يقول السيد المسيح في الموعظة علي الجبل:كذلك كل شجرة طيبة تثمر ثمارا طيبة, والشجرة الخبيثة تثمر ثمارا خبيثةمتي7:17 كم من المرات التي فيها ندين الآخرين ظلما دون تروي معتمدين علي المظاهر والأحكام السطحية؟
كم من الاتهامات التي نلصقها بالغير دون معرفة أو دراسة الحقيقة؟ كم من المرات التي اتهمنا فيها الذين قاموا بفعل الخير معنا معتبرين إياهم أشرارا يسلبون حقنا ومالنا؟ يحكي أن ولدا يتيم الأب كان مشغولا لاينام الليل بطوله لرغبته في شراء هدية قيمة لوالدته الفقيرة بمناسبة عيد الأم, وخطرت علي باله فكرة غريبة من إيمانه وثقته في أبوة الله وحنانه له,وهي أن يكتب خطابا موجها له طالبا منه أن يرسل له خمسمائة جنيه وضعه في صندوق البريد, وعندما لاحظ أحد رجال البريد اسم المرسل إليهالله دعا اثنين من زملائه وفتحوا الطلب معا لمعرفة المكتوب به, وبعد قراءته تحركت أحشاؤهم متأثرين من هذا الطلب, فاتفقوا أن يساهموا معا في تحقيق أمنية الطفل اليتيم, فوضع كل واحد منهم مائة جنيه, ثم وضعوا المبلغ كله الذي صار ثلاثمائة جنيه في مظروف للطفل اليتيم وأرسلوه علي عنوان هذا الطفل, وبعد عدة أيام وصل لرجال البريد خطاب ثان موجه لله وكان مكتوبا فيه أشكرك يارب علي المبلغ الذي أرسلته لي لتحقيق أمنيتي في شراء هدية لوالدتي في عيدها, وفعلت ذلك رغم من أن رجال البريد اللصوص سرقوا مائتين جنيه من المبلغ الذي أرسلته لي, شكرا لك يارب علي كل حال هذا يدل علي أن فاعلي الخير لايسلموا من معاداة الناس وسوء ظنهم, فمن الأفضل لنا أن يظلمنا الآخرون ويعادينا نتيجة أعمالنا الحسنة والخيرة, من أن يحدث هذا بسبب شرنا وفساد أخلاقنا, لذا لانتخذ من سلوك هؤلاء ذريعة وحجة للابتعاد عن فهل الخير, فعل يعقل أن يبتعد الناس عن مزاولة أي مهنة لأن هناك البعض من غير الشرفاء اولونها؟
لتعلم من الطبيعة التي لاتبخل علي الإنسان الذي يفسدها ويدمرها, ولكنها تستمر في عطائها وسخائها له, فلنزرع كل ماهو خير ونافع وصالح مع من يستحق أو من لايستحق,لنزرع أحسن ما فينا من أفكار ومباديء وآمال فيجب علينا ألا نترك وسيلة دون اللجوء إليها للقضاء علي الشر الموجود في محيطنا, ولاتوجد قوة تستطيع أن تقاوم الشر وتقضي عليه, مثل الخير الذي نقوم به في محيطنا, من المفروض أن نتجنب الشر, ولكن الامتناع عن عمل الخير هو جريمة في حق المجتمع الذي نعيش فيه كما أنه شر لايمكن أن يرضي به إنسان خلق علي صورة الله ومثاله لأن الله ينبوع ومصدر كل خير وصلاح, إذا يجب علي كل واحد منا أن يصير مصدرا للخير, متي نفهم أننا في العالم الغارق في الشر والفساد, لايكفينا الابتعاد عن الشر والامتناع عن الظلم طبقا للوصايا المقدسة وأن نكون مكتوفي الأيدي مبررين ذلك بأننا لم نؤذ أي شخص, لكن لكل واحد منا رسالة مهمة يجب أن يقوم بها من أجل خير للآخرين وفي هذه الحال سيتبدل العالم إلي الأفضل, كثيرون يبررون امتناعهم عن الخير والصلاح لسوء فهم الآخرين واتهامهم بالنوايا السيئة والمصالح الشخصية والأهداف غير النبيلة, لذلك يقول بولس الرسول: لاتدع الشر يقهرك بل كن بالخير للشر قاهرارومية12:21 إذا لا نهتم برد فعل الناس تجاه ما نقوم به من خير لأن كل يد ينفق ما عنده, فنسعي للتعامل بطريقة حسنة مع الحاقدين والكارهين ليس لأنهم يستحقون, بل لأننا أصحاب أصل ومبدأ كما يجب أن نضع أمامنا أننا إخوة في البشرية, إذا لانقيم الأمور بأن هذا يستحق وذلك لا, فالزنبقة زنبقة بجمالها وعطرها, ولو كانت تنمو في الوحل, فالمحبة الحقيقية تدعونا أن تكون لطفاء مع الجميع ونتصرف بحب من يعاملنا بسوء أو يخاطبنا باستخفاف, كما أن المحبة تدعونا إلي معاملة من جرح كبرياءنا بطريقة حسنة ولانحقد عليه ولا نبدي له أي جفاء فإذا جعلنا نصب أعيننا الله ووصاياه فلن يوجد مستحيل أو صعب علينا حتي الذين ظلمونا أو تسببوا لنا بالشقاء, فالإنسان الصالح مثل الزهور كما يقول العظيم Ghika: إنها تعطر الأيدي التي تسحقها.