ورصيدنا في قلوب المحبين فاض في زمن الوباء
الأحد29مارس يوم من عام2020
هل تذكرونه وقد مضي عليه 7شهور بالتمام والكمال…قد يتبادر إلي الأذهان علي الفور أنها شهور الوباء القاتل كوفيد19الذي عرف واشتهر باسمكورونا…هذه حقيقة…لكني أقصد هنا تحديدا أن أذكركم بلقائنا الأخير في هذا اليوم -29مارس2020-تحت مظلةالمحطة علي هذه الصفحة من صفحات وطني.
**طال الغياب في زمن ساده القلق والخوف والفزع والتزم الجميع بإجراءات احترازية فرضت التباعد الاجتماعي بين البشر, وصعب لقاء أصدقائنا المرضي والمتعبين خاصة وغالبيتهم يفيدون من أماكن بعيدة في أعماق القري والعشوائيات…وكان من الأمان أن نأخذ بالأحوط حتي لا نزيد من قهرهم قهرا ومن مرضهم وباء ننشره بأيدينا…وحتي عندما أخذت الدولة بالفتح التدريجي وانتهت فترات الخطر والقلق وعادت المستشفيات إلي استقبال كل قادم, ظلت الإجراءات الاحترازية أكبر من القدرة علي الالتزام بها….حقيقي كل الأبواب مفتوحة لكن تحت شعار ليتحمل الكل مسئوليته.
**سبعة شهور مضت لم نستقبل مريضا جديدا ولم نصطحب متألما, وكان لنا من قبل في كل يوم رحلة مع المرضي والمتألمين…لكن رسالتنا لم تتوقف, فطريق البر لا تغلقه صدادات وحقل الخير متسع لكل الأصدقاء الذين مازلنا نرعاهم…انتهت جراحاتهم,وسكنت آلامهم, لكنهم في حاجة إلي علاج مستدام ودواء متواصل…لم تتركهم يوما,ولم نتخل عنهم لحظة, وظلت شنطة الدواء وبركة الخدمة تصلهم في موعدها حتي معالوباء ووسط الإجراءات الاحترازية.
**ولأن رسالتنا لم تتوقف كان الرب معنا…وكان أصدقاؤناصناع الخير إلي جوارنا وسط كل الهلع الذي كان يعيشه الجميع مع كورونا, ومع كل الأزمات المالية التي لم تترك أحدا…استمر نهر الخير بفيض وظلت عطايا الخيرين لاتتوقف,وتمجد الرب معنا بعطاياهم التي هي من عطاياه…وقائمةصندوق الخير المنشورة علي هذه الصفحة تسجل فيض الرب وتعلن عن 42 صديقا وصديقة لم ينسوا رسالتنا,ولم يتناسوا أحباءنا المرضي والمتألمين…لم نكتب كلمة واحدة, ولم نرفع استغاثة ولم نتصل بأحد, لكن رصيدنا في قلوبهم ظل ينبض بالحب والخير ويفيض بالعطايا.
**وكم كانت فرحتنا بأكثر من خمسة وستين ألف جنيه وصلونا خلال فترة الصمت التي فرضتها عليناكورونا…فرحتنا كانت كبيرة لأن رسالتنا تنبض في قلوب الأصدقاء العطائين حتي ولو توارينا لأيام وشهور…كنا نعمل في صمت, لأن عمل الخير لايحتاج إلي أبواب, وكان الرب يمطرنا بعطاياه وإلا ماذا أقول عن صديق جاء إليالجريدة في الخفاء قدم12500 جنيه مكتفيا ومعترفا بمقولتهمن يدك وأعطيناك…وماذا أقول عن صديقة تفصلنا عنها مئات الكيلومترات أرسلت10000 جنيه…وماذا أقول عن صديقة تجمعنا محبتها وتربطنا بها لسنوات أواصر الأخوة قدمت4000 جنيه باسمعمرو حسان محمد…وماذا أقول عن صديقنا فيالغردقة التي ظل مواظبا علي إيداع200جنيه في بداية كل شهر لحسابصندوق الخير …وماذا أقول عن الابنة التي أرسلت 200جنيه علي روح والدتها المرحومة نرجس فهمي ففرحنا بها كفرحة الرب بالأرملة التي قدمت فلسين….كانت فرحتنا بحق كبيرة بكل العطايا التي قدمها أصدقاؤنا صناع الخير..كانت فرحتنا مزدوجة لأنها جاءت في زمن الضيقات ولأنها جاءت في صمت دون أن نعلن أو نطلب….لكن حقاأبوك الذي يري في الخفاء هو يجازيك علانية.
