرحة آن الأوان أن أحدثكم عنها في لقاءاتنا المقبلة, ومعذرة إن كنت لم أحدثكم كثيرا عن كيرلس رغم طول رحلته, لكن يغفر لي أن حقل الخير متسع, والحديث عن أصدقائنا لا ينتهي.. المهم أنكم تأخذون بركة الحصاد بتعضيداتكم.. وفي انتظاركم لتشاركونا فرحة العيد في قلوب أصدقائنا.