أعطانا ذاته تاركا سماءه متخليا عن مجده.. مرتضيا أن يولد في مذود حقير للبقر في أضعف وأفقر صورة.
أعطانا النور: حينما سقط الإنسان دخل إلي عالم الظلمة, ظلمة الخطية والانفصال عن الله.. فالله نور وساكن في النور وتسبحه ملائكة النور(1يو1:5, اتي6:16) لهذا فالخطية هي الظلمة, ظلمة الانفصال عن الله النور وظلمة العمي الروحي,عمي البصيرة الذي يتبع ذلك والخاطئ بالفعل إنسان أعمي لا يري النور,لايري نفسه, ولايري الله,ولايري الطريق.. وهكذا يتخبط حتي إلي الموت والهاوية.. كانت البشرية تعيش في الظلمة:
ظلمة العقل: عاشت البشرية قرونا تتصور الإله وثنا تتعبد له تارة في شكل صنم من حجر أو ذهب وأخري في شكل مخلوق قوي كالعجل أبيس أو الحية.. أو في صورة أحد مخلوقات الله كالشمس أو البحر أو النار…
ظلمة الغريزة: غرائز تقود إلي الشر.. القتل والتملك والزني..
ظلمة الخطية: سيطر عدو الخير علي الإنسانية وأعطاها قدرة اختراع الشرور فسمعنا عن موبقات كثيرة…
-أشراقات خافتة…
ظهرت تطل علي البشرية:كلمات الأنبياء التي تدعو الناس إلي طريق الرب والخضوع لناموسه ووصاياه…وكثرت الشرائع والطقوس والذبائح والاغتسالات والفرائض, لعلها تصنع شيئا, ولكنها لم تكن كافية لتغيير الطبيعة التي فسدت,وكذلك ظهرت مجموعة من الفلاسفة يبحثون عن الحق وعن الله…ولكن هذا كان كله مجرد شموع خافتة…
وظهر النور:-فحينما ولد الرب أضاء مجد الرب حول الرعاة وسمعوا البشارة بميلاد المسيح…(نور العالم يو8:12).
أعطانا الخلاص:ولد لكم اليوم مخلص(لو2:11)..بميلاد المسيح ولد المخلص بل ولد الخلاص,فلا خلاص دون فداء,ولا فداء بدون تجسد, ولا تجسد بدون ميلاد.انتظرت البشرية هذا الخلاص منذ زمن بعيد.. وإن كان آدم الأول به متنا فبالثاني نحيا ونخلص.. خلصنا من الهلاك والموت الأبدي.. وإن لم يكن خلاصا سهلا فقد كلفه دمه الكريم وجسده المكسور .. وإن كنا نؤمن أن الخلاص يبدأ بالمعمودية وينتهي بالموت.. وهذان نأخذهما مجانا فبقي الشرط الثالث وهو الأعمال الصالحة والتوبة.. وهذه مسئوليتك.. فهل تجدد الآن عهود التوبة؟.
أعطانا المجد: إن كان الله قد خلق الإنسان علي صورته ومثاله من ناحية المجد والبهاء فإنه فقده بالسقوط.. وصار تحت نير الشيطان ويتهاوي تحت ثقل ضربات الجسد المتمرد, والغريزة الثائرة, والطبيعة الملوثة..
وكان صعبا علي الله أن يترك الإنسان -خليقته المحبوبة – ليضيع, فيفرح الشيطان, وتهوي صورة الله إلي قاع سحيق من المهانة. نعم كان الموت للإنسان هو حكم الله ولكن هذا يعني عدم قدرة الله علي الاستمرار في مشروعه أو عدم حنان الله علي بشر ضعيف تعرض لإغراء العدو الشرير, وحاش لله أن نشك في قدرته أو حبه.. إذن فليسامح الإنسان.. وهذا غير مقبول ففيه ضياع لحقوق العدالة الإلهية-التي حكمت بموته وفيه استمرار للفساد الإنساني حتي بعد مسامحته علي السقطة الأولي والخطيرة.. إذن فليفتدي الإنسان فتجسد ابن الله ومات عن الإنسان إعمالا للعدالة الإلهية – وتعبيرا عن الحب الإلهي في آن واحد. وهكذا رأينا (الرحمة والحق التقيا.البر والسلام تلاثمامز85:10).
-لذلك كان طبيعيا أن تصرح جوقات الملائكة (المجد لله في الأعالي…) فميلاد المخلص كان التمهيد الطبيعي للفداء والقيامة والخلاص…