**مع كل الفرحة التي تمكلتنا بعطايا الأصدقاء…لكن دعوني أصارحكم أن احتياجات أصدقائنا المرضي والمتألمين الذين نواصل رعايتهم ونقدم لهم علاجا شهريا تفوق هذا بكثير…وحتي لا تنسوا اسمحوا لي أن أذكركم ببعض إخوتنا الأصاغر…أحباؤنا عيد وشقيقة صبحي وديع قلادة مرض المخ والأعصابي, والأم عفاف مريضة الروماتويد, وعم خلف عطا مريض الفقرات والصديق ماهر جرجس مريض السكر, والطفل أبانوب عادل المريض بضمور في الأعصاب …إلي آخر كل أحبائنا الذين نقدم لهم علاجا شهريا, فرحلاتنا مع أحبائنا المرضي لا تنتهي بالخروج من حجرة العمليات, أو بوضع سماعة خف الأذن أو بتركيب دعامة في شرايين القلب, أو إزالة حصوة من الكلي…رحلاتنا معهم مستمرة, وعين الرب كانت عليهم وعلينا طوال شهور الصمت…لهذا شكرنا الرب كثيرا لأنه أرسل لنا أكثر من65 ألف جنيه وسط جائحة كورونا….وشكرناه أكثر وأكثر لأنه كان لدينا من رصيدصندوق الخير ما سمح لنا بتغطية كل احتياجات إخوتنا الأصاغر طوال هذه الشهور الصعبة.
**ودعوني أصارحكم بما هو أهم…فمع كل نبضة حب وعطية خير كانت مشاعرنا تهتز بشدة ونفوسنا تتشوق أكثر وأكثر لرحلاتنا مع المرضي والمتألمين…ومن هنا لن نستطيع أن نغفل عيوننا أو نصم آذاننا مهما كانت قسوة الإجراءات الاحترازية, ومهما كانت التحذيرات من موجة ثانية…سنعود نمسك بيد كل مريض, ونحتضن كل متألم ونمضي بهم إلي طريق الشفاء تحرسنا عين الرب, ويؤازرنا وعده أنا هو الرب شافيك…ستفتح وطني أبوابها أمام كل المتعبين, وسنصطحب كل مريض كما كنا إلي أكبر المستشفيات, وأمهر الأطباء…نقف مع كل متألم لأن الرب معنا…وتشرق علينا كلمات يوحنا الحبيبوتبعه جمع كثير لأنهم أبصروا آياته التي كان يصنعها في المرضي.
**لكن….فيما نحن نفكر في فتح أبوابوطني لاستقبال الحالات الجديدة من المرضي والمتعبين, شغلنا تدبير احتياجائهم…حقيقي أن الرب لم يتركنا في رحلاتنا المتواصلة لأكثر من خمسة وثلاثين عاما, وفي أصعب الحالات كانت عطايا الخيرين تمتد بعطايا الرب وتفيض…ولن ننسي أبدا صديقناإيمانوئيل الذي تجاوزت تكاليف رحلة علاجه مليون جنيه دبرها الرب بعطاياه…وفيما كنا نفكر جاءنا صوت قداسة البابا تواضروس الثاني مشجعا…لم تكن مفاجأة, ولكن بالتأكيد كان صوت الرب جاءنا علي لسان قداسته…الأربعاء قبل الماضي ولأسابيع قادمة سيمتد حديث قداسة البابا عن مجموعة من الثقافات التي يجب أن نزرعها في أولادنا,بدأها قداسة البابا بالحديث عنثقافة التطوع…عن الإنسان الذي يتطوع ويقدم من وقته وجهده وأمواله وهو فرحان, وهي ثقافة جذورها مستفدة من الآيةفمن يعرف أن يفعل حسنا ولايفعل فذلك خطية له…مشيرا في كلماته إلي شخصيةنحميا في العهد القديم…كان إنسانا يهوديا لكنه كان أسيرا في بلادبابل يعملساقيا للملك بعيدا عن بلده لكن قلبه كان متعلقا بأورشليم, حزينا للخراب الذي بها, ولما لاحظ الملك هذا أعطاه كل مايحتاج لتعمير أورشليم, ونجح في بناء أسوار أورشليم العظيمة في 52يوما…ومن شكل التطوع الذي قام بعنحميا يعلمنا البابا المعلم كيف نمضي في طريق التطوع…طريق المحبة والبذل والاحتمال…طريق الصلاة والاتضاع…وها نحن ماضون ليتمجد الرب كما نمجد معنحميا بصلواتكم وعطاياكم يا كل الأصدقاء…ماضون لنفرح قلوب المتألمين وقلب الرب.
**سنعود نبذر بذور الخير,غد أيدينا نضمد الجراح نخفف الآلام نواصل رحلاتنا مع المرضي والمتألمين خلفنا مئات المرضي الذين نالوا نعمة الشفاء…وأمامنا مئات ومئات المتألمين الذين ينتظرونا في حقل الخير ودعوة داود المرنم تنادينامن أجل شفاء المساكين وتنهد البائسين الآن أقوم أصنع الخلاص علانية…خصصنا أيام الاثنين والأربعاء والجمعة من كل أسبوع لاستقبال كل مريض يبحث عن علاج وكل متألم يبحث عن السكينة…وأيضا لاستقبال كل صديق يشارك بعطاياه ليأخذ بركة هذه الخدمة ويحرث معنا في حقل الخير…وأضفنا رقم تليفون ثانسا للتواصل واضعين نصب أعيننا إخواتنا المتعبين والمتألمين ممن ليس لهم معين.